” من قُتل حقا في فض رابعة؟” تحت هذا العنوان، أفردت صحيفة ” واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا مطولا أعده الصحفيان نيل نيتشلي ومايكل بيجز واللذان تناولا فيه بالتحليل الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن في فض اعتصام رابعة العدوية.
وخلصت نتائج الدراسة إلى أن قتلى رابعة ينتمون لأوساط اقتصادية مرتفعة ومستويات تعليمية عالية، بخلاف ما أثير من أنهم من أنصاف المتعلمين الذين جاءوا من المناطق الريفية للمشاركة في الاعتصام.
وإلى نص التقرير:
مر عامان على قيام قوات الأمن المصرية بفض اعتصام ميدان رابعة العدوية الذي تجمع فيه مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي لمدة 47 يوم، حيث أسفر الفض عن مقتل حوالي 1000 من أنصار مرسي، بحسب الإحصاءات الصادرة عن منظمة ” هيومان رايتس ووتش” الحقوقية.
ووصفت المنظمة أحداث ميدان الرابعة التي وقعت في الـ 14 من أغسطس 2013 بأنها ” واحدة من أكبر مسارح القتل لمتظاهرين في يوم واحد في التاريخ الحديث.”
وخضعت تلك الأحداث لتحقيقين مستقلين من جانب كل من ” هيومان رايتس ووتش” و “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” واللتين خلصتا إلى أن قوات الأمن المصرية قد اعتدت على المحتجين العزل دون تفرقة.
وبرأ تحقيق ثالث أجراه المجلس القومي لحقوق الإنسان الحكومة المصرية التي تلت عزل مرسي، زاعمًا وجود مجموعة من الأشخاص المسلحين غير المعروفين بين المتظاهرين قد قامت عمدا باستفزاز رجال الأمن وإثارة ردود أفعالهم العنيفة.
وقد ركزت تلك التقارير الصادرة عن الجماعات الحقوقية على مدى شرعية استخدام قوات الأمن المصرية للقوة. وبالمقارنة، فإنه لا يُعرف سوى القليل جدا عن الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمشاركين في اعتصام رابعة.
والمثير للسخرية هو أن الطريقة التي تم بها فض اعتصام رابعة تتيح لنا استكشاف تلك المسألة التي لم يتطرق إليها أحد. فنظرا لأن قوات الأمن قد أطلقت النيران وبدون تمييز على المعتصمين، كان الضحايا عينة عشوائية يمكن أن تساعدنا على فهم الخلفيات الاجتماعية للمحتجين من مؤيدي الرئيس المعزول ممن تواجدوا حينها في الميدان.
وقد قمنا، في معرض إجراء دراستنا التحليلية، بتحديد المناطق السكنية لـ 710 من المعتصمين الذين قتلوا في أحداث رابعة باستخدام البيانات المتعلقة بالسيرة الذاتية لهم والتي جمعتها ” ويكي ثورة،” قاعدة البيانات الإلكترونية الخاصة بالمتظاهرين ممن تم قتلهم واعتقالهم في مصر منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011.
ثم قمنا بعد ذلك بقياس معدل الوفيات في 333 حي، وهي أقل مستوى إداري أتيحت له البيانات الانتخابية وتلك الخاصة بالتعداد.
وخلصت نتائج التحليل إلى أن الضحايا جاءوا من أكثر من نصف أحياء مصر. ومما يدعو للدهشة هو أن معدل الوفيات لم يكن عاليا في الأحياء التي صوتت لـ مرسي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2012.
ومع ذلك، كان هناك عاملان من العوامل المتغيرة: بُعد الحي عن القاهرة ومعدل الأمنية في هذا الحي.
ويوضح الرسم البياني الأول العلاقة الحقيقية بين كلا المتغيرين وعدد القتلى، كما أنّه يكشف أشياء أخرى عن العلاقة الإحصائية. وأخذت الدراسة أيضا في الاعتبار وجود اعتصامات أخرى موازية مؤيدة للرئيس المعزول في مدن مصرية أخرى.
أما الرسم البياني الثاني فيركز على معدل الأمنية، وذلك بعد الأخذ في الاعتبار المسافة بين الحي والعاصمة المصرية وكذا مواقع اعتصامات بديلة.
وخلص التحليل إلى أن قتلى رابعة من المحتجين قد جاءوا من أحياء تنخفض فيها معدلات الأمية، أو بعبارة أخرى، الأحياء الأكثر ثراء وتحضرا في مصر.
ولتلك النتائج مغزى مهم، إذ إنها تتناقض مع كثير من التقارير الرسمية وأيضا التقارير التي يرددها الإعلام الخاص في مصر، والتي طالما صورت أن محتجي رابعة كانوا إما ” أنصاف متعلمين” أو ” فلاحين” جاءوا من المناطق الريفية، في حين ذهبت تقارير أخرى إلى أن ” 75% من معتصمي رابعة كانوا من الفقراء الذين غرر بهم قادة الإخوان، عبر الوعود البراقة المزيفة أو حتى من خلال تقديم الوجبات المجانية.