هل يكون عداء الإمارات لحزب التجمع اليمني للإصلاح بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، هو المدخل للالتفاف على المكاسب العسكرية التي حققتها المقاومة الشعبية اليمنية على الأرض وتحريرها العديد من المدن الجنوبية، وتأخير تحرير صنعاء، فهناك مؤشرات تؤكد وجود فجوة كبيرة في المواقف تجاه تحرير العاصمة والخروج الآمن للمخلوع على عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين “الشيعة المسلحة”، بين أبوظبي وخالد بحاح نائب الرئيس اليمني من ناحية وبين موقف الرياض والمقاومة الشعبية من ناحية أخرى وسط ضبابية وعدم وضوح موقف الرئيس اليمني عبد ربه هادي بحسب مراقبين.
وبرزت أصوات تنادي بتأخير تحرير صنعاء تحت ذرائع مختلفة، رغم أن جميع المؤشرات الميدانية كانت تقطع بحسم ملف صنعاء خلال أيام معدودة بعد أن باتت المقاومة على بعد 100 كيلو متر من العاصمة وإعلان اعتماد خطة تحرير صنعاء من قبل الرئيس اليمني عبد ربه هادي.
جاء ذلك، بحسب المراقبين، مع صعود دور قيادات بحزب الإصلاح اليمني المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بالمقاومة الشعبية باليمن، وتوليهم مناصب قيادية في صفوف المقاومة، ثم تعيين الرئيس هادي لـ”نايف البكري” القيادي في الإخوان وقائد المقاومة الشعبية في عدن محافظا لمحافظة عدن، وتشديد المقاومة على ضرورة تطهير كامل اليمن من الميلشيات الحوثية وتقدمهم ميدانيًا باتجاه محافظة تعز كمقدمة لتحرير صنعاء.
أما الآن فيتصاعد خطاب سياسي آخر يعزز الحلول السياسية والبقاء في محافظات الجنوب بدلا من الاتجاه لتحرير محافظات الشمال، فما سر هذا التغير وهل تستجيب له الرياض رغم رفضه تماما من قيادات المقاومة الشعبية؟
في هذه الأجواء رصد مراقبون، الدور الإماراتي في اليمن بشك وريبة خاصة عقب زيارة نائب الرئيس ورئيس الوزراء خالد بحاح وأعقبها زيارة لرئيس عبد ربه هادي إلى الإمارات والذي أعقبه تغير في المواقف السياسية وسط توقعات بأن يكون السبب هو تخوف أبوظبي من انجازات المقاومة الشعبية وفي القلب منها دور قيادات حزب الإصلاح، وتحولها لمكتسبات سياسية بالجنوب ثم الشمال، حيث تحاول أبو ظبي بحث خروج آمن للمخلوع علي عبدالله صالح والحوثي بوصفهم حلفاء قدامى للإمارات، وشاركوها التآمر على ثورة الشباب اليمنية في 2011، خوفا من وصول حزب الإصلاح للحكم عبر الانتخابات.
بحاح والإمارات وحزب الإصلاح
وكانت صحيفة “القدس العربي”، قد نقلت عن مصدر حكومي يمني مقيم في الرياض، لم تسمه، قوله: إن “سبب توقف مدرعات وآليات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية عند مثلث العند في لحج، والتراجع عن تعزيز تعز عسكريا، وتحريرها كما كان مقررا له، جاء بعد اعتراض إماراتي مدعوم من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف المصدر: أن الأمريكيين والبريطانيين بإيعاز إماراتي منعوا الجيش الوطني الذي ساهم في تحرير عدن من التقدم إلى تعز، تحت مبرر أن الأولوية يجب أن تكون لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي، وأن على تعز أن تنتظر.
وأكد أن أبرز من يتولى تنفيذ هذه الأجندات هو نائب الرئيس اليمني خالد بحّاح، يفضل العمل على استقرار الجنوب أولا، وتحرير المكلا قبل تعز، وأن يتم النظر في الشمال مرحلة ثانية، ومن أجل ذلك بدأت الإجراءات فعلا بنقل البنك المركزي إلى عدن، لإعلانها عاصمة، وتجاهل تحرير محافظات تعز وإب والحديدة .
وتابع المصدر ذاته: أن “بحاح اتفق مع المسؤولين الإماراتيين بعد زيارته الأخيرة على التركيز على المحافظات الجنوبية، وعدم التقدم باتجاه محافظات إب وتعز والمحافظات الشمالية، تحت مبرر أن حزب الإصلاح موجود فيها”.
وبحسب المصدر يبدو أن هناك خلافا إماراتيا سعوديا حول تعيين محافظ لتعز، إذ يرى المسؤولون السعوديون أن قائد المقاومة حمود المخلافي هو الشخص المناسب، بينما يرفض الإماراتيون ذلك.
تعزيز سيناريو التقسيم
الأمر الذي قد يعزز أيضا من سيناريو تقسيم اليمن، وتمكين الحوثيين من صنعاء عبر التفاوض السياسي، أن المصدر نفسه ذكر أن “هادي” انزعج من زيارة بحاح للإمارات، بعد أنباء وصلت إليه حول تفاهمات عقدها بحاح مع المسؤولين الإماراتيين، تتضمن مسألة تقسيم جنوب اليمن، وتسوية تكفل مخرجا لصالح والحوثيين بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعله يتحرك إلى أبو ظبي، وأوضح “هادي” للمسؤولين الإماراتيين أن الوحدة مسألة لا نقاش فيها وأن مكافحة الإرهاب شأن آخر لا يقل أهمية، بحسب “القدس العربي”.
ويزيد المخاوف ما كشفته وزيرة الإعلام اليمنية نادية السقاف، اليوم السبت، “عن أن مدينة “عدن” جنوب اليمن ستكون العاصمة اليمنية لمدة خمس سنوات.
وقالت السقاف في لقائها مع قناة “بلقيس” المحلية، أمس الجمعة،: إن “عدن ستكون العاصمة لمدة خمس سنوات قادمة وهذا هو توجه سياسي للحكومة وسينقل البنك المركزي إليها”.وأكدت أن مسألة تحرير “تعز” هي تكتيك عسكري واستراتيجي، ونعد الجميع أنهم سيسمعون أخبارا سارة خلال أسبوع”.
تقديم الحلول السياسية
بعدما تصدرت “خطة تحرير صنعاء” خلال الأيام الماضية اهتمامات وسائل الإعلام، بات يتصدرها الآن تقديم الحلول السياسية و”تقديم الحكومة اليمنية خلال أيام مبادرة سياسية” لاستئناف العملية السياسية، والخروج باليمن إلى بر الأمان، عبر طرح آلية عمل تنفيذية، في ضوء قرار مجلس الأمن رقم 2216، وذلك بحسب ما انتهى إليه اجتماع مجلس الوزراء اليمني الخميس.
وأكد الاجتماع أن الحكومة ستعكف على تشكيل عدة لجان لإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المحررة، ولجنة اقتصادية وسياسية تقوم على تثبيت استعادة الدولة وإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار، وتقديم الحلول السياسية من أجل المخرج الآمن للوطن وإعادة بناء الدولة المدنية، وفقا لـ”العربية”.
في الوقت نفسه أكد الرئيس اليمني (بحسب واس) أن كل المحافظات في طريقها إلى التحرر من المليشيات الانقلابية، وإنهاء معاناة الوطن والمواطن وإيقاف سفك الدماء الذي تقوم به المليشيات والانتصار لإرادة الشعب.
وجاء التغير في خطاب بحاح وهادي عقب زيارتهما للإمارات حيث زارها “هادي” الأربعاء في إطار المشاورات قبيل انطلاق عملية “السهم الذهبي”، التي اعتمدها لتحرير صنعاء، وتشارك فيها الإمارات بدور كبير مثلما شاركت في تحرير عدن.
حملة ضد المقاومة والإصلاح
بينما تتصاعد الأخبار حول بحث الحوثي وصالح عن خروج آمن وتشن جماعة الحوثي حملة محمومة لاعتقال قيادات حزب الإصلاح تواصل وسائل الإعلام الإماراتية شن هجومها ضد “حزب الإصلاح” في اليمن، في استمرار محاربة الإمارات للتنظيم الدولي للإخوان، الذي يعدّ “الإصلاح” فرعه في اليمن.
وشن مدير موقع مقرب من الحكومة الإماراتية هجوما على المقاومة الشعبية باليمن، قائلا: إنها “تتبع حزب الإصلاح، وهي متحالفة مع إيران”، في تناقض لما يحدث؛ حيث يحارب الحوثيون حزب الإصلاح، ويتهمونه بالعمالة لأمريكا وإسرائيل ودول الخليج.
واستضافت قناة “سكاي نيوز عربية”، التابعة للإمارات، رئيس تحرير “بوابة العين الإخبارية”، علي راشد النعيمي، الذي طالب بـ”التصدي لمخططات الإخوان المسلمين التي تدعمها إيران، وترمي إلى استغلال الإنجازات التي تحققها القوات الشرعية في اليمن، للانقضاض على السلطة”، وأشار إلى أن بعض التقارير تفيد بأن مليشيات الحوثي شرعت في تسليم بعض المديريات والقرى إلى “حزب الإصلاح الإخواني”، في إشارة إلى التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.
رفض الحل السياسي
يأتي الهجوم الشرس على المقاومة الشعبية وقيادات الحزب مع تمسك المقاومة بتحرير كامل اليمن، ورفضها الخروج الآمن للانقلابيين حيث رفض قائد المقاومة الشعبية في تعز، الشيخ حمود سعيد المخلافي في حوار لـ”المدينة” في 13 أغسطس الجاري، “أي حلول سياسية أو مبادرات تأتي لإنقاذ مليشيات الحوثي وصالح من الهزائم في حربها على الشعب اليمني، مطالبا بعقد محاكمات دولية لكل من ارتكب جرائم قتل بحق الشعب اليمني”.
من جهته أكد الناطق باسم التحالف العربي لدعم الشرعية العميد ركن أحمد عسيري، أنه لا بد من تحرير العاصمة صنعاء، سواء بتطبيق القرار 2216، أو بالعمل العسكري، موضحا في اتصال لقناة “العربية”، أمس الجمعة، أن تحرير العاصمة صنعاء من المليشيات هدف أساسي للتحالف العربي، وأن عملية “السهم الذهبي”، هي عملية برية تهدف لدعم الجيش اليمني الوطني والمقاومة الشعبية، وأن صنعاء هدف أساسي ويجري العمل بالتنسيق مع الحكومة الشرعية للسيطرة عليها.
كل هذا، بحسب مراقبين، يكشف أن الرياض تمسك بالعصا من المنتصف وتفتح الباب للخيار العسكري وللحل السياسي ولم يتضح بعد إلى أيهما تميل، إلا أن اتخاذ مواقف خليجية فوقية بعيدا عن المقاومة يعرض الانجازات السابقة لهزات عنيفة ويهدد بتفكيك الجبهة الداخلية؟
(شؤون خليجية)