(خاص – وطن)- لا تتوقف أخبار غرق المهاجرين الى السواحل الأوروبية عن الصدور، وغالبية الضحايا عربًا، سواءً لاجئين من سوريا أو العراق أو ليبيا وحتى شبابا أنهكتهم توغل البطالة وضيق الحال وقلة ما في اليد ..
ويبقى السؤال الذي طرحه مراقبون، في خطوة للتفكير خارج الصندوق كما يبدو ، ماذا لو توجه مئات الألوف الذين يمخرون عباب البحار فيغرق منهم كثيرون قبل أن يصلوا إلى شواطئ أوروبا، ماذا لو اختصروا الطريق ولجئوا إلى إسرائيل” فهي أقرب إليهم وهي دولة ديمقراطية أيضاً على الأقل من الداخل، أليس من شأن ذلك أن يمثل خطوةً مزعجةً وتهديداً وجودياً لدولة الاحتلال الاسرائيلي خاصةً أن قدرة إسرائيل على استيعاب اللاجئين دون الإضرار بصبغتها أقل كثيراً من قدرة الاتحاد الأوروبي نظراً لمحدوديتها الجغرافية وقلة سكانها وكونها محاطة بالعرب من كافة الجهات؟
في النهاية يمثل اللاجئون اليوم أمراً واقعاً في أوروبا لا تستطيع الحكومات طردهم حتى لو رغبت في ذلك، بنفس المنطق لن يكون من السهل على دولة الاحتلال التصدي لظاهرة لجوء عشرات أو مئات الآلاف إليها..
في حال نجاح هؤلاء اللاجئين في دخول أراضي فلسطين المحتلة وهو أمر ليس صعباً، فسيفرضون أمراً واقعاً داخل دولة الاحتلال ومع زيادتهم العددية يمكن أن يمثلوا تحولاً ديمقراطياً هادئاً في طبيعة هذه الدولة بل أن يفجروها من الداخل عبر تعديل صبغتها الديموغرافية، حتى لو عاملتهم إسرائيل بأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة كما تفعل مع الفلاشا فستكون إيجابيات هذه الخطوة أكثر من سلبياتها.. ما أبسط الحلول أحياناً لكننا نصنع حواجز داخل أنفسنا تمنعنا من تجريب هذه الحلول.
وأعلن خفر السواحل الإيطالي السبت أنه ينسق عملية إنقاذ نحو 3000 مهاجر قبالة سواحل ليبيا بعد تلقيه نداءات استغاثة من 18 زورقا بسبب مواجهة صعوبات.
وتشارك في العملية سبع سفن على الأقل لنقل المهاجرين من 14 زورقا مطاطيا، و4 زوارق أخرى تنقل ما بين 2000 و3000 شخص.
ووصل أكثر من 104 آلاف مهاجر من إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا إلى مرافئ جنوب إيطاليا منذ بدء هذه السنة بعد إنقاذهم في المتوسط. كما وصل حوالي 135 ألفا أيضا إلى اليونان، وأكثر من 2300 قُتِلوا في البحر بعد محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
وفي سياق آخر، أعلنت شرطة باليرمو في صقلية، أنها أوقفت ستة مصريين يشتبه في أنهم مهربو المهاجرين الذين عثر عليهم على متن سفينة مكتظة بالركاب جنحت في 19 أغسطس
ويرى مراقبون أن القلق الأوروبي من زحف المهاجرين العرب بوتيرة غير مسبوقة هو من إحدى زواياه تعبير عن حقيقة تهاوي الحدود القطرية والجغرافية بين بقاع هذا العالم، وأن العالم صار موحداً، وأن الانفجارات التي تضرب منطقةً ما من العالم ستصل شظاياها إلى كافة المناطق..
وترى مصادر حقوقية دولية، أن تردي الأوضاع في المنطقة العربية انعكس بشكل جلي في قلب اوروبا، وما يعرف بضريبة الظلم والاستبداد ستمسي باهظة على الجميع ، وستدفع تلك الضريبة الأنظمة الديموقراطية وليست فقط الدكتاتورية التي ترعى شعوبها قد تنظر لها تلك الدولة بأنها شعوبا متخلفة، وأن الطريق إلى الاستقرار لن يكون إلا عبر تعزيز العدل واحترام الكرامة الإنسانية..
انزعاج أوروبا من موجات النزوح العربي نحوها يعني أن العالم يزداد توحداً في قضاياه ومشكلاته ومصيره وأنه لم يعد بالإمكان الانكفاء على الذات بل إن من مقتضيات الأمن القومي للدول المتقدمة أن تدعم العدالة والديمقراطية في الدول البائسة.