كتب : محرر الشؤون الأردنية – عمان – خاص -وطن – صبيحة يوم الأربعاء كان كل شيء يوحي في العاصمة الأردنية عمان بأن الأمور تسير كالمعتاد ، العاهل الأردني الملك عبدالله العائد للتو من العاصمة الروسية موسكو على هامش المشاركة في معرض للصناعة العسكرية ، ولقاء جمع بينه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين لمناقشة ملفات المنطقة وأبرزها الشأن السوري، الى جانب شقيقه الأمير فيصل ونائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة ،ومدير جهاز المخابرات الجنرال فيصل الشوبكي ،رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مشعل الزبن ،بحضور رسمي لكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين للجانب الروسي.
سرعان ما انشغل الشارع السياسي والصحافي جدلاً عقب تصدر نبأ ليومية أردنية انفردت بنشر موقعة التحرش جنسياً لمسؤول أردني رفيع بمسؤولة أممية ” أمريكية ” دون الكشف عن هويتهم ، واكتفت بالقول : ان الأخيرة سجلت دعوى قضائية دون الكشف أيضا عن جهة تسجيلها في احد محاكم العاصمة عمان.
على غير العادة وسائل الإعلام الرسمية الأردنية تناولت الحادثة حتى وان كانت بصورة خجولة بوصفها شكوى التحرش الجنسي وفقاً ” لمزاعم ” مسؤولة تدير ملفات اللاجئين في البلاد ، لحين ثبوتها من عدمه وانتهاء التحقيقات في صحة الاتهام الموجه ضده، بالإضافة إلى ان الجهات الرسمية العمانية لم تبوح عن جنسية المسؤولة التي قدمت الشكوى أو اسم المنظمة التابعة لها، قبل ان تتكفل التسريبات المتواردة لاحقاً الكشف عن هوية الرجل الدبلوماسي الأبرز وحصرها بشخص وزير الخارجية الأردني ناصر جودة الصهر السابق لولي العهد الأردني الأسبق الأمير الحسن بن طلال.
مصادر دبلوماسية أردنية مقيمه في نيويورك تحدثت الخميس، ان المسؤولة الأممية تدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في مخيمات اللاجئين السوريين شمال العاصمة عمان ابلغت بلادها بتفاصيل الحادثة وهو ما يكشف عن جنسيتها الأمريكية دون الإشارة لأصولها العربية، وسط ترجيحات دفع الهيئة الطلب من ممثلتها التحدث في الواقعة امام كاميرات وعدسات الإعلام بشفافية ، إلى جانب إصرار أمريكي رسمي باتخاذ إجراء دبلوماسي يتجاوز برتوكولية الدبلوماسية المعتادة او مجرد الاعتذار.
(الوزير العابر للحكومات) الصفة التي علقت بجودة ناصر في إشارة لسيطرته على حقيبة الخارجية الأردنية التي تسلم دفتها في ستة حكومات متتالية بدءً من حكومة نادر الذهبي 2008 مروراً بحكومة الخال الرفاعي الابن سمير التي اطاحت بها الاحتجاجات الشعبية في اعقاب سقوط نظام بن علي ، “وانتهاءً ” بحكومة عبدالله النسور التي تولت دفت الرابع 2012 ، سيضطر لمغادرة منصبه بهدوء على غرار تجربة الوزير حسين هزاع المجالي دون تجاهل اختلاف الأسباب ، يدرك جيداً التبعات المقبلة.
مركز صناعة القرار الرسمي الأردني بات على دراية كاملة بتفاصيل الحادثة والتيقن بان وزير خارجيته مهدد بالاعتقال في حال وطئت قدمه الولايات المتحدة الأمريكية حتى وان تجرأ بزيارة رسمية ، عقب تسريبات مؤكدة ان شكوى مماثلة للمسؤولة الأممية ان لم تكن سجلت ” ستسجل ” لاحقا في بلادها.
مع التدخل الأردني الرسمي وبدء إجراءاتها الدبلوماسية مع الجانب الأمريكي لإبداء حسن نوايا لرغبة رسمية حسم الملف والخروج باقل الخسائر حتى وان وصلت ” الإقالة ” واستبعاد تطويق الحادثة ، ثمة إجماع من قبل مطلعون في الشأن السياسي الإعلامي الأردني ان لعنة حلت على الوزير المراهق جودة الناشئ كموظف في الديوان الملكي ،والقادم من ابرز اذراع الإعلام الحكومي مؤسسة التلفزيون الأردني كلف بحقيبة وزارة الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة لعدد من الحكومات بدايتها حكومة فايز الطراونة 1998 في حكومة يتردد ان ولي العهد الأمير الحسن بن طلال اشرف على تشكيلها لانشغال الملك حسين الغائب في رحلة العلاج الأخيرة بمستشفى مايو كلينيك قبل ان تتم تنحيته 25 يناير 1999 بمرسوم ملكي بإعفائه من واجباته كولي للعهد الممتدة طيلة 34عاماً.
وسائل إعلام محلية راحت مساء أمس الخميس الترويج بان تغييرات مرتقبة سيشهدها المطبخ السياسي الأردني في إشارة لحقيبة الخارجية التي فشلت في ابرز الملفات الثلاثة في المنطقة الشأن الفلسطيني والعراقي والسوري ، ما ارغمت الدولة الجلوس لطاولة الحوار والطرح الروسي بحضور وتنسيق مصري إماراتي.
ووصفت فتور في العلاقة الأردنية الفلسطينية خاصة في ظل التطورات الجارية هناك ، وخلافا لما جرت العادة عدم لقاء العاهل الأردني برئيس السلطة المستقيل عباس بشكل علني ، إلى جانب التقلبات السياسية الأمنية على الساحة العراقية عقب قرار عراقي إغلاق الحدود الأردنية العراقية ، مما دفع الأردن للبحث عن بدائل لعدم توقف التبادل التجاري بين البلدين حتى وان كانت الكلفة التجارية و الأمنية على البلاد باهظة الثمن ، بالإضافة لبروز الراشق الإعلامي من قبل الجانب السوري الرسمي وأخرها ما نسب على لسان بشار الأسد ستدفع بوزير الخارجية جودة ناصر لمغادرة منصبه بهدوء ،ليأتي من يعيد التوازن في متابعة الملفات الثلاثة جراء فشلها في إدارتها.