نشرت صحيفة “إلموندو” الاسبانية تقريرا في الذكرى الثانية لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في مصر منتقدة موقف الدول الغربية من المجازر التي ارتكبها النظام المصري بحق المعتصمين كونهم (قبلوا بالامر الواقع), بدلا من فتح تحقيق مستقل, فيما سمته “أسوأ مجزرة ترتكب في يوم واحد في التاريخ الحديث”, على حد قولها.
وأضافت الصحيفة في تقريريها أن السلطات المصرية لم تكتف فقط بعدم إجراء تحقيق جاد في هذه الأحداث, التي وصفتها بالدموية, التي أنهت – حسب تعبيرها – الديمقراطية في مصر- بل إنها حاولت أيضا إخفاء كل آثار “الجريمة”, على حد قولها.
وتابعت أنه تم إحراق ساحة رابعة والمسجد والمباني القريبة منه, كما انتهت لجنة التحقيق, التي شكلتها السلطات, إلى القول إن المعتصمين في رابعة, هم الذين بدأوا باستعمال العنف.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “حتى لو صح أن قوات الأمن تعرضت لإطلاق نار من داخل الاعتصام, فإن ذلك لا يبرر كمية الذخيرة التي تم استعمالها ضد المتظاهرين”, كما أشارت “إلموندو” إلى أن لجنة التحقيق, التي شكلتها الحكومة المصرية, قالت أيضا :” إنه كان يفترض أن يكون هنالك ممر آمن لخروج الناس من ساحة الاعتصام عند بداية عملية الفض، ولكن إلى حدود الساعة الثالثة والنصف مساء يوم عملية الفض, لم تتم إتاحة أي مجال للخروج”.
وقالت “إلموندو” أيضا إن “أمريكا وأوروبا، على ما يبدو، قبلتا بالأمر الواقع، وعادتا للعمل مع حكومة الانقلاب، بدلا من فتح تحقيق في أسوأ مجزرة ترتكب في يوم واحد في التاريخ الحديث”، حسب تعبيرها. ودعت ثلاث منظمات دولية وإقليمية لحقوق الإنسان الجمعة 14 أغسطس إلى التحقيق فيما سمته “مجزرة ميداني رابعة العدوية والنهضة” بمصر, وأدانت إفلات المسئولين عنها من العقاب بعد عامين على حدوثها, فيما تصر السلطات المصرية على أن الاعتصامين كانا “مسلحين”. وفي سياق تقريرها الصادر عبر موقعها الإلكتروني في 14 أغسطس، طالبت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الدولية لحقوق الإنسان, “مجلس الأمن الدولي بضرورة إقرار لجنة دولية للتحقيق في فض اعتصام رابعة العدوية وغيره من وقائع القتل الجماعي التي حدثت في شهري يوليو وأغسطس من عام 2013، وذلك بعد أن رفضت الحكومة المصرية إجراء تحقيق جدي في وقائع القتل أو تقديم أية تعويضات للضحايا”, على حد قولها.
وأشارت المنظمة، إلى أن السلطات المصرية لم تحتجز أي فرد من أفراد الأمن أو مسئول حكومي وتحملهم مسئولية قتل ما لا يقل عن 817 شخص، وإصابة ألف آخرين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، كانوا قد تجمعوا بميدان رابعة العدوية عقب الإطاحة بمرسي. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، :” لقد جددت واشنطن وأوروبا تعاملها مع الحكومة المصرية، وتغاضت عن أسوأ جريمة قتل حدث في تاريخ مصر، بدلا من أن يطالبوا بتحقيق شامل فيما حصل”، حسب تعبيره. وأشار إلى أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي لم يتصد بعد لما سماه “الوضع الحقوقي الخطير والمتدهور في مصر”، أحد المسارات القليلة الباقية للمحاسبة في هذه “المذبحة الوحشية”، على حد قوله.
وفي بيان منفصل نشرته بمناسبة مرور عامين على فض الاعتصامين, طالبت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان أيضا بإقرار لجنة تحقيق في تلك “الأحداث الدامية”. وفي باريس, طالبت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بإدانة أوروبية صارمة لإفلات المسئولين عن “مجزرة رابعة والنهضة من العقاب وعدم تقديمهم إلى العدالة”. وقالت الفيدرالية في بيان لها إن على الاتحاد الأوروبي أن يطالب السلطات المصرية بإجراء تحقيقات مستقلة وناجعة بشأن استخدام القوة من قبل الأجهزة الأمنية ضد المعتصمين في الميدانين. كما دعت إلى مطالبة السلطات المصرية بضمان محاكمات عادلة, وبالكشف عن مقار احتجاز المعارضين, والإفراج فورا عن الأشخاص الذين اعتقلوا لممارستهم حقهم في حرية التعبير السلمي عن الرأي. واستخدم بيان الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان -التي تضم 178 منظمة من مختلف دول العالم- عبارة “مجزرة” (Massacre) لوصف فض اعتصامي رابعة والنهضة.
كما وصفت الفيدرالية ما جرى قبل عامين بأنه “تفريق مأساوي” لتجمعات سلمية, وقالت إن تلك الأحداث دشنت مرحلة كارثية في قمع الأصوات المعارضة للسلطات القائمة, على حد قولها. وفي المقابل, أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية عن استنكار مصر الشديد للتقرير الصادر عن منظمة “هيومان رايتس ووتش”, بشأن نتائج التحقيق, الذي أجرته عن فض اعتصام رابعة. ووصف المتحدث التقرير بـ”المُسيس وغير الموضوعي، ويفتقر لأدنى معايير المصداقية والحيادية”, واعتبره صادرا عن جهة غير ذات صفة، ومشهود لها دوليا بالانتقائية وعدم المصداقية. وأضاف المتحدث أن المطالبة بإجراء تحقيق دولي في إجراءات فض اعتصام رابعة مسألة تدعو إلى السخرية، “خصوصا أنها صادرة عن منظمة لم تلتفت يوما للضحايا من أبناء الجيش والشرطة, الذين يسقطون ضحايا للإرهاب في مصر”.