قالت مصادر سياسيّة وأمنية إسرائيلية الثلاثاء إنّ الكثير من المؤشرات المقلقة في الساحة الفلسطينية، ظهرت خلال الاسبوعين الماضيين والتي تثير المخاوف من اندلاع وشيك لأعمال عنف في الضفة الغربيّة المُحتلّة واستئناف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو إسرائيل.
ولفتت المصادر عينها إلى أنّ السلطة الفلسطينية غير معنية بانتفاضة ثالثة وقيادة حماس غير معنية الآن باستئناف إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، لكن هناك احتمال أنّ الأمور تخرج عن السيطرة وتتدهور لتشمل أعمال عنف و”إرهاب” ضدّ إسرائيل، حسبما ذكرت.
وبرأي المصادر عينها، فإنّ التطورات الأبرز متعلقة بقطاع غزة، وهي فشل جهود توني بلير، مبعوث الرباعية الدولية، الذي حاول أنْ يكون بمثابة وساطة بين إسرائيل وحماس من أجل اتفاق هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة مقابل رفع الحصار وإقامة ميناء، مُشدّدّةً على أنّ قيادة حركة حماس تتهم إسرائيل بفشل مبادرة بلير وتعترف أنّه ليس هناك أي هدنة تلوح في الأفق.
بالإضافة لذلك، بدأ المتحدثون باسم حماس مؤخرًا باتهام إسرائيل بالتورط بخطف أربعة نشطاء “الكوماندوز البحري” التابعين للذراع العسكري، والذين كانوا في طريقهم لتدريبات في إيران، وتم اختطافهم على ما يبدو على يد الاستخبارات المصرية، الذراع العسكري لحماس أعلن أنّه يُعارض بشدة أمر الاختطاف ولن يتم تجاهل الأمر. وبحسب مقال نشره موقع (NEWS 1) الإخباريّ-الإسرائيليّ فإنّ اتخاذ قرار جولة حرب جديدة أمام إسرائيل بيد قيادة حماس، ولكنّ أغلب سكان القطاع يعارضون استئناف الحرب، لأنّهم ما زالوا يلعقون جراح “الجرف الصامد”، 2.170 شهيد، وعشرات آلاف الجرحى، و18 ألف بيت مدمر ومصانع ومنشآت مدمرة، إعادة إعمار القطاع ما زال أمر متعثر وليس هناك حل في الأفق.
وساقت المصادر ذاتها قائلةً إنّ قيادة حماس باشرت في تسخين الجو العام ضد إسرائيل، في الوقت نفسه، تعمل على بناء الأنفاق وصناعة الصواريخ التي استنزفت كنتيجة لعملية “الجرف الصامد”، زاعمةً أن الأسباب التي أدت لإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل قبل عام لم تتغير، الحصار على القطاع ما زال مستمرًا، الوضع الاقتصادي يتدهور وليس هناك حل لمشكلة الانقسام بين الضفة والقطاع، وأزمة الرواتب لموظفي حماس.
أيضًا الوضع في الضفة الغربية على وشك تقويض الاستقرار في أعقاب الجمود في عملية السلام والصراع على السلطة داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، قالت المصادر وأضافت إنّ محمود عباس يهدد بالاستقالة من الحياة السياسية، حتى لو كانت هذه مناورة سياسية، إلا أنها تبث في المنطقة جو عدم استقرار سياسي وأمني.
وبرأيها فإنّ القوى المتطرفة داخل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية المعارضة لسياسات عباس تجاه إسرائيل بدأت بالنهوض، وتطالب باتخاذ مواقف أكثر تشددًا ضد إسرائيل. وتطرّقت المصادر إلى معركة الخلافة على منصب رئيس السلطة الفلسطينية لافتةً إلى أنّه يُمكنها أنْ تتصاعد، إذًا أعلن فعلاً أبو مازن استقالته من الحياة السياسية، ويمكن أنْ تفتح جبهة مواجهة عنيفة في الضفة الغربية، والتي ستؤدي لوقوع نشاطات ضد إسرائيليين يعيشون في الضفة.
وشدّدّت المصادر في تل أبيب على أنّ خلق حالة من عدم الوضوح والتردد في معركة الخلافة الفلسطينية يمكن أنْ يتسبب بحالة من الفوضى الأمنية وضعضعة التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي تشكل عنصرًا مهمًا في اتفاقيات أوسلو.
ورأت أيضًا أنّه إذا حدث وتحقق هذا السيناريو فلن يكون للجيش الإسرائيلي أي خيار وسيضطر للسيطرة من جديد على مناطق السلطة الفلسطينية وسيدخل للمدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين من أجل منع إقامة مراكز “إرهاب” ضد إسرائيل.
وقال مُحلل الشؤون الفلسطينيّة في موقع (WALLA)، آفي إيسخاروف إنّه يتحتّم على صنّاع القرار في إسرائيل الانتباه لتلك التطورات، حيث أنّ جزءً من الدول المجاورة ترصد ذلك، لافتًا إلى أنّ الأردن ومصر تشعران بالقلق الشديد إزاء احتمال تضرر الاستقرار في الضفة الغربيّة، الأمر الذي سيؤثر على الوضع في أراضيهم، لذلك باشروا بحملة إقناع محمود عباس بأنْ لا يستقيل من الحياة السياسية. وتابع المُحلل الإسرائيليّ قائلاً إنّ المعضلة تكمن في أنّه بعد أربع مرّات هدد فيها عبّاس بالاستقالة، وانتظر المُشجعين للتصفيق له لثنيه عن قراره، فإنّ الوضع اليوم تغيرّ في حركة فتح وفي الشارع الفلسطينيّ، إذْ أنّ التهديدات فقد مصداقيتها، وبالتالي، فإنّ الشعب الفلسطينيّ بات يُطالب عباس بإخراج تهديده إلى حيّز التنفيذ، على حدّ تعبيره. في الساق ذاته، اتهمّت مصادر سياسيّة وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب رئيس السلطة عبّاس بأنّه يعمل على استفزاز الإسرائيليين، وقالت إنّ تهديده بالإعلان من على منصة الأمم المتحدة بإلغاء اتفاق أوسلو، وهو مجرّد تهديد فارغ المضمون، على حدّ تعبيرها.
وتابعت قائلةً إنّه في حال أعلن عن إلغاء أوسلو فإنّه سيجلب أولاً الضرر الفادح للشعب الفلسطينيّ، وسيُعيده سنوات كثيرة إلى الوراء، حسبما ذكرت.
وشدّدّت المصادر على أنّ السلطة الفلسطينيّة متعلقّة بالتنسيق الأمنيّ مع إسرائيل، وفي حال إلغاء اتفاق أوسلو، فإنّ التنسيق الأمنيّ سيتضرر، وستقوم حماس خلال فترة قصيرة جدًا، عدّة أسابيع، بالسيطرة على مجريات الأمور في الضفّة الغربيّة، على حدّ قولها.