فيما تشتد الحرب في سورية، يعيش اللاجئون خارجها ظروفا إنسانية صعبة من أجل الحصول على وثائق رسمية تمكنهم من العيش في بلدان مستقرة.
حيدر طفل سوري يبلغ من العمر 10 سنوات أجبرته ظروف الحرب على العيش في تركيا لسنوات، قبل أن يقرر الالتحاق بوالده في المغرب الشهر الماضي، غير أن رفض السلطات المغربية منحه أوراق الإقامة عجل بعودته لتركيا منتظرا ترخيصا من السلطات المغربية للالتحاق بوالده.
كرر الطفل السوري محاولته في 11 آب/أغسطس عندما قدم طلبا للسفارة المغربية في تركيا من أجل الحصول على تأشيرة دخول، لكن مرة أخرى قوبل طلبه بالرفض، دون تقديم أسباب واضحة من طرف السفارة.
قصة إنسانية وتعاطف واسع
استأثرت قضية حيدر باهتمام واسع منذ الأيام الأولى لمنعه من الدخول للمغرب وقضائه أربعة أيام في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، قبل العودة مع أبيه لتركيا أملا في الحصول على تأشيرة الدخول.
وتعتبر حالة حيدر حالة تستعجل التحاقه بأبيه في المغرب، فبعد وفاة والدته التي كانت ترعاه في مدينة اسطنبول لم يعد أمام حيدر أي خيار سوى الالتحاق بوالده الذي يقيم في المغرب، والذي هرب من سورية في 2012 بعد اشتداد المعارك في مدينة حمص رفقة زوجته المغربية وابنه الثاني.
وكان بشار جلبي والد حيدر يأمل في أن تسمح السلطات المغربية لابنه بالدخول للأراضي المغربية بمنحه تأشيرة مؤقتة في انتظار تسوية وضعيته القانونية.
غير أن ذلك لم يحدث واضطر الأب إلى العودة مع ابنه لإسطنبول، أملا في العودة قريبا.
وأمام اضطرار الأب للعودة إلى المغرب خوفا من فقدان عمله ولاعتبارات عائلية، بقي حيدر في وصاية الصحافية المغربية بثينة عزابي في اسطنبول، بعد أن استجابت لدعوات ناشطين من أجل رعاية الطفل انتظارا لتسوية وضعيته.
وتقول عزابي في تصريح لموقع “راديو سوا” إنه ليس من السهل رعاية طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، يتنقل من مكان لآخر دون أن يعرف وجهته النهائية.
تضيف الصحافية المغربية التي تبنت قضية حيدر إنه طفل ذكي ومر من الكثير من المصاعب، ولا يريد شيئا من السلطات المغربية سوى تأشيرة الدخول للمغرب.
وحظيت قضية حيدر بتعاطف كبير من قبل الناشطين في المغرب وتركيا الذين أطلقوا هاشتاغ #MoroccoLetHaiderEnter ، أملا في لفت الانتباه لقضية حيدر.
نداء للملك وأمل في الالتحاق بالأب
بعد رفض طلبه للمرة الثانية وجه الطفل السوري نداء للملك عبر الفيديو، يناشده فيه بالسماح له بالدخول للمغرب.
وقال حيدر في الفيديو إنه تم رفض طلبه للحصول على تأشيرة ثلاث مرات على الرغم من وضعية أبيه القانونية في المغرب.
ولحد الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات المغربية على طلب حيدر.
وعلى الرغم من أن السلطات المغربية كانت قد سمحت لطفلة سورية تدعى رشا أيمن بالدخول لأراضيها في تموز/يوليو الماضي، بعد أن وجهت نداء للملك عبر يوتيوب، إلا أن وضعية حيدر تختلف عن رشا لأن والدتها تحمل الجنسية المغربية.
وعادت قضية حيدر للنقاش بقوة بعد الخطاب الملكي الأخير الذي أكد فيه الملك محمد السادس فرض التأشيرة على المواطنين السوريين والليبيين.
وأكد الملك أن “أمام هذا الوضع، اضطرت البلاد لاتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، لحماية أمنها واستقرارها، وفي هذا الإطار تم فرض التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخاصة من سورية وليبيا، وإذ نعبر عن تضامننا مع شعوب هذه الدول، فإننا نتأسف للظروف القاهرة، التي دفعت المغرب لاتخاذ هذا القرار”.
ويرى عبد الرحمن التلمساني عضو المكتب التنفيذي للتجمع المغربي لمناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق الأجانب والمهاجرين أنه على المغرب أن يسن استراتيجية وطنية من أجل احتواء أزمة الهجرة واللجوء، على الرغم من تسويته لوضعية الآلاف من المهاجرين.
ويذكر أن السلطات المغربية سوت وضعية 18 ألف مهاجر ولاجئ، من بينهم 5250 مواطنا سوريا العام الماضي، حسب أرقام وزارة الداخلية.
ويعقد حيدر أمالا كبيرة على حملة الدعم أملا في الالتحاق بوالده، والاستقرار بشكل نهائي في المغرب، بعيدا عن ضجيج الحرب ومشاكل اللجوء.