نشرت مجلة ” إيكونوميست” تقريرا عن الأزمة السورية سباق السيطرة على الأراضي السورية بين الفصائل المعارضة وجيش النظام لافتة إلى أن الحرب السورية تقترب من نهايتها ولكن للأسف هذه النهاية لن تحدث هذا الصيف الحار وإنما ليست بعيدة في المستقبل.
والداعي لهذا الحديث هو المآلات التي يواجهها بشار الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. فخلال العامين الماضيين كانا في صعود مستمر على حساب جماعات المعارضة المتشرذمة، إلا أن موجة كليهما تراجعت، فالتحليلات الأخيرة التي قدمها مركز “جينز” للشؤون الأمنية والدفاعية تقترح أن المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة النظام قد تراجعت منذ يناير 2015 إلى 16% أو 30.000 كيلومتر مربع من كامل التراب السوري، أي ثلث مساحة البلاد.
وكانت هذه التقديرات قبل العمليات الأخيرة التي قام بها تحالف من الجماعات المقاتلة بمن فيها الإسلامية “جيش الفتح”، والذي سيطر في 28 يوليو على آخر منطقة للجيش السوري على الطريق إلى مدينة حلب ثاني كبرى المدن السورية.
ويعزز التقدم ما أنجزه الثوار المقاتلون في شهر مارس من العام الحالي من تحريرهم لمدينة إدلب وسيطرتهم بعد ذلك بشهر على مدينة جسر الشغور. ويهدد جيش الفتح الآن المناطق الزراعية الغنية المحيطة بمحافظة إدلب والمناطق الساحلية التي تعتبر المعقل التقليدي للعلويين.
وبالإضافة إلى هذا، خسرت القوات السورية مدينة تدمر، حيث سقطت على يد مقاتلي تنظيم الدولة وآخر قواعدها في الجنوب السوري قرب الحدود مع الأردن.
وفي الشرق، استمر النظام السوري في مواجهته لتنظيم الدولة في مدينة الحسكة، وتعاون في هذا مع قوات الحماية الشعبية التركية والميليشيات المسيحية. هذا التطور جاء على خلفية الانتصارات التي حققها النظام ضد المعارضة، حيث كان في طريقه لمحاصرة آخر طريق لها في مدينة حلب. وفي الوقت الحالي لا تزال قوات النظام تسيطر على نصف المدينة لكن خطوط الإمدادات لها باتت مكشوفة.
ويتحدث المحللون عن عدة أسباب وراء هزائم النظام، منها زيادة الدعم الخارجي للمعارضة، خاصة السعودية، ما ساعد على تغيير ميزان الحرب لصالحهم. ويشيرون إلى تناقص عدد قوات الأسد بسبب حرب استنزاف طويلة وهروب دائم وتحول الدولة للاعتماد على الميليشيات المعروفة بقوات الدفاع الشعبي والمقاتلين الأجانب القادمين من العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى حزب الله الذي تورط في مستنقع الحرب في جبال القلمون.
ويرى معلقون أن تراجع النظام قد يكون مدروسا، فبحسب إميل هوكاييم، من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، فإن “حزب الله وإيران يطالبان الرئيس بشار الأسد منذ فترة بتبني إستراتيجية واقعية”. واعترف الأسد في خطابه الأخير بحقيقة التراجع محاولا تفسيره بأنه ليس هزيمة، مؤكدا أن جيشه متعب لكنه لم ينهزم بعد أو ينهار.
وإزاء هذه الحال فالنظام في الوقت الحالي ليس على هاوية النهاية، ودخول تركيا التي طالبت المجتمع الدولي دائما بحشد الجهود ضد الأسد لن يحرف مسار الحرب ضد النظام في دمشق.
وتشير المجلة إلى عامل آخر يتعلق بالاتفاق النووي ورفع العقوبات عن طهران بشكل يمكنها من تعزيز الجهود لدعم الأسد.
وتعتقد المجلة أن المعارضة تعاني من مشكلة نقص المقاتلين ووحدة القيادة، رغم الدعم الذي تلقته أخيرا في مجال السلاح النوعي، ولهذا السبب فلا تستطيع في الوقت الحالي الدفع باتجاه دمشق. ونظرا لوجود جبهة النصرة التي أعلنت الولاء لتنظيم القاعدة فوجودها سيظل مبررا لعدم تسريع الجهود الغربية في سقوط نظام الأسد.
وفي السياق نفسه، يعاني تنظيم الدولة الإسلامية من مصاعب، رغم نجاحه الأخير في السيطرة على مدينة تدمر، لكنه خسر عين العرب/كوباني وتل أبيض والعديد من المواقع التي يتمدد فيها الأكراد السوريون على حسابه.
ورغم أن انهيار التنظيم ليس محتوما، إلا أن الكثير من المحللين يرون أن التنظيم وصل مداه في التوسع إلا إذا حصل خطأ من أعدائه يسمح بتدفق دفعات من المقاتلين الجدد لأراضيه. وإذا كانت الساحة العسكرية غير واضحة والحل السريع ضئيل، فالأمل على الساحة الدبلوماسية أقل بكثير.