أعلن الديوان الملكي السعودي، اليوم الثلاثاء، أن وزير الدفاع السعودي وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سيبدأ زيارة إلى الأردن، وذلك بعد أيام قليلة من عودته من القاهرة، والتي سبقها بزيارات لكل من فرنسا وروسيا وأمريكا.. كما أن هناك ترتيبات تجرى لزيارات قادمة لكل من ألمانيا وبريطانيا والصين وربما إسبانيا، وكذلك الحديث عن زيارة “غير معلنة” لإيران.
هذه الزيارات المكوكية توحي بأن “بن سلمان” إما أنه تخلى عن مهمته الأساسية كوزير دفاع– من المفترض أنه لا يترك بلاده وهي في حالات حرب ويشرف على العمليات العسكرية التي تقودها بلاده، وحماية الحدود، ليتولى منصب “وزير الخارجية” لعقد الصفقات والمعاهدات والبروتوكولات الثقافية والإعلامية والتقنية والفنية والاقتصادية– وليس صفقات التسليح وفقط، أو أنه يسوق لنفسه كبديل لأبيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ويقابل رؤساء الدول وليس نظرائه من وزراء الدفاع، بحسب مراقبين، أكدوا أنه من الطبيعي أن يوفد العاهل السعودي ولي عهده الأمير محمد بن نايف في الزيارات الرسمية الخارجية وفق ما جاء في موقع (شؤون خليجية).
“مجتهد” يكشف معاناة “بن نايف” من التهميش
جاءت تغريدات المغرد السعودي “مجتهد” اليوم، لتؤكد أن محمد بن نايف- وزير الداخلية وولي العهد السعودي، يعاني من تهميشه من قبل محمد بن سلمان، والذي يبدو أنه بدأ بالفعل يتخذ خطواته لإزاحته من طريقه– كما تنبأ العديد من المحللين ومنهم المعارض السعودي المخضرم محمد المسعري، في تصريحات خاصة لـ”شؤون خليجية”، إبان التغييرات والقرارات الملكية التي أعلنها الملك سلمان عقب توليه الحكم.
وكان “مجتهد” قد بين في تغريدات سابقة له، أن “بن نايف” يتحاشى طرده من قبل محمد بن سلمان وزير الدفاع وولي ولي العهد، ويحرص على رضاه إلى درجة إحراج نفسه أمام بقية العائلة والجهات الخارجية، حيث يتنازل عن كل مواقفه إرضاء لـ”بن سلمان”، وقال: إنه رغم دهاء محمد بن نايف وخبثه، إلا أنه مشلول تمامًا أمام صعود “بن سلمان”، ورغم أنه شبه متأكد أنه سيعزل، فهو عاجز عن عمل شيء، لأنه مثل الأسير عند “بن سلمان”.
وكشف “مجتهد” أن هناك ترتيبات لزيارة “بن سلمان” لألمانيا وبريطانيا والصين وربما إسبانيا، حتى يؤكد أنه هو الذي يمثل الملك سلمان بن عبد العزيز، وليس محمد بن نايف ولي العهد، موضحًا أن بروتوكول الزيارات هو أن “بن سلمان” يمثل الملك وليس وزير دفاع، ولهذا كانت لقاءاته مع بوتين وهولاند، وسيلاقي زعماء الدول الأخرى على نفس الأساس.
وقال: إن “بن سلمان” نجح من خلال والده في القفز بكل سهولة فوق “بن نايف”، وهو ما أكد الشكوك السابقة أنه عازم على إزاحة “بن نايف”، الآن أو بعد حين، مبينًا أن النكتة المتداولة في الأسرة الحاكمة حاليًا، هي اختصار لوضع محمد بن سلمان (س: متاك بالقصر؟ ج: من أمس العصر).
كما أشار مجتهد إلى أن “بن سلمان” أجل إزاحة “بن نايف” لما بعد موسم الحج، لأنه لا يريد ارتباكًا في فترة الحج، ثم يتخلص منه ويعين نفسه وليًا للعهد، ثم يتخلى والده عن الحكم له فيصبح ملكًا، لافتًا إلى أن آل سعود يتداول بينهم وصف صعود “بن سلمان” بهذه السرعة وإزاحة الآخرين عن طريقه بقصة “الطفل الذي أُلبس التاج وأُركب الحمار وطيف به في القرية”.
وزير الدفاع الغائب عن مهامه
ويقول الموقع الخليجي رغم الاحتفاء بوزير الدفاع الصغير، عند انطلاق “عاصفة الحزم” التي أعقبت تعيينه في هذا المنصب بوقت قصير، وتغنت الصحف السعودية وقتها بجهوده وخططه العسكرية، وإشرافه الكامل على العمليات، وكانت تلتقط له الصور داخل غرفة العمليات وأثناء لقائه بالقادة العسكريين، نجد الآن “بن سلمان” غائبًا تمامًا عن المشهد العسكري، بالرغم من التطورات المتلاحقة لأحداث الحرب في اليمن، وبالرغم من تعرض الحدود السعودية لهجمات أكثر من مرة أدت إلى وقوع ضحايا عسكريين ومدنيين.
وأشار مراقبون إلى أنه في الآونة الأخيرة، يبدو وكأن “وزارة الداخلية” السعودية هي التي تقود مهمة الحرب ضد الحوثيين، وليس وزارة الدفاع التي من المفترض أن تعنى بشؤون بالحرب والمواقع العسكرية، والقوات البرية التابعة لها ووزيرها “محمد بن سلمان” الغائب في زياراته ورحلاته الخارجية، لافتين إلى أنه عندما أمطر الحوثيون جنوب السعودية بالصواريخ، الجمعة الماضية، وأوقعوا 4 قتلى و8 مصابين، أصدرت البيانات عن تلك الوقائع وزارة الداخلية وليس الدفاع!
عدم رضا عن نتائج زيارات بن سلمان
وبالرغم مما تروجه بعض الأقلام السعودية عن أن تحركات “بن سلمان” ستسهم في إعادة ترتيب علاقات السعودية الخارجية، بما يتناسب مع المرحلة المقبلة ويحقق مصالح البلاد، خاصة مع تعاظم الخطر الصفوي بالمنطقة، وأن هذه التحركات الاستراتيجية تتم بما يحقق التقارب مع مختلف الدول العظمى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، خصوصاً مع بروز العديد من القوى المؤثرة في الساحة الدولية، إلا أن قطاعًا عريضًا في الوسط الملكي ووسط بعض الخبراء والمختصين، غير راض عن نتائج تلك الزيارات، خاصة في مجال توقيع الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية.
فعلى سبيل المثال، تم الاتفاق في زيارة الأمير الصغير لروسيا على 5 صفقات استثمارية تتعشم روسيا لإيصالهم إلى 10 صفقات بنهاية العام، وقال كيريل ديمترييف مدير صندوق الاستثمار الروسي المباشر: إن الأموال التي يعتزم صندوق الاستثمارات العامة السعودي استثمارها في بلاده بقيمة 10 مليارات دولار، تعد أكبر استثمار أجنبي في روسيا حاليًا، والتي ستشمل مجموعة واسعة من المجالات، مثل الزراعة والبنية الأساسية والأدوية وتجارة التجزئة.
كما وقع “بن سلمان” في فرنسا على اتفاقيات بقيمة 12 مليار دولار تشمل مفاعلات نووية وطائرات مروحية، وهو الذي إن قبله البعض بسبب سباق التسلح الذي تتبارى فيه دول الخليج مؤخرًا، واحتلت فيه السعودية مركزًا متقدمًا، إلا أن بعض المحللين اعتبروها خطوات غير مسؤولة ومتسارعة، وصرفًا للأموال في غير محله، في وقت تعاني فيه المملكة من عجز في الموازنة وانخفاض في أسعار النفط، ومشكلات داخلية، وتفكر جديًا في تحرير أسعار الوقود.
أما زيارة “بن سلمان” الأخيرة إلى مصر، فقد انزعج منها البعض في الداخل السعودي، لأنها أتت في ظل الحملة الإعلامية الانقلابية الممنهجة ضد المملكة وسياستها، وفي ظل مطالبات بمد يد التعاون مع إيران، وانزعجوا من مزيد من “التعاون الاقتصادي”، الذي نص عليه “إعلان القاهرة”، واستخفوا بنص الإعلان الذي جعل مصر السيسي دولة عظمى مؤسستها العسكرية أضخم من الناتو.
فقد أعلنت مصادر أن محمد بن سلمان لم يناقش مع السيسي موضوع إيران، وكل ما جاء في الإعلان عن الأمن العربي لم يصاحبه تغيير موقف السيسي من إيران، مشيرًين إلى أن الأسوأ من ذلك أن “بن سلمان” نفسه سيزور إيران، ربما قبيل الحج، وذلك لأن تطلعه للحكم يستدعي الدخول في التفاهمات الجديدة بعد الاتفاق النووي– بحسب “مجتهد”.