باريس ـ حميد عقبي (وطن) : قبل أحداث 2011 والثورة الشبابية ضد نظام صالح كان الشارع اليمني يعج بأكثر من مئة صحيفة مطبوعة رسمية وحزبية ومستقلة وأكثر من هذا العدد من المواقع الإليكترونية تسبح وتنشط بمختلف اتجهاتها الفكرية رغم مضايقات حكومية خصوصا عند التطرق لموضوع التوريث أو النهب والفساد الحكومي وظلت الصحافة اليمنية في حالة شد وجذب مع مؤوسسة الأمن القومي والسياسي حارسة نظام علي عبدالله صالح، كما كانت مؤوسسات ورجال دين يقلقون ويعيقون تطور التحرر ويوزعون بسخاء فتاوي التكفير والتشهير ومحاربة أي فكر تنويري، رغم كل هذه المنغصات كان الأمل بصحافة حرة وصادقة.
لكن اليوم اصيب الشارع بقحط مخيف فتوقفت معظم الصحف لإسباب مالية وغلاء الطباعة ولكن العامل الأول هو القمع السياسي الحوثي حيث اعلنت مؤخرا صحيفة الشارع عن توقفها لأجل غير مسمئ بسبب ماوصفتة صعوبة العمل وكثرة المضايقات والمداهمات والإعتقالات التي مست الكثيرين فجماعة الحوثي تجاوزت كل الأعراف وتضرب بقسوة ودون رحمة لأي صوت يعارضها أو يختلف قليلا معها.
كما اعلنت صحيفة الأولى توقفها أيضا لنفس الأسباب ويسود الجمود أغلب المواقع الإليكترونية الأخبارية بسبب الخوف من المداهمة والإعتقال وكذا مشاكل الكهرباء وضعف الانترنت ومشاكل مالية اجبرت الأغلبية تجميد نشاطاتهم الصحفية ومواقعهم إلى أجل غير مسمئ.
ويرى البعض أن ماحدث ويحدث ناتجا أيضا من خلل في الصحافة اليمنية التي شهدت طفرة كمية مع وجود الضعف في المحتوى والمهنية، بل يرى البعض أن الصحافة اليمنية مطبوعة أو اليكترونية، رسمية أو حزبية أو مستقلة كلها كانت أو أغلبها كان متخلفا جدا وكانت بعض الصحف تطبع أقل من ألف نسخة مع ذلك التوزيع ضعيفا والمبيعات منخفضة لإعتماد هذه الصحف على التمويل الحكومي أو الحزبي.
كما يرى البعض أن الاعلام البديل ووسائل التواصل الإجتماعي جذبت القراء وهزمت الصحف المطبوعة وحتى لو تم توفير المناخ الملائم وفك المضايقات الحوثية هذا لن يؤثر ويبعث العافية والحياة في الصحافة اليمنية التي لا تمتلك القدرة المهنية والعملية سقوطها ناتج من ضعف أساسها فلا بواكي عليها.
كما يشير البعض أن الإنتهاكات ضد الصحافة ستستمر حتى لو تم التخلص من جماعة الحوثي وبقايا نظام صالح فأي نظام جديد سينتهج نفس النهج وربما يكون أفضع وأكثر وحشية.