صدقت نبوءة الرئيس الليبي المقتول معمر القذافي والتي أدلى بها خلال خطبه المثير الجدل بعيد أيام من اندلاع الثورة في بلاده في العام 2011، حيث هدد القذافي منطقة البحر المتوسط بأنه ستغدو بحر من الفوضى
ويبدو أن تهديدات القذافي التي صرح بها عام 2011، في أعقاب اندلاع الثورة الليبية بالفوضى العارمة في منطقة المتوسط تتحقق اليوم مع التدفق الكبير لقوارب الموت التي تحمل اللاجئين السوريين وغيرهم إلى أوروبا عبر المتوسط.
وكان القذافي قال إن أطرافا “ستستغل فراغ السلطة بدلًا من الحكومات المستقرة التي تضمن الأمن, ستقوم المليشيات المرتبطة بابن لادن بالسيطرة، وسيقوم الأفارقة بالتحرك بشكل جماعي نحو أوروبا، وحينها سيتحول البحر الأبيض المتوسط إلى بحر من الفوضى”.
وعلى الرغم مما يشاع عن تدابير وإجراءات تتبعها أوروبا للحد من الهجرات إليها، فإن حجم الفوضى التي وعد بها القذافي يبدو أنها أكبر من قدرات أوروبا على معالجتها والتقليل من آثارها.
وشهد الشهر الماضي فقط وصول عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين عبر الحدود الأوروبية بشكل غير نظامي و لا يمكن للأوروبيين احتماله وفقا لما نقله مراقبون مطلعون على حجم الهجرة السورية.
وتظهر إحصاءات اللاجئين أن السوريين هم غالبية الواصلين وتبلغ نسبتهم 34%، يليهم الإريتريون بنسبة 12% والأفغان بـ11% والنيجيريون بـ5% والصوماليون بـ4%.
من جهته قال المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة إن العالم يواجه “أسوأ أزمة” لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية داعيا أوروبا التي تشهد بعض دولها تدفقا هائلا من المهاجرين غير الشرعيين إلى استقبالهم بشكل “حضاري” و”لائق” وأضاف ديمتريس أفراموبولوس أن “أوروبا تواجه صعوبة في استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يلجأون إلى حدودنا”.
من جانبها أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن نحو 224 ألف لاجئ ومهاجر وصلوا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
وقالت المفوضية التي حدّثت أرقامها في نهاية تموز/ يوليو، إنها أحصت 98 ألف مهاجر في إيطاليا و124 ألفا في اليونان. وشهدت الفترة ذاتها مقتل أو فقدان 2100 شخص في البحر المتوسط، بحسب المفوضية. ولا يشمل هذا الرقم الأشخاص الذين فقدوا الأربعاء قبالة ليبيا.
وكان وصل أكثر من 360 مهاجرا نجوا من غرق مركبهم إلى باليرمو شمال غرب صقلية على متن سفينة تابعة للبحرية الإيرلندية. وتتواصل عمليات الإغاثة بحثا عن أكثر من 200 مفقود يرجح أنهم لقوا حتفهم.
وقال وليام سبيندلر، متحدثا باسم مفوضية اللاجئين: “لدينا أزمة لاجئين على أبواب أوروبا. معظم من يعبرون المتوسط يفرون من الحرب أو الاضطهاد، ليس هؤلاء مهاجرين لأسباب اقتصادية”.
وأضاف أن “سبب حصول أزمة ليس عدد اللاجئين بل عدم قدرة أوروبا على التعامل مع هذا الأمر بشكل منسق”. وتابع سبيندلر بأن “على الدول الأوروبية أن تعمل معا لا أن تتبادل توجيه الاتهامات”.
ولا تقتصر مأساة اللجوء على الواصلين إلى أوروبا وما يعانونه من سوء المعاملة ونقص الرعاية، بل تتعداه إلى أن يلقى الهاربون من الموت جراء الحرب، الموت بالغرق في عرض البحر المتوسط بقوارب الموت.
وأعلن المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي محمد المصراتي السبت أن 111 جثة انتشلت من الموقع الذي غرق فيه قبل يومين زورق كان يقل مئات المهاجرين قبالة سواحل ليبيا، فيما لا يزال هناك عشرات المفقودين.
وكان المسؤول عن فرقة البحث في زوارة صديق سعيد قال إن بعض الناجين قدروا عدد الركاب بنحو 400 على متن المركب الذي غرق صباح الخميس ولكن مركبا آخر غرق الأربعاء في المنطقة نفسها وعلى متنه 60 شخصا.