حذرت صحيفة “أوبزيرفر” من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الى اوروبا ما يهدد فكرة ( العائلة الأوروبية الواحدة والتي تعد ضمن أدبيات المملكة المتحدة البريطانية والتي تحدث عنها رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرتشل عام 1946، معرجة في ذات الوقت أن المواطنون الاوروبيون رحبوا بالمهاجرين عكس ما كان متوقع.
واضافت الصحيفة في تقريرها الذي نشرته الاثنين أن هذا الحلم بعائلة أوروبية واحدة يتعرض اليوم، أكثر من أي وقت مضى، للتهديد من خطرين: أزمة منطقة اليورو وحركة المهاجرين باتجاه أوروبا.
وترى الصحيفة أن جوهر الفكرة التي قام عليه الاتحاد الأوروبي في خطر. فالقادة المؤسسون للاتحاد في بروكسل رأوا في إنشائه مرحلة لحماية المصالح المشتركة لدول أوروبا.
واعتقدوا أن أمن وسلامة القارة يعتمدان بالضرورة على قادة وطنيين ينظرون أبعد من مصالحهم الوطنية قصيرة الأمد.
وتستطرد الصحيفة ، أن ما جرى لليورو وأزمة اللاجئين يطرح سؤالا صعبا حول “ما معنى أن تكون أوروبيا؟ وهل ما تزال الفكرة الأصلية للاتحاد قوية أم إن توسيع وتعميق الاتحاد أدت لتراجعها؟
ولفتت أن التعامل مع الأزمتين ( اليورو واللاجئين) أظهر توترا للقيم التي تتغنى بها الدول الاوروبية المتحدة وكذلك نزعة عرقية اشبه ما تكون بالعنصرية ، اذ كل دولة تركز على حماية مصالحة الوطنية بالدرجة الاولى وتحمل مشاعر معادية للمهاجرين كذلك.
وترى الصحيفة أن أزمة اللاجئين هي نتاج كوارث في الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكنها في أوروبا هي أزمة مصنوعة جاءت بسبب غياب رد أوروبي مشترك عليها.
فما كان بحاجة إليه هو مراكز استقبال للمهاجرين وكوتا إجبارية على كل أعضاء الاتحاد الأوروبي وتنسيق من أجل إعادة توطين المهاجرين بشكل يسمح لهم التقدم وبطريقة قانونية بطلبات لجوء، بالإضافة إلى مواجهة مشكلة المهربين ودعم دول الجوار السوري التي تستقبل اللاجئين مثل الأردن ولبنان.
وبدلا من القيام بهذا “شاهدنا فوضى”، فقد رفضت عدة دول التمسك بميثاق دبلن، وهو ما ترك دولا أوروبية فقيرة لمواجهة موجات هجرة كبيرة، حيث قامت دول مثل هنغاريا ببناء سياج لمنع المهاجرين في الوقت الذي فتحت فيه كل من السويد وألمانيا أبوابهما.
ونتائج هذه السياسة واضحة من اختناق المهاجرين في الشاحنات وحشر الناس في القطارات. و”يعني فشلنا في الرد الجماعي، أننا نتحمل بعض المسؤولية مثل الدكتاتوريين والمتطرفين الدينيين” المسؤولين عنها.
ودعت الصحيفة الى ضرورة تطبيق القيم التي أسسها ” الآباء الأوائل ” بشكل عاجل وذكرت بأهمية ما قاله وينستون تشرتشل عن عصبة الأمم “لم تتصدع عصبة الأمم لانهيار مبادئها أو تماسكها فقد انهارت بسبب تخلي الدول التي أنشأتها عن مبادئها ويجب عدم تكرار الكارثة”.
لكن الكارثة على ما يبدو ستتكرر ( بحسب الصحيفة) حال استمرت دول أوروبا بتغليب مصالحها الخاصة على المصلحة العامة. وهذا ما يطبع موقف كاميرون الذي يتعامل مع فكرة الاتحاد الأوروبي بطريقة براغماتية، فهو لا يريد مهاجرين ولكنه يريد تأثيرا كبيرا في بروكسل.
وتقصد الصحيفة هنا المصالح الاقتصادية للاتحاد الاوروبي والتي يريدها رئيس وزراء بريطاني ويتجاهل في ذات الوقت سلبيات الاتحاد من تحمل مسئولية مشتركة أمام اية تستلزم تقديم موقف وتضحيات.
وعرجت الصحيفة إلى أن كاميرون استند في موقفه من رفض استقبال لاجئين بأعداد كبيرة لموقف الشارع الذي توقع أنه سيسانده ويقف بجواره ضد استقبال اللاجئين لما له من تهديد اقتصادي على مصالح البريطانيين لكن ” رئيس الوزراء لم يكن يتوقع أن يسبقه الرأي العام بالتعبير عن موقف ليبرالي أفضل منه؛ وهو ما حدث عندما طالبه الرأي العام باستقبال مزيد من المهاجرين. ما كشف عن تخبط الحكومة التي لم تستطع الدفاع عن نفسها”
وأشارت إلى تصريحات كاميرون الذي بدا غير مهتم بـ”حشود” المهاجرين وأن استقبالهم لن يحل المشكلة ليتحول فجأة ويتحدث عن “قضية أخلاقية” يجب على بريطانيا المساهمة فيها.