لم يعد الحديث عن وجود خلافات مبطنة بين الدول العربية المركزية “السعودية والإمارات ومصر” مقبولاً خاصة في القضايا العربية المشتعلة كالقضية السورية والأزمة اليمنية والأحداث بليبيا، خاصة وأن الخلافات باتت أمرا واضحا، لا يمكن وصفه بأنه مجرد “حرب هادئة أو خلافات محدودة” أو غيرها من العبارات التي تتجاهل عمق وحقيقة الخلافات خاصة وأن لكل دولة مصالحها وأهدافها التي تريد تحقيقها من طريقة إدارة الصراع في هذه القضايا.
وأكد خبراء مراقبون أن العلاقات “السعودية – الإماراتية – المصرية” تشهد صراعات واضحة حول أبرز الملفات الساخنة والملتهبة في المنطقة حيث تشترك كل من الإمارات ومصر والأردن في رؤية موحدة حول بعض قضايا المنطقة كالقضية السورية التي يسعون للتنسيق فيما بينهم لإنقاذ الرئيس السوري، فيما تقف المملكة السعودية تجاه مساعيهم بكل قوة، وكذلك القضية اليمنية التي تسعى الإمارات إلى تقسيم اليمن بين جنوب وشمال فيما تصر المملكة على وحدة اليمن وعودة الشرعية.
الخلافات بشأن الأزمة السورية
تقف الإمارات ومصر في خندق الإبقاء على نظام بشار الأسد، حيث تعتبر مصر أن بشار هو عنصرا هاما لوقف أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ويرى قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أن الحل للحرب الأهلية السورية يجب أن يكون دبلوماسيا وليس عسكريا على أن يكون الأسد جزءًا من الحل وطرفا في المفاوضات حول التغيير السياسي.
فيما تعمل الإمارات على تشكيل تحالف إقليمي يضم الأردن ومصر للترويج لحل سياسي سلمي في سوريا يبقى نظام الأسد، وهو ما دعا كلا من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والملك الأردني عبد الله الثاني وقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لزيارة موسكو، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك بمعزل عن السعودية.
كما أعلنت الأمارات قبل يومين منحها الجنسية الإماراتية لشقيقة رئيس النظام السوري بشار الأسد وأرملة رئيس المخابرات العسكرية السورية، لتؤكد ميلها لمعسكر الحل السياسي في سوريا.
يأتي ذلك في الوقت الذي تقف في السعودية ضد مساعي الإمارات ومصر لشق الصف العربي تجاه نظام بشار الأسد، وتصر على رحيله وترفض بقاءه وتعتبره جزء من الأزمة وتعلن عدم رضوخها لمحاولات إيران لتطويقها من ناحية العراق وسوريا واليمن، وتتمسك بالتصريح رسميا بأنه لا مستقبل للأسد بسوريا، وترسل المملكة لطهران رسائل واضحة بأنه إما رحيل الأسد بتسوية سياسية أو بحل عسكري – بحسب ما صرح به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد يوم واحد فقط من زيارات ممثلي الأردن ومصر والإمارات إلى روسيا-.
واعتبر مراقبون تصريحات “الجبير” بأنها صفعة للخيار المصري الإماراتي، وردا على اجتماع موسكو، مدللين على ذلك بقرار الجامعة العربية الأخير بشأن تأجيل توقيع بروتوكول إنشاء “قوة عربية مشتركة” لأجل غير مسمى بناء على طلب السعودية، وهو البرتوكول الذي يسعى السيسي لتوقيعه ليكون أحد إنجازاته -بحسب المراقبين-.
حل الأزمة اليمنية خلاف جديد
تحدثت تقارير إعلامية عن وجود خلاف بين مصر والسعودية بشأن الأزمة اليمنية، حيث يعارض نظام الانقلاب بمصر احتمالية تكوين حكومة إصلاحية في اليمن يمثلها الإخوان المسلمين، لكن السعودية، التي أعلنت الإخوان منظمة إرهابية، تنظر مؤخرًا إلى حزب تجمع الإصلاح كقوة ينبغي الاعتماد عليها لتعزيز موقف الرئيس اليمني عبدربه هادي.
كما تتوالي معلومات تفيد بعلاقات سرية يقيمها السيسي مع إيران والحوثيين في اليمن.
أما بالنسبة لموقف الإمارات فهي كعادتها لا يزال موقفها غامض ومتناقض، فرغم أنها تأوي عائلة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وترفض تسليم نجله أو تجميد أمواله، إلا أنها تشارك في التحالف العربي تحت قيادة السعودية ضد ميليشيات الحوثيين وعبد الله، وكان لها دور كبير في تحرير عدن “العاصمة المؤقتة”.
وأصبحت الإمارات ذات نفوذ قوي في اليمن، من خلال مشاركتها الفاعلة في العمل العسكري منذ بدء عاصفة الحزم في مارس الماضي.
كل هذا في ظل تقارير صحفية كشفت عن سعى الإمارات الجاد لتقسيم اليمن، خاصة مع تباطؤها في تحرير تعز وصنعاء، لتخوفها من عودة حزب الإصلاح “إخوان اليمن” بقوة بعد انتهاء معركة التحرير.
كما كشف المغرد السعودي “مجتهد” أن محمد بن زايد – ولي عهد أبو ظبي- لا يمل من المنة على آل سعود بمشاركته في “التحالف” في حرب اليمن، سواء بطائرات أو قوات أو تزويد سلاح للمقاومة، وذكر أن الإمارات شاركت بأكثر من 70 طائرة بطياريها، وهي مصدر 90 % من السلاح الذي وصل المقاومة، وهي الوحيدة التي شاركت بكتائب برية داخل الجنوب.
ولفت “مجتهد” إلى أن هذه المشاركة ليست لهدف سامٍ، بل للتمكن على الأرض وإنجاح خطتها في تقسيم اليمن طبقًا لتفاهم مع قوى إقليمية وعالمية، ترحب به السعودية أو تجبر عليه.
واستضافت الإمارات عددا من القيادات الجنوبية من الداعين لانفصال الجنوب عن الشمال، وحاولت الظهور على أنها الفاعل الوحيد في المعركة باليمن، وزعمت أنها استطاعت تحرير الرهينة البريطاني مؤخرا، وهو ما أرادت منه القول للعالم إنها صاحبة النفوذ الأقوى في اليمن -بحسب مراقبين-.
ولكن السعودية قطعت الطريق على الإمارات ومصر وغيرها من الدول التي تروج لحل سياسي سواء في سوريا أو اليمن، أكدت من خلال خطاب وزير خارجيتها في موسكو على أن حل الأزمة في اليمن لابد أن يمر عبر تطبيق القرار الأممي 2216 ، الذي يؤكد على وحدة اليمن وتسليم الحوثي وصالح للأسلحة وخروجهم من المدن والمؤسسات التي احتلوها.
السعودية تقف أمام مشروع السيسي في ليبيا
أكد جمال سلطان، الكاتب المصري ورئيس تحرير صحيفة «المصريون»، أن السعودية عطلت مشروع «السيسي» في ليبيا، عبر طلب المملكة تأجيل الاجتماع الخاص بتوقيع بروتوكول القوة العربية المشتركة والذي كان مقررا الخميس الماضي، وهو الطلب الذي وافقت عليه الجامعة العربية.
وأضاف «سلطان» في مقال نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني، أن خبر التأجيل «جاء كالصاعقة على القيادة المصرية وعلى خليفة حفتر (قائد جيش طبرق المنبثق عن الحكومة والبرلمان المنحل) وحلفائه في ليبيا، لأن مشروع القوة العربية المشتركة كان شبه مفصل على مقاس الحالة الليبية، حيث تقود مصر دعوة للتحرك العسكري لدعم قوات حفتر في مواجهة الجيش الموالي للحكومة الليبية في طرابلس العاصمة والمدعومة من المؤتمر الوطني الليبي والممثلة لقوى الثورة الليبية التي أطاحت بحكم معمر القذافي في 2011.
وأشار إلى أن مشروع القوة العربية المشتركة، الذي دعا له «السيسي» في مارس الماضي، «لم يكن يحظى بحماسة أو دعم أي جهة عربية أخرى باستثناء الإمارات وحكومة طبرق الليبية الراعية للجنرال المغامر خليفة حفتر، وكانت السعودية مترددة تجاه المشروع».
شؤون خليجية