مازالت العلاقات الإماراتية الإيرانية يشوبها نوع من عدم الفهم السياسي، إن كان لدى عامة الناس أو حتى السياسيين والمحللين منهم، فمن جهة تطالب الدولة طهران – في كل اجتماعات القمم العربية – بالانسحاب من جزرها الثلاث المحتلة، ومن جهة أخرى تعزز علاقاتها الاقتصادية بأرقام قياسية!
فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران خلال الخمس سنوات الماضية (2010 و2014) نحو 95 مليار دولار أمريكي، كما ذكر موقع (الإمارات ٧١) مع الإشارة إلى أن العام الماضي فقط حقق زيادة في التجارة بين البلدين عن العام الذي سبقه، في الوقت الذي تشير التصريحات الإعلامية إلى تصاعد حدة الخصومة بين البلدين، ليس بسبب الجزر المحتلة فحسب، بل بسبب التغلغل الإيراني في اليمن على أقل تقدير والذي تقوم قوات إماراتية بشن “حرب”، إلى جانب التحالف العربي بقيادة السعودية، ضد وكلاء طهران في اليمن.
حجم هذا التبادل التجاري كشف عنه سلطان المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي، وذكر عقب لقائه محمد رضا فياض، السفير الإيراني لدى أبوظبي: “إن إيران تأتي في المرتبة الرابعة بالنسبة للأهمية النسبية لحجم التجارة الخارجية للإمارات مع بقية دول العالم”.
ولم يكتف بذلك، بل شدد المنصوري على أن بلاده تسعى لتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية مع إيران، والعمل المشترك على الاستفادة من الفرص المتاحة في البلدين لتشجيع الاستثمارات المتبادلة والمشاريع المشتركة بينهما.
والأمر لم يتوقع على تعزيز العلاقات التجارية فحسب، بل إنه يشجع على علاقات التواصل “الإنسانية” بين الدولتين، إذ يوجد حالياً، بحسب وزير الاقتصاد الإماراتي، 200 رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين، تقوم بدور في تعزيز التبادل التجاري، والتعاون بين مجتمع الأعمال، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به في المجال السياحي، داعيا إلى رفع مستوى التعاون في مجال الطيران المدني، وهو ما قامت به فوراً شركة “فلاي دبي”.
ويقول محللون، إنه في عالم المفاوضات والسياسية، فإنه يتم استغلال جميع الأوراق المطروحة من أجل الضغط على الطرف الآخر، والحالة هنا موضوع الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، مشيرين إلى أنه كان الأولى أن يكون هناك مقاطعة اقتصادية وتجارية مع إيران “المحتلة”، بدلا من تعزيز اقتصادها، والذي كان محاصراً من الخارج قبل الاتفاق النووي الأخير.
الغريب في الأمر، ما أشار إليه تقرير نشرته مجلة “ميد” البريطانية أن دولة الإمارات ستكون في مقدمة المستفيدين من رفع العقوبات عن إيران في حال تم رفعها. حيث أوضح التقرير أن “العلاقات التجارية بين الإمارات وإيران كانت في الماضي نموذجاً للعلاقات بين الدول”، مضيفاً أن “دبي كانت بوابة إيران لدخول الأسواق العالمية”.
وتحتل إيران الجزر الإماراتية الثلاث في الخليج العربي؛ طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى، وقد كانت الجزر مشمولة بمعاهدة الحماية منذ توقيعها عام 1819، بين حكام الخليج وبريطانيا، لكنها كانت موضع اهتمام إيران، واحتلتها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1971، بعد أيام من انسحاب قوات الاحتلال البريطاني منها، حيث تمتاز طنب الكبرى وطنب الصغرى بأنها قريب من مضيق هرمز الذي يشكل بوابة للخليج، في حين تمثل الموارد الطبيعية لأبو موسى وموقعها، سبباً لاهتمام الإيرانيين بها.