حدثت تغييرات كبيرة في السنوات التسع التي مرّت منذ ذلك الصيف في حرب لبنان الثانية من كلا الطرفين على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. إسرائيل، التي فقدت أكثر من 120 جنديّا في ساحة المعركة اللبنانية، كانت مشغولة في تلك السنوات بشكل أساسيّ بالتهديد من جهة غزة، وتوجه حزب الله الذي فقد نحو 1,000 من مقاتليه هو أيضًا إلى جبهة أخرى، وهي الجبهة السورية. حسب مقال صحفيا نشره المحلل الإسرائيلي يؤاف شاحام.
الافتراض السائد وفق يؤاف شاحام في إسرائيل في السنوات الأخيرة، والتي ينزف فيها حزب الله دمه في القصير، الزبداني، القلمون وسائر مناطق سوريا، هو أنّ الصراع في سوريا ينهك حزب الله ويقلّل من فرص المواجهة مع إسرائيل. يُجمِع معظم المحلّلين في إسرائيل على أنّه طالما أنّ حزب الله “غارق لشوشته” في سوريا، فإنّ احتمال أن يجرؤ على فتح جبهة ثانية ضدّ إسرائيل صغيرة.
ولكن القتال في سوريا لا يُضعف حزب الله فقط، ولكن يعزّزه أيضًا. كلما أصبح القتال أكثر شدّة، ازداد تدفّق التمويل من إيران. والآن، بعد الاتفاق النووي الذي سيزيل تدريجيًّا العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، فإنّ هذا التدفّق سيزداد فقط.
لا شكّ أن حزب الله قد دفع ثمنًا باهظا في السنوات التي قاتل فيها دفاعًا عن بشّار الأسد. وقد تمثّل الثمن الباهظ أولا وقبل كل شيء بموت المئات من مقاتلي الحزب.
وثانيا، دفع الحزب الثمن بفقدان التأييد العربي العام والذي حظي به عام 2006. لقد تحوّل حزب الله من رأس الحربة المقاتل ضدّ الصهاينة، إلى رأس الحربة الإيرانية في سوريا. ولكن رغم الثمن الباهظ، فإنّ قوة حزب الله آخذة بالازدياد فحسب وهو يكتسب لنفسه المزيد والمزيد من القدرات العسكرية والاستراتيجية.
أوضح العدد الأخير من مجلة الـ “إيكونومست” البريطانيّة ذلك على الشكل التالي: “في الماضي، كان فرض حصار مدرّع على المدن العربية مع دبابات ودعم جوّي من سوريا أمرا غريبا على حزب الله. ولكن اليوم، فالحزب لا يستخدم فقط المدرّعات والصواريخ الموجّهة، وإنما أسطولا كاملا من الطائرات دون طيّار المدرّعة”.
وقال جيفري وايت، الخبير في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط لمجلة “إيكونمست”: “تحوّل حزب الله من تنظيم عصابيّ إلى تنظيم ذي قدرات واسعة النطاق”.
ولذلك، هناك من يخشى من اقتراب اليوم الذي سيُظهر فيه حزب الله أمام إسرائيل قدراته التي اكتسبها خلال الحرب الأهلية السورية، وعندها ستضطرّ إسرائيل إلى مواجهة تنظيم أكثر قوة من ذلك الذي واجهته – وليس بنجاح كبير جدّا – في صيف 2006. إحدى الجبهات التي زاد فيها حزب الله من تدخّله بشكل استثنائي في السنة الماضية هي هضبة الجولان، والتي أصبحت نوعا ما موطئ قدم لإيران ضدّ إسرائيل.