اكد الكاتب السعودي الأنصاري في مقال بعنوان ماذا يريد الملك سلمان من أوباما وماذا يريد أوباما من الملك سلمان؟ أن التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي سيكون أهم ما ستطرحه حكومة أوباما على السعودية ، لكن الحقيقة أن لا شيء جديد يمكن ان يتحقق من هذه الزيارة.
وتساءل الانصاري في مقاله ، ان كان هذه الجزئية من النقاش هو ما تريده السعودية ؟ مؤكدا ان ذلك ليس ما يشغل الرياض نظرا لأن هذه النقطة قائمة والتعاون الأمني بين البلدين متواصل منذ 1945
ونفى الأنصاري أن تكون العلاقات الآخذة في النمو بين إيران وأمريكا هي السبب مشيرا إلى ثمة ما هو أعمق مشيرا إلى ” إيران هي “بلاشك أكبر راعية للإرهاب” ولديها طموحاتها التوسعية والطائفية ولكن رغم ذلك لا أتوقع أن السعودية تعتبر إيران هي أصل المشكلة بشكل مباشر فيما يتعلق بتوتر علاقة الرياض بواشنطن”
واضاف ” الرياض تعلم أن حكومة طهران الثورية لا تعتبر نداً عسكرياً حقيقياً لها لا من قريب ولا من بعيد وتعلم أيضا أن مساندة طهران للإرهاب ستتم مواجهتها بأذكى الممارسات الأمنية الإقليمية والعالمية كما تم من خلال عاصفة الحزم في اليمن وقد يتم توسيع دوائر العواصف السياسية والعسكرية في المستقبل القريب إن تطلب الأمر”
ويوضح أن السبب الاساسي للبرود في العلاقة السعودية الامريكية يعود لما وصفه ب “إختصار التوجه السياسي العالمي للولايات المتحدة Global Political Direction “
ويشرح الانصاري ذلك بقوله ” الكثير من تقارير مراكز الأبحاث السياسية في واشنطن تتحدث عن رغبة أمريكية حقيقية للتوجه لشرق آسيا حتى لو كانت على حساب نفوذها الشرق أوسطي. إن كان ذلك صحيحا فهو بالطبع يشرح مسببات التباطؤ الأمريكي في أخذ قرارات حاسمة بخصوص قضايا الشرق الأوسط كسوريا والعراق وداعش واليمن وليبيا وإرهاب إيران بميليشياتها المتعددة.
ويضيف ” إذا تساءلنا عن ما يريده الملك سلمان من أوباما وما يريده أوباما من الملك سلمان فهو في النهاية شيء واحد. وهو ( لا شيء ) وأقصد بذلك ، لا شيء جديد، فالسعودية تريد من أمريكا أن تكون نفس أمريكا الداعمة لأمن واستقرار دول الخليج والمنطقة بناءً على مبدأ ايزانهاور، وما تريده أمريكا من السعودية هو أيضا (لا شيء) فهي تريد أن تبقى السعودية نفس السعودية الداعمة لاستقرار الاقتصاد العالمي والقائدة للفكر السياسي المعتدل في المنطقة العربية.
وعرج الانصاري لتفسيرات بعض الخبراء بأن وفرة النفط الأمريكي كمسبب حقيقي لرغبة أمريكا بإلقاء ظهرها للدول المصدرة للنفط في اشارة للدولة الأكبر في هذا الصدد ( السعودية ) وعد ذلك غير صحي ، برغم من أن معظم السياسيين الأمريكيين برؤسائهم يرددون دائما في الانتخابات وللإعلام أنهم سيقللون من إعتمادهم على نفط الخارج وبالذات الشرق الأوسط للدعاية عن أنفسهم رغم أنهم يعلمون تماما أن ذلك غير متأتي لهم فعملتهم “الدولار” مرتبطة بالنفط إرتباط تصديري وإستيرادي ولهذا تسمى بـ “البترودولار” واحتياطات النفط الكبرى وقوة سلاح النفط ليست في الأيدي الأمريكية لا سابقا ولا حاليا ولا مستقبلا.
وتسائل ” كيف يتم الإكتفاء بمخزون النفط الأمريكي الصخري المكلف في إنتاجه واحتياطاته المسجلة لا تمثل إلا 10% من احتياطي النفط السعودي فقط ناهيك عن الخليجي أو العالمي. الجوع والتلهف لنفط السعودية قائم وسيستمر لعقود قادمة عديدة، فنفط أمريكا “كالمقبلات” المؤقتة ونفط السعودية “كالوجبة الدسمة” لهم وللعالم بسبب تأثير النفط وأسعاره على اقتصادهم سواء استوردوا نفطنا أو تركوه. فهذا الدسم له القدرة على التسبب بجلطات إقتصادية وكوليسترول مزمن لإقتصادات العالم ككل ان لم يتم التعامل معه بحكمه. ولهذا ستكون الولايات المتحدة حريصة كل الحرص أن لا تجفف علاقتها مع دول الخليج في أي حال من الأحوال وحتى لو إهتمت في توجيه بوصلتها الإستراتيجية نحو شرق آسيا.
وعليه بإن السعودية بحسب الانصاري تريد من امركيا ان تبقى كأمريكا و كذلك أمريكا حتما تريد السعودية كسعودية. فحالة اللايقين Uncertainty”” في العلاقة يسبب نوعا من القلق لكلا الطرفين ويجعل كلاهما يرددان (الله لايغيرهم علينا). فرجوع الولايات المتحدة للمبدأ سيجعلها بلاشك قادرة أكثر من أي وقت مضى لحل معظم القضايا العالمية العالقة كالعراق وسوريا وإيران وداعش وغيرها ، فالثنائية السعودية الأمريكية ستكون حتما إستثنائية علما أن الدولتين هما الوحيدتان والمتفردتان في قياداتهما لأكبر التحالفات العسكرية في العالم من حيث عدد الدول المندرجة تحت قياداتهما العسكرية.
باختصار، الولايات المتحدة ستعمل برأيي على تصحيح مسارها والعمل بديناميكية أعلى مع حلفائها الإستراتيجيين كدول الخليج لترميم الثقة وتوثيق العلاقات بشكل عام، ولهذا أعتقد إن كانت هنالك فعلا برودة في العلاقة السعودية الأمريكية فهي بطبيعة الحال برودة صحية ، فقد خففت هذه البرودة حر الصيف الحالي من خلال توسيع خيارات السعودية الإستراتيجية بشكل عملي وملموس ، وبشكل عام، لدي يقين برجوع دفء العلاقة السعودية الأمريكية في أشد فترات حاجتها للدفء وهي في الشتاء الذي سيطرق الأبواب قريبا.