على خطى أبن المعلم “ضاحي خلفان” أطل وزير الشؤون الخارجية الاماراتي أنور قرقاش في (تغريدات) مثيرة للجدل تعكس الواقع الذي يحب أن يمارسه شيوخ الإمارات الا وهو التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية.
قرقاش أطل في تصريحاته التي تعتبر (رسمية) وتعبر عن الرأي الرسمي الاماراتي عقب تصريحات مماثلة أبدها خلفان المقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي أعلن فيها (اعترافه الشعبي) بدول اليمن الجنوبية كدولة مستقلة عن شمالها, وهذا إن دل فإنه يدل على نوايا خبيثة سيجري تطبيقها في اليمن.
واتهم قرقاش في تغريداته على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك”, إخوان اليمن بأنهم جزء من المشكلة، محرضا اليمنيين عليهم كونهم- حسب قوله- جزء من المشكلة التي يقودها جماعة الحوثيين الشيعية, ودعا وزير الشؤون الخارجية الإماراتي إلى إقصاء الإخوان عن مستقبل اليمن.
والغريب أن قرقاش الذي يدعو لإقصاء “إخوان اليمن” عضو حكومة تعمل ليل نهار لإعادة فلول مبارك والقذافي وزين العابدين بن علي للمشهد السياسي من خلال تمكين انقلاب السيسي ودعم مليشيا حفتر وقانون العفو الذي أصدره الرئيس التونسي قائد السبسي، إلى جانب تورطها مع نظام السيسي في إعادة تأهيل نظام الأسد. في اليمن إقصاء لأهم مكون شعبي وسياسي بلا مبرر، وفي دول أخرى جهود لإعادة المنبوذين شعبيا والفاسدين سياسيا، حتى أن أبوظبي تدعو لإعادة دمج الحوثيين والمخلوع صالح وإقصاء الإخوان.
قرقاش بتغريداته هذه يقدم نفسه “بول بريمر” اليمن، وهو الحاكم “المدني” الأمريكي للعراق بعد سقوط بغداد عام 2003 الذي عينته الإدارة الأمريكية وقوات التحالف حاكما للعراق وقام باتخاذ أسوأ قرارات في تاريخ هذا البلد والذي لا تزال فصوله المدمرة مستمرة بعد حل الجيش العراقي وحل حزب البعث وغيرها من القرارات.
كما أن قرقاش بتغريداته المشبوهة هذه، يضع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في موقف محرج مع السعودية، والتي أكد في آخر تصريحات له مطلع أغسطس أثناء لقائه وزير خارجية السعودية عادل الجبير الذي كان في زيارة لأبوظبي، بأن قراءة أبوظبي للملف اليمني هي نفس القراءة السعودية”، فهل يدرك قرقاش أن تغريداته هذه فيها تكذيب واضح ومحدد لتصريحات الشيخ محمد بن زايد، وتتناقض مع زيارة نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى المغرب ولقاء الملك سلمان والتأكيد الإماراتي على تطابق المواقف مع الرياض فيما يخص الشأن اليمني. هذا الموقف دفع المراقبين للتساؤل: إن كانت تغريدات قرقاش تخالف مواقف حكام الدولة أم تقاسم أدوار، أو من الذي يعبر عن موقف الدولة الحقيقي تجاه الملف اليمني.
قرقاش برر هذا الموقف المعروف إعلاميا عن الإمارات من إخوان اليمن، ولكنه لأول مرة يتم التعبير عنه سياسيا وبصفة رسمية بأن “الغوغاء والمال الفاسد والولاءات الملتبسة تجعلهم جزءا من المشكلة لا الحل”، على حد زعمه. وتابع قرقاش، ” نرى دورهم الانتهازي الحالي في اليمن.. الدولة الجديدة الواعدة لا يمكن أن يكون طريقها بوابتهم”.
وزعم قرقاش، أن الإخوان “لم يلعبوا دورا في تحرير عدن”، واستطرد في ادعاءاته،” اتصف دور الإخوان في كل مشهد سياسي بالإقصاء والاستئثار والتعالي والحسابات الخاطئة…”، ليتساءل ناشطون إذا كان إخوان اليمن إقصائيين، فماذا يمكن أن توصف دعوات قرقاش هذه نحو مكون رئيسي وتاريخي وعامل استقرار في اليمن.
وإزاء التصريحات والمواقف المتلاحقة للدولة في الملف اليمني، يتساءل يمنيون هل تسعى الإمارات لفرض وصاية أو انتداب على اليمن لمجرد انها كانت جزء من اثني عشر جزءا آخر ساهموا في العمليات ضد المتمردين الحوثيين، وهل يحق لدول التحالف تنصيب 12 حاكما يمثل بلاده في اليمن.
نشطاء اليمن حذروا كل من يحاول العبث باستقرار اليمن ومستقبله السياسي والتدخل فيه من أن الحالة السياسية الراهنة لبلادهم لا تسمح بفتح جبهات من الخلاف مع آخرين ولكن هذا لا يعني أن يستبدلوا وصاية إيران والحوثي بأي وصاية أخرى مهما كانت وبدأت تحرض على هذه الطرف أو ذاك وتتحدث عن تحرير عدن، والتي شهدت بالأمس القريب حادثتي اغتيال كبيرتين، ما يعني أن الحديث عن التحرير والمغانم والإقصاء قد يكون سابقا لأوانه قبل استتباب الأمن في اليمن عموما وعدن خصوصا.