شرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريرا نقلت فيه عن يورام ميتال، رئيس مركز حاييم هرتسوج لدراسات الشرق الأوسط والبروفيسور بجامعة بن جوريون في النقب، قوله إن نظام عبدالفتاح السيسي ربما استطاع تحقيق قدر من الاستقرار، لكنه من ناحية أخرى، انتهك حقوق الشعب المصري وتسببت حكومته في كثير من التجاوزات بحجة استعادة النظام والأمن.
جاء ذلك في سياق تقرير نشرته الصحيفة حول قيام مسلحين إسلاميين مشتبه بهم بشن هجومين في مصر يوم الاثنين الماضي ضد قوات الأمن، مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة 10 أشخاص على الأقل، إضافة إلى الهجوم على نقطة تفتيش للشرطة في محافظة البحيرة بدلتا النيل أسفر عن إصابة 5 من رجال الشرطة، وفقا لوزارة الداخلية.
وأضاف ميتال في تصريحه الخاص للصحيفة أن كثيرا من المصريين الذين وقعوا تحت وطأة حملات القمع التي تشنها الحكومة ليسوا إرهابيين، ولكنهم أعضاء في المعارضة الداخلية.
وأشار إلى أنه وفقا لاتصالاته بمسؤولين مصريين، كانت الحكومة المصرية قادرة على إنتاج نوع من الاستقرار من حيث الاقتصاد وداخل المدن الكبرى، وأدى ذلك إلى عودة لنوع من الحياة الطبيعية، لكن هذا الصراع العنيف بين النظام والمسلحين في سيناء وفي جميع أنحاء البلاد لم ينته بعد.
وتابع ميتال: «انتخب السيسي لتحقيق الأمن واستخدام سياسة القبضة الحديدة ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن النتائج جاءت مختلطة، واشتكى كثيرون من تجاوزات الحكومة وابتعادها عن مسارها وانتهاكها لحقوق الشعوب».
وتابع: «إن المبادرات التشريعية من قبل الحكومة التي تهدف إلى محاربة الإرهاب تعرضت لانتقادات من قبل فقهاء القانون المحلي لانتهاكها دستور البلاد، وهناك توتر دائم بين الجهود الأمنية والحقوق المدنية».
من جانبه نشر موقع المعهد الأميركي اليميني «ميدل إيست فورم» تقريرا لمراسله رايموند ستوك وهو محلل سياسي متخصص في شؤون الشرق الأوسط والذي أقام بالعاصمة المصرية القاهرة لعقدين من الزمان وكتب العديد من التقارير عن مصر والشرق الأوسط للعديد من الصحف منها فيننشيال تايمز، وإنترناشيونال هيرالد تريبيون.
وقال ستوك في تقريره الذي نشره المعهد عبر موقعه الإلكتروني إن تطرف الإسلاميين وظهور تنظيم الدولة الإسلامية أسهم في تمكين السيسي من تعزيز مكانته وترسيخ حكمه على الصعيد المحلي، فضلا عن اكتساب شرعية دولية واسعة النطاق.
وأضاف ستوك أن السيسي ليس أكثر تسامحا من سابقيه تجاه المعارضة السياسية، وهو ليبرالي يريد أن تصبح مصر أكثر انفتاحا وتسامحا، ومتكافئة دينيا كما يتضح من معركته المتشددة ضد ما وصفه بعنف جماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر أن السيسي هو، الرئيس المصري الوحيد الذي طالب رجال الدين في الأزهر بإنهاء التفسيرات المتشددة للإسلام والتمييز المجتمعي لغير المسلمين، وقدم السيسي مبادرات للتصالح والانفتاح على المسيحيين الأقباط وتخفيف التطرف الديني في مناهج التعليم.
لكنه رأى أن نجاح الرئيس في استعادة النظام تآكل بفعل صعود تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتجدد أعمال العنف المتهم بتنفيذها جماعة الإخوان المسلمين، فضلا نشر الفوضى في سيناء، مشيراً إلى أن افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة وتشجيع الاستثمار الأجنبي هي محاولات لإنعاش الاقتصاد المصري وتعزيز مكانة الدولة على الصعيد الدولي.
ولفت التقرير إلى أن التعاون الأميركي مع النظام المصري الحالي كان محدودا للغاية نظرا لتقارب الرئيس أوباما مع حكومة جماعة الإخوان المسلمين التي أطيح بها. وبينما رفعت واشنطن تجميد المساعدات الأميركية لمصر، لم تعد تقوم بتمديد دعمها بمساعدات عسكرية واستراتيجية، الأمر الذي دفع السيسي مضطرا إلى اللجوء إلى روسيا وفرنسا للحصول على الأسلحة والسفن الحربية.
واعتبر ستوك أنه كان خطأ استراتيجيا وأخلاقيا لإدارة أوباما التخلي عن مبارك دون محاولة لترتيب خليفة ملائم يمنع مصر من الانزلاق إلى الفوضى، التي لم تتعاف منها إلا جزئيا. ومثلما دعمت الرئيس الإسلامي محمد مرسي بعد مبارك، كان ينبغي لها تأييد السيسي الأكثر اعتدالا وبراجماتية بعد سقوط الأخير.
وختم تقريره بالقول: في الوقت الذي ينشر فيه تنظيم الدولة الإسلامية مخالبه في جميع أنحاء المنطقة، يقدم الرئيس المصري فرصة للتأثير على النقاش من خلال الترويج لإسلام أكثر تقليدي، وإن كان في ذلك مخاطرة كبيرة عليه.