نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية مقالًا للبروفيسور “نيك بتلر” الأستاذ الزائر في معهد السياسة بكلية Kings College London”” البريطانية، تحدث فيه عن الخيارات الصعبة التي تواجه السعودية بشأن النفط والنفوذ الإقليمي.
وأشار إلى أن مصالح المملكة متعلقة باستقرار أسعار النفط خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتحدث عن أن عام 2015م، لا يسير بشكل جيد بالنسبة للسعودية، فمحاولات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد ورئيس الديوان الملكي ووزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى لشركة “أرامكو”، لتأكيد سلطتهم في المنطقة وسوق النفط تبوء بالفشل.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاهل عن قصد قلق السعودية بشأن التوصل لاتفاق مع إيران، التي تغير ميزان القوى الإقليمي بالفعل.
وأضاف أن القلق السعودي بشأن النفوذ الإيراني قاد المملكة للتدخل عسكريًا في اليمن، إلا أن الحملة الجوية الضعيفة لم تحقق سوى القليل، وأظهرت محدودية الجيش السعودي، وكانت من بين نتائجها وقوع كارثة إنسانية في اليمن، مع استمرار قوات الحوثيين في السيطرة على أغلب أنحاء شمال اليمن.
واعتبرت أن الأسوأ بالنسبة للمملكة هو عدم تقليص شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي لإنتاجها، بسبب انخفاض أسعار النفط، بل على العكس من ذلك، فتكاليف الإنتاج انخفضت، ومن المتوقع أن يكون إنتاج العام الجاري أكبر من إنتاج 2014م، وفي أماكن أخرى قام بعض منتجي النفط بزيادة إنتاجهم من أجل زيادة العائد، مضيفًا أن سعر البرميل وصل إلى 50 دولارًا وأقل من ذلك.
وتحدث عن أن المملكة أمام تلك التحديات قد تلجأ إلى اختيار طريق من اثنين، فإما تسعى لتشكيل تحالف من القوات للتصدي لحلفاء إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وهو ما يفسر زيارة ممثلين من حماس والإخوان المسلمين للرياض في الأسابيع الأخيرة، وستكون النتيجة عندئذ التدخل العسكري الحاسم ضد نظام بشار الأسد في سوريا، فضلًا عن تكثيف الصراع في اليمن.
وذكر أنه في مجال سوق النفط، قد تقرر المملكة أنه إذا لم يكن وصول سعر برميل عند 50 دولارًا منخفضًا بما فيه الكفاية للإضرار بصناعة النفط الصخري، فإنها قد تهدف إلى وصول سعر البرميل إلى 40 دولارًا، وبالتالي استمرار الضرر لفترة أطول، وهذا ما قد يفسر السبب وراء الاقتراض الضخم الذي أعلنت عنه المملكة خلال الأسبوعين الماضيين.
وأشار إلى أن الخطر بشأن مزيد من الصراع واضح، فالهجوم الذي استهدف مسجدًا الشهر الجاري بالقرب من الحدود مع اليمن يظهر أن العدو داخل المملكة.
وأضاف أن التهديد بإمكانية امتداد الصراع جنوبًا إلى المملكة قادمًا من “داعش” في العراق، أو يمتد شمالًا قادمًا من اليمن أمر وارد، لذلك فإن هناك احتمالية أن يقود انخفاض أسعار النفط إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وما أبعد من ذلك.
وتحدث عن أنه من الصعب رؤية كيفية تأثير تلك الأحداث على مصالح من هم بالسلطة في الرياض، لكن حكام السعودية في حاجة إلى فترة من الهدوء لضمان بقائهم في السلطة.
وأشار إلى أن السعودية في حاجة إلى إصلاحات داخلية، كإلغاء الدعم الهائل على الوقود الذي يكلف المملكة سنويًا 80 مليار دولار على حساب صادراتها النفطية.
وذكر أن هناك حاجة ضرورية لزيادة أسعار النفط واستقرارها، مشيرًا إلى أن العاهل السعودي بلغ من العمر 79 عامًا، ووزير البترول الدكتور علي النعيمي يبلغ من العمر 80 عامًا، وربما يعتقد الاثنان أن سوق النفط العالمي مازال يدار كما كان عليه الحال في ثمانينيات القرن الماضي، لكن هذا غير حقيقي، مضيفًا أن النظام البراجماتي في الرياض عليه أن يقبل بأن مصلحة المملكة في استقرار أسعار النفط ربما عند 70 إلى 80 دولارًا للبرميل، خلال السنوات الخمس القادمة، وهذا يتطلب تقليصًا حادًا في الإنتاج ربما يصل إلى مليوني برميل يوميًا.
وتحدث عن أن المنافسة مع إيران حقيقية، لكن يوجد سبيل للتعاون في أهداف مشتركة كالحرب ضد “داعش”، مضيفًا أن المملكة تحتاج لأصدقاء على الساحة الدولية، لكن سجلها في حقوق الإنسان وإعدامها هذا العام لنحو 102 شخص، يجعل من المملكة دولة منبوذة، لكن الإصلاح والحداثة وحدهما من الممكن أن يغيرا التوجهات.
وأضاف أنه لا توجد خيارات سهلة ولا يوجد شيء مؤكد، لكن حدوث تغيير في السياسة قبل نهاية العام الجاري يبدو أكثر ترجيحًا، حتى لو أن ذلك سيعني حدوث تغيير في السلطة ورحيل ولي ولي العد الأمير محمد بن سلمان.