لا تزال دولة الإمارات تثير جدلًا وتساؤلات حول حقيقة مواقفها وأدوارها من قضايا عدة وملفات ساخنة في الوطن العربي، حيث تشهد العديد من التناقضات يصفها بعض الخبراء والنشطاء بالدور “المشبوه” بالمنطقة.. فاليوم أعلنت أبوظبي عن منحها الجنسية الإماراتية لشقيقة رئيس النظام السوري بشار الأسد وأرملة رئيس المخابرات العسكرية السورية، كما بدأت تميل لمعسكر الحل السياسي في سوريا، في الوقت الذي تجدد فيه السعودية مرارًا وتكراراً تمسكها برحيل الأسد، سواء بعملية سياسية أو هزيمة عسكرية.
أيضًا موقف الإمارات في اليمن لا يزال محيرًا، ففي الوقت الذي كانت تأوي عائلة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وترفض تسليم أحمد عبد الله صالح حتى وقت قريب أو تجميد أمواله، كانت تشارك في التحالف العربي تحت قيادة السعودية ضد ميليشيات الحوثيين وعبد الله، وكان لها دور كبير في تحرير عدن “العاصمة المؤقتة”، ولكنها الآن تضحي بابن المخلوع في مقابل تحركات أخرى مع قيادات حزب المؤتمر، كل هذا في ظل كشف تقارير صحفية عن سعى الإمارات الجاد لتقسيم اليمن، خاصة مع تباطؤها في تحرير تعز وصنعاء، لتخوفها من عودة حزب الإصلاح “إخوان اليمن” بقوة بعد انتهاء معركة التحرير.
فهل تلعب الإمارات على كل الحبال لتضمن لها دورًا بالمنطقة، في ظل تقدم الدور الريادي للسعودية في العهد السلماني؟
دعم للحل السياسي في سوريا
منحت، اليوم الخميس، وزارة الداخلية الإماراتية، بأمر من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان جنسيتها لشقيقة الرئيس السوري “بشرى الأسد”، وأرملة آصف شوكت رئيس المخابرات العسكرية السورية، ونائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة السورية، التي أبدت في وقت سابق رغبتها في الحصول على الجنسية الإماراتية، بدلاً عن الجنسية السورية، من أجل سهولة التنقل بها في دول الاتحاد الأوروبي .
وقالت تقارير محلية خاصة إن الشيخ سيف بن زايد اتصل هاتفياً بشقيقة الرئيس السوري “بشرى الأسد”، حيث أبلغها بأنه أعطى تعليماته لتحقيق حلم أبنائها في الحصول على الجنسية الإماراتية.
كما انضمت الإمارات مؤخرًا لمحور رباعي جديد يضم بجانبها كل من “روسيا- الأردن – مصر”، وقد تشكل هذا المحور خلال مباحثاتهم الأخيرة بموسكو، في مقابل المحور التركي السعودي القطري الرافض لبقاء بشار الأسد.
وبحسب مراقبين، تتفق مواقف دول المحور الرباعي “روسيا والإمارات ومصر والأردن” على القبول بسقف “منخفض” للحل السياسي، وهو ما جعل روسيا، التي تؤمن بدور بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، تبدأ طرح أفكارها على هذه الدول.
وبما أن السعودية لن تقبل باستمرار تطويق طهران لها من ناحية العراق وسوريا واليمن، أي من الشرق والشمال والجنوب، فهناك تكهنات بأن يساهم هذا الحلف” الرباعي” وتبلوره على هذا النحو في بلورة الحلف الآخر- المتأخر- الرافض لبقاء الأسد، والمكون من السعودية وقطر وتركيا، والسؤال هنا: هل يدفعها إلى إعادة النظر في الخيار العسكري للإطاحة ببشار في إطار مواجهة إقليمية مشتعلة.
الدور الإماراتي في اليمن
تمارس الإمارات دورًا مزدوجًا في اليمن.. فبالرغم مما نشر من تقارير تفيد بدورها في سقوط صنعاء بيد الحوثيين ودعمها المخلوع عبد الله صالح، نجدها شاركت كثاني أكبر قوة عسكرية في التحالف العربي باليمن ضد الحوثي وأنصار المخلوع صالح.
ثم جمعت بين المشاركة الفاعلة في التحالف، وبين استضافة ورعاية رموز الثورة المضادة في نفس الوقت، مثل نجل الرئيس المخلوع أحمد علي صالح، وابن أخيه عمار محمد عبد الله صالح، وبحسب مراقبين يمنيين، فإن الإمارات تحاول من خلال مشاركتها بالتحالف إرضاء القيادة السعودية، وضمان عدم تراجع العلاقات بين البلدين بعد رحيل العاهل السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، مشيرًا إلى أن اللعب الإماراتي على “حبلي” التحالف والثورة المضادة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على مستقبل المقاومة الشعبية في اليمن.
محاولة السيطرة على عدن
برزت جهود الإمارات في معركة تحرير عدن، ومنذ التحرير وأصبحت تتواجد الإمارات في عدن والمحافظات المجاورة من خلال قوة برية ومئات الآليات والمدرعات، وتشرف على الملفات الأمنية والعسكرية والاقتصادية فيها.
وبحسب تقارير إعلامية، فقد ظهرت رغبة إماراتية بالتفرد في ملف المحافظات الغربية الجنوبية، وتجاوبت دول التحالف مع الرغبة الإماراتية وسلمتها المسؤولية عن مدينة عدن، التي تعتبر معقل الحكومة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على معظم المدن الشمالية.
مصادر مطلعة تحدثت أيضًا عن تخوف إماراتي من الدور الاقتصادي لميناء عدن والمنطقة الحرة، خصوصًا بعد أن أدركت استحالة بقاء حليفها صالح ونجله كمتحكمين بالمشهد اليمني في المرحلة المقبلة، وإحساسها بجدية السعودية في إنهاء أدوار صالح في اليمن تمامًا.
ولكن في الوقت ذاته، تثار علامات استفهام حول الوضع في عدن، وانفراد الإمارات استخباراتيًا وعسكريًا في التحكم بوضع المدينة والمحافظات المجاورة.
ويرى مراقبون يمنيون أن تواجد أي دولة من التحالف في أي مدينة محررة لا يبرر الانفراد بالعمل الاستخباراتي والأمني داخلها، وأن على غرفة العمليات التابعة للتحالف التنسيق في مثل هذه العمليات، لسد الباب على أي اختراقات عسكرية وأمنية واستخباراتية في المستقبل.
وحذر المفكر الكويتي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الله النفيسي، قائلًا: “في اليمن نلاحظ أن السعودية مشغولة بالمجهود الحربي ضد الحوثي والمخلوع، بينما يجتهد بعض أطراف التحالف– في إشارة للإمارات– بالسيطرة على (استخبارات) يمن المستقبل”.
كما تم التسويق لخبر عملية تحرير الرهينة البريطاني في اليمن وكأنه عمل بطولي إماراتي خالص.. في الوقت الذي نفى فيه تنظيم القاعدة الخبر، أو أنه لدى التنظيم أي رهائن بريطانيين.
وكان اللافت أن وكالة أنباء الإمارات ووسائل الإعلام الإماراتية كانت أول من نشر خبر تمكن القوة الإماراتية في عدن من إطلاق سراح روبرت دوغلاس ستيوارت سيمبل، في ما وصفتها بعملية عسكرية استخباراتية، قبل أن تنقله طائرة عسكرية خاصة إلى أبو ظبي.
وقالت الوكالة إن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، أجرى “اتصالًا هاتفيا الليلة الماضية، مع السيد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، أحاطه فيه علمًا بأن القوة الإماراتية في عدن تمكنت من الوصول إلى المكان الذي كان الرهينة البريطاني روبرت دوجلاس ستيورات سيمبل، محتجزًا فيه لدى تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن”.
وقال مصدر يمني في عدن: إنه من الواضح من خلال الأخبار الشحيحة حول العملية، أن دول التحالف لم تطلع بشكل كامل على تفاصيلها، وأن التنسيق انفردت به أبو ظبي، في رغبة منها لإبراز دور الإمارات في مكافحة “الإرهاب”.
شؤون خليجية