نشرت شبكة “بلومبرج” الأمريكية المختصة بالشأن الاقتصادي تقريرا حول الوضع المصري مشيرة إلى أن مصر (ربما) تلحق بركب الدول التي اضطرت إلى خفض سعر عملاتها المحلية مثل كازاخستان وفيتنام جراء قيام الصين بخفض سعر عملتها ” اليوان” في الـ 11 من أغسطس المنصرم.
وقالت الشبكة في تقرير على موقعها الإلكتروني إن التجار مقتنعون تماما بأن مصر لن تقاوم الضغوط التي ستدفعها حتما إلى خفض سعر الجنية ولفترة طويلة.
وأضافت الشبكة أن السوق السوداء للدولار بدأ يعاود الظهور مجددا في شوارع القاهرة وذلك للمرة الأولى منذ أبريل الماضي، ما يدل على أن المستثمرين والشركات تراهن على أن سعر الصرف الرسمي ( 7.83 للدولار) لم يعد يمثل قيمته الحقيقية.
وتشير العقود الآجلة إلى تراجع نسبته 20% في الشهور الـ 12 المقبلة وكذا تداول الأسهم المدرجة في الخارج بانخفاض نسبته 12% عن الأسعار المحلية.
وأكد التقرير على أن مصر التي أقدمت على خفض سعر عملتها المحلية مرتين في 2015 لا يمكنها تحمل فقدان القدرة التنافسية للصادرات في الوقت الذي تسعى فيه لتعزيز احتياطها من النقد الأجنبي الذي شهد تناقصا حادا بأكثر من النصف في أعقاب ثورة الـ 25 من يناير 2011.
وقال عمر الشنيطي العضو المنتدب في بنك ” مالتيبلز جروب” الاستثماري الذي يتخذ من القاهرة مقرا له:” خفض الصين لسعر اليوان يدفع الأسواق الناشئة إلى اتخاذ نفس الخطوة للحفاظ على قدرتها التنافسية، ما يجبر مصر هي الأخرى إلى السير في نفس المسار.”
وأردف الشنيطي: ”المستثمرون يرون هذا، جنبا إلى جنب مع زيادة تسييل الدين الحكومي والتعافي البطيء للاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذا القطاع السياحي، على أنه أسباب لإضعاف الجنيه.”
مغامرة غير محسوبة
حافظ البنك المركزي المصري على الربط القوي لسعر الجنيه بالدولار لمدة ثلاثة شهور في الوقت الذي يكافح فيه لتقليص مستويات التضخم في بلد يعيش نصف عدد سكانه تقريبا تحت أو بالقرب من خط الفقر.
وتخاطر تلك الاستراتيجية بزيادة العجز التجاري المتسع بالفعل- تستورد مصر ثلاثة أضعاف ما تصدره تقريبا- وهروب الاستثمارات الأجنبية.
ومنذ خفض اليوان، شهدت العملات في الأسواق الناشئة بعض الاضطرابات. فقد كل من ” الريال” البرازيلي و”الروبل” الروسي و ” البيزو” الكولومبي 7% على الأقل من قيمتها، مما يضيف بالطبع من الضغوط على العملات الأخرى، ومن بينها بالطبع الجنيه المصري.
وبلغ سعر تداول العقود الآجلة للجنيه المصري ( عام واحد) 9.775 في الـ 2 من سبتمبر الجاري، في حين سجل 10.125 في الـ 24 من الشهر الفائت، في أقل توقع منذ أن بدأت ” بلومبرج” في تتبع البيانات في العام 2007.
السوق السوداء
شهدت شوارع القاهرة تداول الدولار خارج البنوك عند 8,033 جنيهات، بانخفاض نسبته 2.5% مقارنة بالقيمة الرسمية للجنيه ( 7.83). وتعد تلك هي المرة الأولى منذ أبريل الماضي الذي انحرف فيه السعر غير الرسمي عن النطاق الذي وافق عليه البنك المركزي.
وأقدم المستثمرون الأجانب على بيع كل الدين الحكومي المحلي تقريبا البالغ قيمته 10 مليار دولار والذي كانوا يمتلكونه قبل ثورة يناير.
وأسهمت حزمة الإصلاحات التي أدخلها الرئيس عبد الفتاح السيسي- من بينها خفض الدعم وتدفق مليارات الدولارات من الحلفاء الخليجيين في تعزيز النمو الاقتصادي، على الرغم من أنه لم يصل بعد إلى المستويات التي كان عليها قبل الثورة.
وخفض البنك المركزي سعر الجنيه مرتين هذا العام، كان أخرها في يوليو الماضي. وتراجعت العملة المحلية بنسبة 8.7% في 2015، مسجلة أعلى انخفاض في الشرق الأوسط بعد ” الدينار” الجزائري و”الريال” الإيراني.