(وكالات- وطن)- توقّع مسؤولون أمريكيون أن يسعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتوصل إلى حل للأزمة السورية، فور تمرير المصادقة على الاتفاقية النووية مع إيران.
ومن المقرر أن يعود الكونغرس من عطلته الصيفية في الثامن من الشهر المقبل لمناقشة وإقرار الاتفاقية التي توصّلت إليها مجموعة دول “5+1” وإيران، نهاية الشهر الماضي في فيينا.
ويسعى الحزب الجمهوري وأصدقاء إسرائيل في الكونغرس إلى تعطيل الاتفاقية مع إيران بالتصويت ضدها, ومن المرجح أن يقوم المجلسان في الكونغرس، الشيوخ والنواب، اللذان تسيطر عليهما غالبية من الجمهوريين بالتصويت ضد الاتفاقية.
لكن إسقاط الاتفاقية مع إيران في الكونغرس لن يؤثر في مسار المصادقة الأميركية عليها، إذ من المستبعد أن ينجح الجمهوريون في الحصول على غالبية الثلثيْن المطلوبة لتجاوز الفيتو الرئاسي.
ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أن المصادقة على الاتفاقية النووية من شأنها أن تؤدي إلى توليد إيجابية يمكن البناء عليها لإيجاد حلول في ملفات أخرى، وفي طليعتها الصراع في سوريا.
ويصرّ المسؤولون الأميركيون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، على أن “إيران مستعدّة لسيناريو سورية من دون بشار الأسد، ولكنها قبل أن تدخل في هذا النوع من الحوار، يبدو أنها تنتظر حتى تتأكد من إتمام تنفيذ الاتفاقية النووية، وبعد ذلك، تدخل في مرحلة المفاوضات للحصول على أكبر تسويات من الفرقاء الآخرين في سورية”.
وأكد المسؤولون الأميركيون جازمين أن “النظام في إيران ليس متمسّكاً بالأسد”، وإنما يسعى إلى رفع ثمن استغنائه عنه وفقط. وتابعوا أنهم يعتقدون أن “العقبة الوحيدة أمام التوصّل إلى تسوية في سورية، تتمثّل في بقاء الأسد في الحكم لأي مدة زمنية: قصيرة أم طويلة”.
وذكروا أن “الإمكانية الوحيدة لبقاء الأسد، تتمثّل في بقائه خلال الفترة الانتقالية فقط، من دون صلاحيات تذكر، حتى تتم عملية لإقامة سلطة بديلة، تتألف من أطراف في النظام والمعارضة، يمكنها إدارة البلاد فور خروج الأسد من الحكم”.
لكنَ معارضي الإدارة، خصوصاً من المسؤولين في الكونغرس وفي الحزب الجمهوري، رأوا أن “لا مصلحة لإيران في التخلّي عن الأسد”، وأشاروا إلى أنه “بعد حصولها على الأموال ورفع العقوبات عنها، من المرجّح أن ترى إيران نفسها في موقع القادرة على إجبار خصومها الإقليميين على التراجع في سورية، وفي نفس الوقت الإبقاء على الأسد”. حسب ما ذكرته مجلة العصر.
وأضافوا أن “المقايضة التي تطرحها إدارة أوباما على طهران، تتمثّل في موافقة واشنطن على تسليم سورية لإيران مقابل تخلّي الإيرانيين عن الأسد. لكنَ الإيرانيين لا يرون أنفسهم مجبرين على الاختيار بين أمرين، بل تعتقد طهران -حسب المصادر الجمهورية- أنه يمكنها الحصول على الاثنين معاً: السيطرة على سورية وإبقاء الأسد”.
ومن الانتقادات التي يوجهها الجمهوريون، وخصوصاً في المجالس الخاصة، لفريق أوباما، يبرز الرأي القائل إنه “إذا ما أرادت الإدارة تخيير إيران ومقايضتها، فلا يمكن أن يتم ذلك بتقوية إيران، بل إن أي مقايضة مع الإيرانيين تتطلب إضعاف طهران وإنهاك الأسد، ثم انتظارها حتى تأتي إلى طاولة المفاوضات حول سورية”.
وتردّ الإدارة على الجمهوريين بالقول إنه “رغم كل التشكيك الذي أثاره محبّو الحروب”، وهي تسمية يطلقها أوباما وفريقه على الجمهوريين ومعارضي الاتفاقية النووية مع إيران، “برهنت الدبلوماسية أن بإمكانها التوصّل لاتفاقية تمنع إيران من حيازة أسلحة النووية”.
ويبدو أن أوباما وغالبية من الديمقراطيين يعتقدون أن الجمهوريين ينظرون إلى المفاوضات مع إيران حول سورية في ظل العداء القائم بين واشنطن وطهران، ولكن “إذا ما تغيرت علاقتنا مع الإيرانيين”، حسب المسؤولين في إدارة أوباما، “تتغير الأساليب المطلوبة، ويمكن حينها لواشنطن طلب أمور من طهران لم تكن ممكنة قبل الاتفاقية”.
وحتى ينجلي غبار المعركة السياسية داخل واشنطن حول الاتفاقية مع إيران، يبدو أن المسؤولين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يُجمعون على أن سورية ستتصدر الأولويات الأميركية، فور الانتهاء من الموضوع الإيراني، على الرغم من الترابط الكبير بين الملفين.
ويأتي الجدال المُثار بين ديمقراطيي أوباما ومعارضيه من الجمهوريين في وقت كثّفت أوساط أوباما تصريحاتها، التي ترى فيها أن إمكانية حدوث اختراق دبلوماسي لحل الأزمة في سورية صار ممكناً.
ومن غير المعروف ما العوامل التي تجعل مسؤولي أوباما يعتقدون أن الفرصة مواتية لتحقيق اختراق سياسي في سورية، ولكن غالبية الخبراء يرون أن أوباما “يسعى إلى تصوير الاتفاقية النووية مع إيران وكأنها صارت تولّد طاقة إيجابية، حتى قبل المصادقة عليها، وأن هذه الايجابية مع إيران فتحت كوة لحل سوري”.
ويأتي الحديث الأمريكي عن بصيص أمل سوري في وقت صارت فيه الأوساط الأمريكية تتحدث بثقة عن فشل البرنامج الأمريكي لتدريب وتسليح “المعارضة السورية المعتدلة”، وكذلك يعتقد كثيرون أن خطوط الجبهة في سورية صارت شبه ثابتة، وأن أي اختراق دبلوماسي يتطلب تغييراً في ميزان القوى على الأرض، وهو ما لا يبدو أن واشنطن ستسمح بحدوثه.