قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن هناك فرصة ما زالت سانحة وتلوح في الافق للتوصل إلى حل سياسي في سورية لإنهاء الحرب الدائرة والصراع الذي شتت السوريين رغم وجود صعوبات, محملة روسيا وإيران الدور الأكبر في ذلك الحل.
الصحيفة الأمريكية في تقرير نشرته الاثنين في سياق افتتاحيتها لفتت إلى أن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران الشهر الماضي ، أوجد مجالا لانطلاقة جديدة نحو التوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية في سوريا، والتي أودت بحياة 250 ألف شخص وأجبرت نحو 11 مليون شخص على النزوح من ديارهم, مشيرة كذلك إلى أنه منذ ذلك الحين، أنعشت حزمة من اجتماعات دبلوماسية رفيعة المستوى، الآمال في أن تتمخض هذه الجهود عن إحراز تقدم في نهاية المطاف.
وقالت إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة وروسيا وإيران وسوريا واللاعبون الرئيسيون الآخرون ، لديهم شعور ملح وإرادة سياسية لوضع سوريا على طريق أكثر استقرارا, لافتة بقولها “من الواضح ، على الرغم من ذلك ، أنه بدون التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا ، سيكون من الصعب القيام بحملة فعّالة وموحدة للتصدي لتنظيم داعش الذي يعقد العزم على إقامة دولة خلافة في سوريا والعراق”.
وأوضحت نيويورك تايمز أن النشاط الدبلوماسي الذي حدث مؤخرا حول سوريا ، مثير للاهتمام إذ أن روسيا، أقوى داعم للرئيس السوري بشار الأسد، أقامت علاقات جديدة مع السعودية، التي تعد خصما مريرا للأسد، كما توسطت موسكو في عقد اجتماع بين مسؤولين في المخابرات السورية والسعودية, لافتة إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، اجتمع وزيرا الخارجية الروسي والسعودي في موسكو بينما كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حليف الأسد الرئيسي الآخر، متواجدا في دمشق لرؤية الأسد. وقبل أسبوع من ذلك، عقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيريه الروسي والسعودي، اجتماعا ثلاثيا هو الأول من نوعه حول سوريا.
ورأت أن ثمة أسباب مقنعة لدرء المزيد من الانهيار للدولة السورية: فالأسد ، الذي يكافح في ساحة القتال ويجند قوات لجيشه، يزداد ضعفا ، والأمريكيون والروس ، من بين آخرين ، يخشون من تمكن داعش من أن يحل محل الأسد إذا انهار نظامه حيث أن هذا التنظيم الإرهابي يسيطر بالفعل على جزء كبير من سوريا وبات أقوى من الجماعات المسلحة الأخرى.
وأبرزت الصحيفة الأمريكية وجود عقبات هائلة تحول دون التوصل إلى اتفاق بشأن مثل هذا الانتقال الدبلوماسي، وذلك لأسباب ليس أقلها غياب أي توافق في الآراء بشأن الفترة التي يمكن للأسد أن يتنحى بعدها ومتى سيستغرق ذلك.. لافتة إلى أن الولايات المتحدة وآخرين، من بينهم المملكة العربية السعودية وتركيا ، يصرون على رحيل الأسد، بينما تتمسك روسيا وإيران بوجوده ، وهو ما يمثل عقبة كبيرة .. بيد أن الصحيفة أفادت بأن مسؤولين أمريكيين يعتقدون بأن روسيا قد تكون مستعدة لقطع العلاقات مع الرئيس الأسد كجزء من خطة لاستقرار سوريا ومنع داعش من السيطرة على مقاليد الأمور هناك.
ورحبت الصحيفة بمشاركة روسيا في الجهود الرامية إلى حشد تحالف ضد داعش ، والذي تعمل عليه الولايات المتحدة منذ العام الماضي، وذلك نظرا لتعنت موسكو في الماضي ضد هذه الجهود.. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان انه في عام 2011 ، عندما استخدم الأسد القوة ضد المتظاهرين السلميين ، منعت روسيا المدعومة من الصين ، كل المحاولات في مجلس الأمن للضغط على الأسد بفرض عقوبات وغيرها من سبل سعيا إلى حل سياسي للأزمة.
وعبرت الصحيفة في نهاية تقريرها عن أسفها الشديد لتأخر موسكو كثيرا في القدوم إلى طاولة المفاوضات، على خلفية العدد الكبير من الأرواح التي أُزهقت منذ ذلك الحين ، والطريقة التي فتحت بها الحرب الأهلية المستمرة أبواب البلاد أمام داعش.
وأشارت إلى وجود رغبة جادة الآن في السعي إلى حل دبلوماسي ، وطالبت بتشجيع ذلك، محملة روسيا وإيران مسؤولية خاصة عن دفع الجهود في هذا الاتجاه.