نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا حول التقرب السعودي من جماعة الإخوان المسلمين لافتة إلى زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى الرياض مؤخراً بعد يومين على توقيع الاتفاق النووي الايراني, مشيرة إلى أن تلك الزيارة لم تحظى باهتمام إعلامي على الرغم من أن لها العديد من الدلالات السياسية.
الصحيفة الفرنسية عنونت تقريرها بـ” الرياض تقترب من الإخوان المسلمين”, أوضحت فيه أن استقبال الملك سلمان، وابنه محمد بن سلمان، لمشعل، رئيس حركة حماس، الوليدة من حركة الإخوان في مصر، جسد تحول ديبلوماسي في سياسة السعودية منذ وصول الملك سلمان للحكم، هذا التحول الدبلوماسي يعكس التقارب مع الإخوان.
وتابعت الصحيفة بالقول أنه من أجل تشكيل جبهة سنية واسعة على قدر الإمكان في مواجهة إيران،- منافسها في الهيمنة على المنطقة والفائزة باتفاق جنيف-، ومن أجل وضع طوق محكم حول رقبة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أصبح هاجس للمملكة، فإن هذه الأخيرة بحاجة إلى الإخوان.
ونقلت الصحيفة عن الصحفي السعودي جمال خاشقجي: “الدبلوماسية السعودية ترتكز على هدفين: استقرار الشرق الأوسط، وتطهيره من أي تدخل إيراني”، قبل أن يضيف:” تطبيع العلاقات مع الإخوان يأتي ضمن هذه الاستراتيجية، ففي سوريا واليمن وفلسطين، الإخوان مؤثرين، وإذا أردنا أن يكون لنا تأثير إقليمي، فنحن لا يمكننا تجاهلهم، نحن عقلانيين بالفعل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين السعودية والاخوان ظلت قوية جدا لأكثر من نصف قرن، لكنها تدهورت بشكل حاد في عام 2011 خلال الانتفاضات العربية التي استفاد منها الإخوان ووصلوا للحكم في مصر وتونس.
ولفتت الصحيفة إلى أن السعودية شاركت مصر في قمع الإخوان، بتنصيفهم على قائمة الجماعات الإرهابية جنبا إلى جنب مع تنظيم داعش، بالإضافة إلى حملة ضغوطات على قطر، مع تهديدات بقطع العلاقات، وقد انتهت هذه المرحلة بانحدار الاخوان بشكل شديد في مصر، وسقوطهم في أزمة سوريا وكذلك خسارتهم الانتخابات في تونس، تحول على إثرها الإخوان كخيال مآتة في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن تولي الملك سلمان، وهو أقل حساسية تجاه الإسلاميين من سلفه الملك عبد الله، قد سمح بالتوصل إلى شروط اتفاق جيدة مع أمير قطر.
بدأت مؤشرات التهدئة بين السعودية والإخوان منذ فبراير الماضي، حينما صرح وزير الخارجية الراحل سعود الفيصل: “السعودية ليس لديها مشكلة مع الإخوان، لكن مشكلتها فقط مع هؤلاء الذين يتبعوون المرشد الأعظم”، تشير الصحيفة إلى أن هذا التصريح يحمل تمييزا بين الإخوان في المنطقة والإخوان في مصر، الذين يتبعون مرشدهم محمد بديع.
توضح “لوموند” أن عودة العلاقة الجيدة مع الإخوان في مصر لا يزال صعب، فالرياض ترفض التنازل عن حليفها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتابعت الصحيفة بالقول أنه بخلاف حركة حماس التي تؤصر علاقتها مع السعودية، فإن المملكة تتقرب من الإخوان في تونس والأردن، بالإضافة إلى حزب الإصلاح اليمني، كما أعطت الرياض الضوء الأخضر في يوليو الماضي لتعيين نايف البكري، عن حزب الإصلاح على رأس مدينة عدن المحررة من الحوثيين.