عمدت اللجنة الوطنية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 اعتماد سياسة جديدة في إقصاء غير المرغوب فيهم من المواطنين بإدراج من اختارتهم لممارسة حقوقهم السياسية عبر رابط الكتروني يتطلب من المواطن ادخال اسمه ورقم هويته ليعرف إذا ما كان مسموحا له بالمشاركة السياسية أم أن يد الإقصاء قد طالته لتظهر له عبارة «ممنوع من المشاركة».
«ممنوع من المشاركة» كانت حلا للمواقف المحرجة التي واجهت اللجنة الوطنية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي في انتخابات 2011 عندما أعلنت اللجنة كشوفات بأسماء من وافقت عليهم الدوائر الخاصة بترشيح الأسماء فظهر بالكشوفات أسماء لأناس موتى ومجانين وعجائز مودعون في دور المسنين المنتشرة بطول البلاد وعرضها وكانت “السالفة” مثارا للسخرية بامتياز لما آلت إليه الأمور في دولة الإمارات.
المراقبون للمشهد السياسي والحقوقي يصفون ما يجري اليوم في الإمارات بأنه صورة أخرى جديدة من صور السخرية التي لم ولن تطال اللجنة والسلطات الداعمة فحسب، بل طالت شخوصا محسوبة على النظام، إذ كشفت عبارة «ممنوع من المشاركة» رسائل فاضحة تكشف هزلية العملية الانتخابية.
«ممنوع من المشاركة » كما هي طالت عددا كبيرا من المعارضين سواء كانوا داخل الدولة أو خارجها طالت شخوصا وطنية مقربة من الحاكم الفعلي للبلاد، عبارة طالت هذه المرة الدكتور «عبدالخالق عبدالله»، المستشار السياسي لولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد» لمجرد مطالبته بانتخابات يشارك فيها كل شعب الإمارات لاختيار مجلس وطني يتمتع بكل الصلاحيات الرقابية والتشريعية.
«عبدالله» لم تشفع له مواقفه السياسية، ولكن تغريدة واحدة كانت كافية بلقب الأمور وفقا لمراقبين: «أفرح لممارسة مواطن واحد حق التصويت فمابالكم بـ 224 ألف وأحزن عندما يحرم مواطن واحد فمابالكم بمئات الألاف .. هذا لا يليق بالإمارات».
وتابع «عبدالخالق» ردا على عبارة «ممنوع من المشاركة» التي نالها : «لا يوجد سببا مقنعا لماذا يسمح لمواطن بممارسة حقه الانتخابي ويحرم مواطن آخر من ممارسة حق التصويت .. قمة التفرقة يا إمارات الخير» .
وأكد «عبد الخالق عبد الله» في جرأة مثيرة لعلامات الاستفهام عن مبعث التغير في مواقفه المؤيدة في مجمل مآلات الأمور السياسية في الإمارات : «تفاوتت تفسيرات المنع والسماح للبعض للتصويت: مواطن درجة أولى، موافقة أمنية، جهاز الكمبيوتر، المنصب الإداري، سل الشيوخ، أسباب غير مقنعة».
وأضاف «عبد الخالق» أن المشاركة في 2011 كانت متواضعة ومخجلة وبلغت 28 % وأتوقع أن الإقبال في انتخابات 2015 سيكون أيضا متواضعا بسبب التفرقة وعدم العدالة، وأردف قائلا : «حان وقت قانون انتخابات في الإمارات حتى لا يتم اختيار من يسمح له ومن يحرم من التصويت بمزاجية ولأسباب غير مقنعة»، مؤكدا في ذات التغريدات عبر تويتر: «أن دولة الإمارات دولة قانون مضيفا : سيظل السؤال يلاحق العملية الانتخابية بالإمارات : التدرج إلى متى، وغياب قانون الانتخابات إلى متى، وعدم محاسبة المسؤول عن فشل انتخابات 2011 إلى متى ؟!».
وختم تغريداته قائلا: «أطالب بانتخابات يشارك فيها كل الشعب لاختيار مجلس وطني يتمتع بكامل الصلاحيات الرقابية والتشريعية وأتمنى أن يتحقق هذا اليوم وليس غدا».
المراقبون للمشهد السياسي للإمارات لفت نظرهم أن مبعث قلق وأفراح وأحزان وملاحظات ومطالب «عبد الخالق» هي ذات المطالب التي وردت في العريضة السياسية التي رفعها نحو 133 مواطنا من الرجال والنساء من أساتذة الجامعات وأعضاء سابقين في البرلمان ومسؤولين حكوميين سابقين ونشطاء حقوقيين وأعضاء في جمعيات المجتمع المدني وكتاب وغيرهم في الثامن من فبراير/شباط عام 2011 يطالبون فيها بما طالب به «عبد الخالق»، مما دعا جهاز أمن الدولة حينها إلى تشتيت شمل أصحابها بعد فرزهم إلى إسلاميين وقوميين ويساريين وليبراليين.
رموز وقادة الإسلامين تم إلقاء القبض عليهم واتهامهم بقلب نظام الحكم وحاكمتهم السلطات في القضية التي تعرف إعلاميا بـ«الإمارات 94 » وصدر بحق المتهمين فيها أحكاما بالسجن تتراوح ما بين 10 ـ 15 سنة، فيما قامت السلطات بأدوار مغايره تجاه التيارات السياسية الأخرى، فقامت بالضغط عليهم للتبرؤ من توقيعاتهم وإجبارهم على اتهام الإصلاحيين بأنهم خدعوهم ووقعوا نيابة عنهم.
يذكر أن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي تدخل مرحلة جديدة، اعتباراً من يوم الأحد الموافق 16 أغسطس/آب 2015 إلى الخميس 20 أغسطس/آب الجاري بفتح باب الترشح أمام أعضاء الهيئات الانتخابية، ممن تنطبق عليهم الشروط، حيث سيلعب المرشحون الدور الأكبر خلال فترة الـ45 يوماً المقبلة، وتتواصل حتى 30 من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، الذي سيشهد نهاية فترة الحملات الدعائية للمرشحين على مستوى إمارات الدولة، ويحق لـ224 ألفاً و279 مواطناً الترشح، وهم أعضاء الهيئات الانتخابية في مختلف إمارات الدولة.
ويتنافس المرشحون على نصف مقاعد المجلس الوطني الاتحادي الـ40، حيث تم توزيع المقاعد الانتخابية على النحو التالي: أربعة مقاعد لإمارة أبوظبي، وأربعة مقاعد لإمارة دبي، وثلاثة مقاعد لإمارة الشارقة، وثلاثة مقاعد لإمارة رأس الخيمة، ومقعدان لإمارة عجمان، ومقعدان لإمارة الفجيرة، ومقعدان لإمارة أم القيوين.
وحددت اللجنة الوطنية للانتخابات تسعة مقار لقبول الأوراق، في أبوظبي بمبنى غرفة التجارة والصناعة (تقاطع شارع راشد بن سعيد آل مكتوم، وكورنيش أبوظبي)، وفي مدينة العين باستاد هزاع بن زايد، وفي المنطقة الغربية في معهد بينونة للعلوم والتكنولوجيا، وفي دبي بمركز دبي التجاري العالمي (بر دبي – شارع الشيخ زايد)، وفي الشارقة بالمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة (ميدان الكويت)، وفي عجمان بمتحف عجمان (قاعة حميد بن راشد)، وفي رأس الخيمة بمركز وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وفي أم القيوين بالمجلس التنفيذي لإمارة أم القيوين، وفي الفجيرة بغرفة التجارة والصناعة (المبنى الجديد مقابل لولو مول، الدور الثامن).
وخصصت اللجنة الوطنية للانتخابات يوم الأحد 23 أغسطس/آب الجاري، لإعلان أسماء كل المرشحين الذين تم قبول أوراقهم من مختلف إمارات الدولة، فيما تستقبل لجان الإمارات طلبات اعتراضات المواطنين على أي مرشح في الفترة من الإثنين 24 أغسطس/آب إلى الأربعاء 26 من ذات الشهر.
وحددت اللجنة الوطنية للانتخابات يوم الخميس 27 أغسطس/آب، موعداً للرد على طلبات الاعتراضات ضد أي مرشح ، وتعلن اللجنة الوطنية للانتخابات أسماء جميع المرشحين الذين شملتهم القوائم النهائية في كل إمارات الدولة، يوم 30 أغسطس/آب، فيما حددت يوم 14 سبتمبر/أيلول المقبل، موعداً لإغلاق الباب نهائياً أمام تقدم المرشحين بطلبات انسحاب من السباق الانتخابي، وهو الموعد نفسه الذي خصصته اللجنة أيضاً لنهاية استقبال تقدم المرشحين بأسماء وكلائهم في الانتخابات.
وتبدأ الحملات الدعائية للمرشحين يوم الأحد 6 سبتمبر/أيلول المقبل، وتتواصل لمدة 25 يوماً، حتى الثلاثين من الشهر ذاته.
المصدر | الخليج الجديد