علق الكاتب والمفكر الغربي نعوم تشومسكي على الاتفاق النووي الدولي مع ايران، مؤكدا ان الاتفاق يمنع بالفعل طهران من امتلاك سلاح نووي قد تدوم لأكثر من جيل كامل، مضيفا أن خطر ايران لا يقل أبدا عن دور اسرائيل السيء بدعم أمريكي في المنطقة.
وقال تشومسكي في مقال طويل نشرته مجلة ذا نشين، وهي أقدم مجلة أسبوعية مازالت مستمرة بالنشر في الولايات المتحدة الأمريكية ” إن جوٌ من الارتياح والتفاؤل ساد في العالم بعد إتمام الصفقة النووية في فيينا بين إيران من جهة، والقوى العظمى ومجموعة (5+1) من جهة أخرى” وأكد على أن يتفق المجتمع الدولي مع تقييم الرابطة الأمريكية للحد من انتشار الأسلحة، بأنّ “الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني هي تركيبة قوية وفعّالة تسدّ كل الطرق التي تمكّن إيران من حيازة المواد اللازمة لصناعة الأسلحة النووية، لمدة قد تدوم أكثر من جيل كامل، وتشمل نظامًا لتتبع وردع أي جهود يمكن لإيران بذلها في الخفاء، سعيًا وراء التسليح النووي“.
وأضاف تشومسكي ” مع ذلك، هناك استثناءات صادمة لذلك الترحيب العام: الولايات المتّحدة، وحليفاها الإقليميان، إسرائيل والسعودية. وإحدى نتائج ذلك هي أنّ الشركات الأمريكية ممنوعة من التدفق إلى طهران جنبًا إلى جنب مع نظرائهم الأوروبيين. وهناك قطاعات واسعة من مراكز صنع القرار والرأي العام الأمريكية تتشارك مع الحليفين في الهستيريا الافتراضية حول “التهديد الإيراني”. في الولايات المتحدة، تصف التعليقات المعتدلة إيران بأنها “الخطر الأعظم على السلام العالمي”. حتى مؤيدو الاتفاقية يشعرون بالقلق إزاء ثقل ذلك الخطر الداهم. ورغم كل شيء، كيف يمكننا الوثوق بالإيرانيين بعد هذا السجل الحافل من العنف والاضطرابات والخداع؟
وعرج تشومسكي على تصريحات السيناتور تيد كروز، الذي يُعدّ واحدًا من المثقفين في ميدان مزدحم من المرشحين للرئاسة، والتي حذر فيها من أن إيران قد لا تزال قادرة على إنتاج أسلحة نووية ويمكنها في يوم من الأيام استخدام تلك الأسلحة لإطلاق نبض مغناطيسي كهربائي “يدمر الشبكة الكهربائية للساحل الشرقي للولايات المتحدة، وهذا قد يسفر عن مقتل” عشرات الملايين من الأمريكان.
وربط تشومسكي بين الاتفاق النووي والانتخابات الرئاسية الامريكية المقبلة، مؤكدا أنه ومنذ أيّام الرئيس رونالد ريغان، انحصرت قيادة الحزب في جيوب الأغنياء وقطاع الشركات الذين يمكنهم جذب الأصوات عن طريق تعبئة جزء من السكان لم يكن في السابق قوة سياسية منظمة، ومن بينهم المسيحيون الإنجيليون المتطرفون، والذين يشكّلون الآن أغلبية الناخبين الجمهوريين، وبقايا الولايات التي اشتهرت بتجارة الرق، والمواطنون الأصليون الذين يشعرون بالرعب من “أنهم” يأخذون بلادنا المسيحية الأنجلوسكسونية بعيدًا عنا، وغيرهم ممن ينظرون إلى الانتخابات التمهيدية للجمهوريين بمنأى عن التيار الرئيس للمجتمع الحديث وإن لم يكن من التيار السائد في أقوى دولة في تاريخ العالم.
ولفت الى أن نصيحة قدمها دنيس روس، الذي عمل مستشارًا لشؤون الخليج في عهد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، لإيران بألّا تشكّ للحظة في أنّ الولايات المتحدة ستستخدم القوّة إذا اكتشفت سعي إيران نحو امتلاك سلاح نووي، حتى بعد انتهاء مدة الاتفاق حين تكون إيران نظريًّا حرّة في فعل ما تشاء. وأضاف أنّ إنهاء الاتفاق، بعد خمسة عشر عامًا من الآن، هو” المشكلة الكبرى الوحيدة في هذا الاتفاق”. كما يقترح على الولايات المتّحدة، أن تمدّ إسرائيل بطائرات قاذفة للقنابل، من طراز B -52، مجهّزة بقنابل شديدة القوّة؛ لتحمي نفسها مسبقًا من إيران.
الشيطان الأعظم : اسرائيل
يقول تشومسكي ، إن ايران ترحب وبقوة القضاء على السلاح النووي ليس فقط على اراضيها ولكن في العالم كله لا سيما اسرائيل، مضيفا “لكي يكون اتفاق فيينا ذا قيمة حقيقية، فيجب أن يتخلّص الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل” أنّ إيران وقّعت اتفاقية نووية تاريخية”. والآن، جاء دور إسرائيل، أو “المعقل الأخير” فهل يمكن ذلك.
يشار إلى إن إسرائيل، ، هي واحدة من الدول الثلاث، مع باكستان وإيران، التي رفضت التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
واكد تشومسكي أن المحاولات المتعددة للقضاء على السلاح النووي الذي تمتكله دول العالم لا سيما اسرائيل بات بالفشل، خاصة وإن اسرائيل بالأساس لم توقع على اتفاقية حظر السلاح النووي وليس عضوة في دول ” عدم الانحياز ” التي تدعو للقضاء على السلاح الذري في العالم.
وسأل تشومسكي : لماذا إيران هي الشيطان الأعظم؟ لماذا ترتعد إسرائيل والسعودية خوفًا منها؟ أيًّا كان، فهي لا تمثّل تهديدًا عسكريًّا. أعلمت الاستخبارات الأمريكية الكونجرس منذ أعوام أن إيران تنفق القليل جدًّا على التسليح العسكري، بمقاييس المنطقة في الشرق الأوسط، وأن سياساتها العسكرية دفاعية – مصممة لردع العنف. أيضًا، فإن الاستخبارات قد نفت أن يكون لديها دليل قاطع على سعي إيران نحو برنامج تسليح نووي فعلي، وأن “سعي إيران لإبقاء خيار التسليح النووي مفتوحًا ما هو إلا جزء أساسي من سياساتها الردعية“.
جدير بالذكر بأن تقييم التسليح العالمي الصادر عن مركز ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، يضع الولايات المتحدة في الصدارة من حيث النفقات العسكرية، تأتي بعدها الصين بحوالي ثلث ما تنفقه أمريكا على التسليح، ثم تأتي السعودية وروسيا فوق الدول الأوروبية. ونادرًا ما تُذكر إيران فيما تتفوق دول الخليج العربي على إيران في حجم الإنفاق العسكري والحصول على الأسلحة الحديثة“. بنسبة تصل لأكثر من ثمانية أضعاف ما تنفقه إيران ، لافتًا إلى أن الفارق بين إسرائيل وإيران كبير للغاية. فإسرائيل، بالإضافة إلى امتلاكها أحدث الأسلحة الأمريكية، والقواعد العسكرية الخارجية، لديها مخزون هائل من الأسلحة النووية أيضًا.