“كتبه التي ألفها صورت عدالة الإسلام الاجتماعية التي تقف دونها الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية”..
بهذه العبارات مدح الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المفكر الإسلامي سيد قطب، أحد رموز الإخوان المسلمين، في كتابه “التراث والتجديد.. مناقشات وردود”، ووضعه ضمن نخبة “المفكرين العظماء الذين أنقذوا طلاب الأزهر في الحقبة الناصرية من رياح الثقافيّة العاتية من شرق أوروبا وغربها” حسب وصفه.
وبحسب كتاب شيخ الأزهر فإن كلا من سيد قطب وعباس العقاد ومحمد البهي والشيخ محمد الغزالي ومحمد باقر الصدر بالعراق، كشفوا عن كثير من عورات الأنظمة الاشتراكية والرأسمالية ونقائصها وبينوا للتائهين من القراء والشباب مواطن الضعف والتهافت فيها وكيف أنها “مذاهب هدامة”.
لم يكن شيخ الأزهر وحده مقدرا لسيد قطب، فقد قاله عنه أيضًا الشيخ محمد متولى الشعراوي في أحد دروس التفسير التى كان يبثها التليفزيون المصري: “رحم الله صاحب الظلال الذي استطاع أن يستخلص من هذه الغزوة مبادي إيمانية عقائدية لو أن المسلمين في جميع بقاع الأرض جعلوها نصب أعينهم لما كان لأي دولة من دول الكفر غلبة علينا”.
وفي المقابل، وبمقاله المنشور بتاريخ (23/6/2015) تحت عنوان: “نجحت لعلكم تتقون”، نقل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية معظم المقال من تفسير سيد قطب “في ظلال القرآن” (صفحتي 140- 141)، وغير فقط في ترتيب الفقرات فقدم واحدة وأخَّر الثانية، وعندما أكتشف هذا الأمر أكد في مقال تال أنه قصد هذا الاقتباس.
وكتب علام: “رغم الأسلوب الادبي الرصين الذي أغرى الكثير من العلماء، إلا أنه مع التحقيق نلحظ الغاية الحقيقية من هذا الكتاب، تلك الغايه التي غذت الفكر الإرهابي ليس في مصر وحدها، بل في كثير من بلدان العالم، ووجدت جماعات وطوائف إرهابية ضالتها في هذا الفكر المشبوه، بدايه من الجاهلية والحاكمية ومبدأ الاستعلاء”.
وفي سياق مشابه، هاجم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أفكار قطب، وأصدر تعليمات بمصادرة كتب “جميع رموز جماعة الإخوان المسلمين بالمساجد، تمهيدا لحرقها، إلا أنه تراجع عن فكرة الحرق بعد الانتقادات التي وجهت إليه، واكتفى بعرض الكتب على المفتي لبيان الحكم الشرعي فيها.
ولد سيد قطب عام 1906 في قرية موشا، وهي إحدى قرى محافظة أسيوط، وهو ذات العام الذي ولد فيه حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، ولأسيوط تنتمى أيضا أسرة الرئيس جمال عبد الناصر الذي صدق على قرار إعدامه في 29 أغسطس 1966 بتهمة التآمر على نظام الحكم.
كانت كتابات “قطب” في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي هى الأكثر مبيعا وشيوعا في العالم العربي، وامتد أثرها ليصل إلى أنحاء العالم الإسلامي كافة بعدما ترجمت أعماله للعديد من اللغات، وبهذا تحول الرجل الذي بدأ حياته معلما وأديبا وناقدا بعد إعدامه إلى الأب الشرعي للراديكالية الاسلامية.
خصص الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كتابا كاملا عن شخصيته مواقفه تحت عنوان: “مع الأستاذ سيد قطب.. محطات تاريخية ووقفات نقدية”، جاء فيه: “كان سيد قطب شاعرا رومانسيا محسوبا على جماعة “أبولو” وكان أديبا مرموقا محسوبا على مدرسة العقاد التي تخاصم مدرسة الرافعي، وكان ناقدا أديبا يملك حاسة نقدية عميقة، كما كان له أصوله النظرية في النقد، ضمنها كتابه المعروف: أصول النقد الأدبي”.
وأضاف القرضاوي: “تجلت قدرته النقدية الموهوبة والمكتسبة في كتابيه الرائعين: “التصوير الفني في القرآن” و”مشاهد القيامة في القرآن” اللذين لم ينسج فيهما على منوال أحد قبله، وأبدع فيهما غاية الإبداع”.
أما كتاب “العدالة الاجتماعية في الإسلام” فوصفه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالنقلة النوعية لسيد قطب، حيث حوله من أديب إلى داعية ومفكر إسلامي، “لكنه أحسن حين وظفه توظيفا حسنا، ووضعه بطريقة منهجية تخاطب النخب المثقفة بأسلوب العصر” يقول القرضاوي.
وتطرق القرضاوي في كتابه للحديث عن إعدام قطب: “الحقيقة أن سيد قطب وتنظيمه لم يحاكما من أجل “الأعمال الخطيرة” التي ارتكبها، ولكن حوكم كلاهما من أجل “الأفكار الخطيرة” التي اعتنقها أو دعا الناس إليها، ولو أنصفوا وامتلكوا الشجاعة لقالوا: إننا حاكمنا الرجل – بل حكمنا عليه بالإعدام- من أجل أفكاره لا من أجل أعماله، إن دم سيد قطب سيظل لعنة على من سفكوه بغير حق، وسيظل يطاردهم حتى يثأر له القدر من الطغاة الظالمين ويستجيب لدعاء المظلومين الذي يرفعه الله فوق الغمام ويفتح له أبوب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين”.
(مصر العربية)