أدت أمطار خفيفة تساقطت في الأيام الماضية على العاصمة الموريتانية نواكشوط إلى انتشار كبير لبرك المياه في أحياء العاصمة، وإغلاق بعض الشوارع والتسبب في زحمة مرور خانقة في الأحياء الوسطى للمدينة.
واشتكى رواد الشبكات الاجتماعية من “تكرر” هذه المشاهد بعد كل أمطار تهطل على العاصمة.
ونشر مغردون صورا تظهر انتشارا كبيرا للمياه في العاصمة، وبدت السيارات غير قادرة أحيانا على عبور الشوارع بسبب البرك، بينما أظهرت عدة صور السيارات وهي تمخر في برك كبيرة في بعض شوارع نواكشوط.
مهددة بالغرق
في سنة 2011 كلفت الحكومة الموريتانية شركة هولندية بإعداد دراسة حول التأثيرات البيئية على العاصمة، وخلصت الدراسة إلى أن عددا من الأحياء ستغرق نهائيا بحلول 2020.
وحذرت الدراسة من أن العاصمة ستغرق بشكل كامل سنة 2050 إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات للحد من ارتفاع منسوب المياه وتشييد حاجز بينها وبين المحيط الأطلسي.
ويصنف البنك الدولي نواكشوط من بين عشر مدن عالمية ستتضرر بشكل كبير من تأثيرات الاحتباس الحراري.
أسباب الغرق
أسست العاصمة الموريتانية فجأة سنة 1957 على أرضية رملية مسطحة منخفضة عن سطح البحر لا تحيط بها جبال أو مرتفعات.
وكل ما كان يحول بين العاصمة والمحيط الأطلسي الذي بنيت على ضفافه أحزمة رملية استنزفتها أعمال البناء المستمرة منذ حوالي ستة عقود.
وخلصت الدراسة الهولندية إلى أن أي ارتفاع لمستوى مياه الأطلسي قد ينجم عنه غرق جزئي أو كامل للعاصمة.
وحتى الآن، ما زالت المدينة لا تتوفر على شبكة صرف صحي للتخلص من المياه العادمة، وصرف مياه الأمطار.
وزاد الوضع سوءا، اعتماد السكان على حفر أحواض تحت الأرض لتفريغ المياه العادمة، وهو ما زاد من مستوى تشبع التربة بالمياه.
ونجم عن ذلك هجرة الكثير من الأسر عن منازلها في حي سوكوجيم وسط العاصمة الذي انفجرت فيه المياه، وباتت أساسات المنازل تتآكل بسبب تبلل التربة بشل كبير.
التحرك الحكومي
بدأت الحكومة الموريتانية في التوسيع الأفقي للعاصمة، وخططت أحياء جديدة بعيدة عن النواحي الجنوبية والغربية المهددة بشكل أكبر بالغرق.
وطرحت الحكومة مشروعا لبناء و إعادة تشكيل الحاجز الرملي الذي يحول بين المدينة والمحيط الأطلسي.
لكن مطالب السكان تلح على شروع الحكومة في بناء شبكة صرف صحي. وسبق أن قال الرئيس محمد ولد عبد العزيز إن الدولة تباحثت في الموضوع مع شركة صينية، لكن المشروع كان باهظ التكلفة، وهو ما حال دون الشروع فيه.
ويرى الرئيس السابق لجامعة نواكشوط محمد الأمين ولد الكتاب أن على الحكومة التحرك بشكل سريع لمنع غرق العاصمة.
ويكتب في مقال حول الموضوع “كل الإجراءات والتدابير الكفيلة بمنع هذه الجائحة من الحدوث يلزم أن يتم اتخاذها دون تردد و لا تلكؤ، بدءا ببناء نظام لصرف المياه العادمة، مرورا بتقوية الحاجز الرملي الذي يحول بين العاصمة و المحيط – مع الضرب بيد من حديد على كل من يتجاسر على المساس به ـ وانتهاء بإعادة تقييم آثار ميناء الصداقة على تضاريس الشاطئ وحركة الرمال عليه وحواليه”.