كشف رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابق وكذلك وزير الجيش السابق، إيهود باراك، (73 عامًا) أمس النقاب عن أنّ إسرائيل كانت على وشك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنّ معارضة الجيش والأجهزة الاستخبارية والانقسامات داخل القيادة السياسية حالت، في حينه، دون اتخاذ القرار وتنفيذه.
وأضاف باراك أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول إقناع المعارضين بخيار مهاجمة إيران، وعلى رأسهم موشيه يعلون ويوفال شطاينتس، لكن جهوده لم تؤتِ ثمارها. وأوضح أن رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي حال دون طرح هذا الخيار على المجلس الوزاري المصغر، عندما أكد عدم وجود قدرة عملياتية لتنفيذ ذلك، كما تبينّ أنّه في المرّة الثالثة التي حاول فيها نتنياهو اتخاذ القرار المصيريّ، كانت واشنطن له بالمرصاد، ومنعت الدولة العبريّة من إخراج مخططها إلى حيّز التنفيذ.
وبحسب وزير الأمن الإسرائيليّ السابق، كما جاء على موقع القناة الثانية، أنّه في وقت ما بين عامي 2009 و2010، تبنّى هو ونتنياهو مفهومًا معينًا تجاه “منطقة الحصانة”، إزاء المنشآت النووية الإيرانية. ونتيجة لذلك، بات من الضروري اتخاذ قرار بمهاجمتها، قبل أن تدخل إيران أجهزتها النووية إليها، وإلا بعد ذلك فلن يكون الهجوم مجديًا.
ويشار إلى أنه في ذلك الحين كان يقصد بـ”منطقة الحصانة” منشأة فوردو تحديدًا التي تتميز بعدم قدرة الصواريخ على اختراقها، كونها تقع تحت الجبال. وتابع باراك، في كتاب جديد يحكي سيرة حياته ويروي فيه عن الخطط الإسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، أنّ رئيس الأركان، في حينه، غابي أشكنازي كان معارضًا لهذا الخيار، فيما كان هو ونتنياهو وافيغدور ليبرمان مؤيدين للعملية العسكرية. وشدّد على أنّ هذا الخيار كان يحتاج إلى موقف رئيس الأركان كي يؤكد وجود قدرة عملياتية لتنفيذ الهجوم. لكن بعد اجتماع مقلّص جداً، ضمه ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس الأركان ورئيس الموساد ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس “الشاباك”، لم تكن النتيجة إيجابية وهو ما لم يكن بالإمكان تجاهله. وتوقف باراك عند موقف اشكنازي الذي أنتج وضعًا لا يمكن في ضوئه التوجه إلى المجلس الوزاري المصغر، استنادًا إلى تقديره عدم امتلاك القدرة العملياتية لذلك. علاوة على ذلك، في السنة نفسها، عُقد لقاء موسع لذلك، بحسب ما ذكر باراك، وكان من المعارضين بيني بيغن ودان مريدور وايلي يشاي، وتقريبًا كلّ كبار قادة الجيش. وللحظة كان يبدو كما لو أنّ موشيه يعلون ويوفال شطاينتس مؤيدان، لكن اتضح في هذا اللقاء أن الأمر لم يكن كذلك.
في السياق نفسه، تحدّث باراك عن محاولات متجددة من قبله ونتنياهو للدفع نحو خيار مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، بعد تولي بني غانتس رئاسة الأركان، والذي كان يرى أن هناك قدرة عملياتية، ولكن أنتم تعلمون كل القيود، وكل الأمور وكل الأخطار. وأوضح باراك أنّه في عام 2011، عُقدت جلسة للثمانية، قدم خلالها غانتس المشهد وعرض كل الصعوبات والتعقيدات وكل المشاكل، بما فيها إمكانية سقوط خسائر. عندها كاد كل من شطاينتس ويعلون أنْ يذوبا وعارضا خيار العملية. فكان احتمال من اثنين، أو أن نتنياهو لم ينجح في مهمة إقناعهما، أو أنه لم يقدر جوابهما بشكل صحيح، بحسب ما نقل باراك. ولفت أيضًا إلى أنّ يعلون وشطاينتس، الآن، هما من الأكثر نضالاً لمهاجمة إيران، بينما لو غيرا رأيهما، في حينه، لكان يمكن توفير غالبية في المجلس الوزاري المصغر لمهاجمة إيران.
وكشف موقع القناة الثانية، أنه وفقًا لمصادر أجنبية فقد كانت هناك نيات بشن الهجوم، مرة أخرى، في بداية عام 2012، لكن في ذلك الحين كانت هناك مناورة مشتركة بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأمريكيّ. وفي هذا الشأن، أوضح باراك أنّه طلب من وزير الدفاع الأمريكيّ، ليون بانيتا، تأجيل موعد المناورة وتمّت الموافقة على ذلك، وجرى تحديد موعد إجرائها، قبل أيام من الانتخابات الأمريكية.
وأشار إلى أن الموعد الجديد، أيضًا، لم يكن مريحًا للأسباب ذاتها، لافتاً إلى أنك عندما تريد تنفيذ قرار الهجوم وهو ما تعارضه الولايات المتحدة، ويعارض مصالحها، عندها تكون كمن يجبر الولايات المتحدة على المشاركة، خصوصًا أنّ موعد المناورة كان معروفًا مسبقًا، وهكذا تعقدت القضية، كذلك، عام 2012. وتعقيبًا على ما ورد على لسان باراك، اعتبر شطاينتس أنّ من الخطورة الكشف عمّا جرى في جلسة مجلس وزاري مقلّص، معبّرًا عن دهشته من أن أموراً كهذه تتجاوز الرقابة العسكرية. وشدّد على أنّه يحتفظ لنفسه بالموقف الذي أدلى به في جلسات مغلقة، ولا يؤكّد أو ينفي ما قاله باراك.
من ناحيته، رفض يعلون التطرق إلى ما ورد على لسان باراك، موضحًا أنّه لا يريد التطرق لروايات مشوهة ومتحيزة عمّا جرى. هذا وتحدث موقع القناة عن كتاب يروي سيرة حياة باراك، بقلم، ايلان كافير وداني دور، والذي جاء تحت عنوان: بلادي، حياتي، وسيصدر في شهر آذار (مارس) من العام المُقبل 2016، بحسب موقع (NRG) الإخباريّ-الإسرائيليّ.
جديرٌ بالذكر، أنّ باراك كان قد أكّد في مقابلةٍ صحافيّةٍ على أنّه في حال اندلاع مواجهة بين إسرائيل وبين إيران فإنّ إسرائيل ستُعيد إيران آلاف السنين إلى الوراء، مُشيرًا إلى أنّه لن يبقى فيها، أيْ في إيران، مَنْ يقوم بإحصاء عدد القتلى والجرحى، في إشارةٍ واضحةٍ إلى إمكانية استخدام إسرائيل أسلحة غير تقليديّة، إذْ أنّ المصادر الأجنبية تؤكّد على أنّ إسرائيل تملك مئات الرؤوس النوويّة.