نشر الباحث السياسي الأمريكي والأستاذ في جامعة ميتشجان، جوان كول، أهم أخطاء وقع فيها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، قادت إلى انهيار بلاده.
وأوضح كول، في مقال على موقعه الإخباري الذي يحمل اسمه، أنه بعد استقالة نوري المالكي من حكم العراق، بعد فترتين في منصبه “2006 إلى 2010، ثم 2010 إلى 2014″، يجب إعادة النظر على ما خلفه على العراق.
طائفية ضد السنة
ظل المالكي من أكثر المنحازين للشيعة منذ عام 2006، فبعد توليه منصبه مباشرة أنكر أن المليشيات الشيعية تمثل مشكلة أمام أمن البلاد، حتى بعد أن قدم الجنرال الأمريكي، دافيد باتراوس، خطة لنزع السلاح من المليشيات السنية والشيعية في بغداد، أصر المالكي على البدء بالمليشيات السنية.
نتيجة لذلك نفذت المليشيات الشيعية المسلحة عمليات إبادة طائفية ضد السنة، بحسب كول، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة السنة في العاصمة العراقية من خلال عام 2003 إلى 25% في نهاية عام 2007، لذا فإن طائفية المالكي قادت إلى جعل بغداد من أكبر المدن التي يسيطر عليها الشيعة.
التخلي عن “الصحوة” السنية
عمل الجنرال باتروس وآخرون على تحذير السنة من انتشار القاعدة في بلادهم، وسعيهم لإنشاء خلافة إسلامية، ودعا إلى تشكيل “مجالس صحوة” من الجماعات السنية المسلحة لقتال المتطرفين، لكن المالكي عارض هذا البرنامج بحجة أن الجماعات السنية المسلحة ستصبح مشكلة ضد حكومته الشيعية بعد هزيمة القاعدة.
وفي عام 2009، طالبت القوات الأمريكية المالكي بأن يستمع لمجالس الصحوة السنية العراقية، البالغ عددها 100 ألف مقاتل، مقترحين عليه إدراجهم في قوات الأمن في بعض المدن: مثل الموصل والفلوجة، لكنه لم يأخذ منهم سوى 17 ألفا فقط، وترك الباقي فرائس سهلة للقاعدة، التي سبق أن قاتلوا ضدها، كما حاكم هو الآخر بعض هؤلاء المقاتلين بتهم نشاطات ضد الحكومة.
الاعتماد على المليشيات الشيعية بدلا من الجيش
على الرغم من أن الحملة، التي شنها المالكي ضد جيش المهدي في البصرة في 2008، كانت انتصارا مهما للجيش العراقي الجديد، لكن هذا الانتصار كان نتيجة لمشاركة مليشيات “بدر” الشيعية، المنحازة لإيران، والمساندة الجوية الأمريكية.
نتيجة لذلك عمد المالكي إلى ضم آلاف المقاتلين، التابعين لهذه المليشيات، إلى الجيش وإعطائهم مناصب مهمة، الأمر الذي جعل الجيش العراق ذو أغلبية شيعية، ما أثار نفور المسلمين السنة، خصوصا في الموصل، وقرروا التحالف مع تنظيم داعش ضد المالكي.
إضعاف الجيش
بذل المالكي كل ما في وسعه للإبقاء على الجيش ضعيفا، خوفا من تزايد قوة ضباطه وقيامهم بانقلاب عسكري ضده.
وعلى الرغم من أن الموازنة التي وضعها كانت ضخمة، فإنها لم تول اهتماما كافيا للاستثمار وخلق فرص العمل، ودعم الصناعة المحلية، أو تنويع مصادر الدخل، بدلا من الاعتماد كليا على النفط.
سياسة مدنية محابية للشيعة
ظل المالكي يتبع سياسة محابية للشيعة في جنوب البلاد، وأهمل توفير الخدمات الحيوية للعرب السنة في الشمال، بما فيها الكهرباء، في نهاية 2011، أعلن المالكي أن نائبه السني، طارق الهاشمي، إرهابي، دون أن يكون هناك قضية، ونتيجة لذلك زاد نفور السنة منه كثيرا.
وفي 2010، عندما شارك السنة بحماس في العملية السياسية، وصوتوا بقوة لحزب “العراقية”، أصدر المالكي قرارا بتجميد سلطات الحزب السني، لصالح الائتلاف الشيعي، الذي تقوده إيران. ونتيجة لذلك شعر السنة بالغضب، لأنهم يمتلكون أكبر حزب في البرلمان، لكنه لا يمكنه أن يفعل شيئا.
التراجع عن عهوده بعدم الترشح
حينما اندلع الربيع العربي في 2011، انتقلت الفوضى إلى العراق عبر مظاهرات شارك فيها شباب سني وشيعي، ضد نظام المالكي الاستبدادي، ما دفع المالكي للتعهد بعدم الترشح لفترة ثالثة كرئيس للوزراء، لكن سرعان ما غير رأيه، وسعى لتشكيل حكومة ثالثة، ما دفع السنة للوقوف إلى جانب تنظيم داعش.
في خريف وربيع 2013، حينما تزايدت تظاهرات السنة في الفلوجة والحويجة في غرب وشمال العراق، وصف المالكي المتظاهرين بالإرهابيين، وأرسل قوات الجيش وطائرات الهليكوبتر لفض التظاهرات، فقد أدرك السنة أنهم لن يفوزوا أبدا في البرلمان، وأن النظام الحالي لا يعطيهم أي فرصة سياسية، وفي النهاية قرروا التحالف مع تنظيم “داعش”، للتخلص من سياسة التهميش التي تفرضها عليهم حكومة المالكي.