تساءلت جريدة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها عن الجدوى من مشروع توسعة قناة السويس الذي تم افتتاحه في مصر الخميس الماضي، وما إذا كان العالم بحاجة لهذا المشروع بالفعل، مشيرة إلى أنه “لم تكن هناك دراسة جدوى حكومية للمشروع، وإنما كان ناتجا عن أمر صادر عن الرئيس الجديد”.
وأشارت الصحيفة في التقرير الذي ترجمه موقع “عربي21” إلى أن “السيسي افتتح القناة يوم الخميس الماضي في أجواء من الدعاية والبهرجة المفرطة على أنها ممر مائي جديد، والحقيقة أن ما أنجز لم يكن سوى توسعة للممر المائي الأصلي”.
وأضافت “واشنطن بوست”: “في احتفال باذخ أقيم بمناسبة افتتاح القناة قال الأدميرال مهاب ماميش، رئيس سلطة قناة السويس: “اليوم يعيد الشعب المصري كتابة التاريخ. (إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر)”.
وتابعت واشنطن بوست: “أمطرت البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية بوابل من الرسائل والشعارات والدعايات، وكلها تكيل المديح لفضائل ما أطلقت عليه الحكومة مصطلح “هدية مصر إلى العالم”. ويقول المسؤولون المصريون إن القناة الجديدة ستضاعف من حجم الملاحة وستغير العالم. وفي عد تنازلي لساعة الافتتاح، خرجت الصحيفة الأولى الناطقة باسم الدولة بعنوان يقول “48 ساعة ويكتمل الحلم المصري”.
وتابعت: “لقد شقت أول سفينة عباب المعبر المائي الخميس الماضي، ولكن ليس قبل أن يفتتحه السيسي الذي عبره متوشحا بالزي العسكري على متن القارب الذي استخدمه لأول مرة الملك فاروق، عاهل البلاد في القرن العشرين”.
ولفتت إلى أنه “من على الشاطئ صدح المغنون الذين ارتدوا الزي الفرعوني بالأغاني الوطنية بينما تدافع المتظاهرون نحو ميدان التحرير للاحتفال بالافتتاح الذي حضره الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف. كانت الإجراءات الأمنية غاية في الصرامة نظرا لما تواجهه مصر من تمرد إسلامي في شبه جزيرة سنياء المجاورة”.
وتقول الجريدة الأمريكية إن “ما لم يحظ بكثير من الاهتمام في أجواء من الحمية القومية المبالغ فيها، كما يبدو، كانت حقيقة أن هذا المشروع الذي كلف 8 مليارات دولار لتوسيع واحد من أهم المعابر المائية في العالم ربما لم يكن ضروريا على الإطلاق، بل ويبدو مثل هذا الإنفاق غير ملح في بلد يعاني ضائقة مالية شديدة”.
وتابعت: “عندما أنجز مشروع قناة السويس الأصلي في عام 1869 تمخض عن ذلك تحول جذري في التجارة الدولية من خلال ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، مما اختصر المسافة التي تقطعها السفن بين أوروبا وآسيا إلى النصف تقريبا، وكان ذلك مصدر نعمة كبيرة على الاقتصاد المصري وعلى موقع البلد في الساحة الدولية، أما توسعة اليوم التي يبلغ طولها 23 ميلا بموازاة القناة فلن يكون لها التأثير نفسه على التجارة الدولية كما يقول الخبراء”.
وتشير الصحيفة إلى أنه “ربما ساهمت التوسعة الجديدة في تقليص الوقت الذي تنتظره السفن قبل عبور القناة بعدد قليل من الساعات، وخاصة أن الملاحة الدولية، كما يقول خبراء الاقتصاد، تعاني من ركود منذ الأزمة المالية العالمية التي وقعت في الفترة من 2008 إلى 2009”.
ويرى أحمد كمالي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في القاهرة، بأن “الأمر يتعلق بالسياسة. فالحكومة تريد أن تعطي الانطباع بأننا نلج مرحلة جديدة من الاقتصاد المصري”. فقد تراجع الاقتصاد المصري جراء الأوضاع المضطربة التي تمخض عنها الربيع العربي، كما انخفضت احتياطات العملة الأجنبية وانتكب القطاع السياحي.
وتعليقا على الوعود الكبيرة التي قطعتها الحكومة على نفسها، قال كمالي: “إنها مجرد دعاية. ولقد ضخمت الفوائد التي يمكن أن تجنى من المشروع”.
ونقلت “واشنطن بوست” عن السيسي قوله في الاحتفال الذي نظم الخميس الماضي إن التوسعة تمثل “إنجازا هندسيا” وشهادة على قدرة مصر على تحقيق الأشياء الكبيرة. وما أن أنهى خطابه حتى صفق له الصحفيون المصريون وذهبوا يهتفون معا “تحيا مصر”.
وترى الصحيفة الأمريكية “أن مثل هذه الحلول السريعة المستعجلة لأزمة الاقتصاد المصري يمكن أن تعود على السيسي بالوبال، وهو الذي طالب المصريين في العام الماضي بتمويل مشروع القناة الجديدة من خلال سندات صادرة عن الدولة. وفعلا، وفر المواطنون التمويل اللازم للمشروع خلال أيام قليلة”.
وتنتهي للاشارة إلى أنه “بينما يشتد الفقر على عموم المصريين يتوقع أن يتزايد سخط الناس على حكومة السيسي”.