كتب أكثم سيف الدين : يبدو أنّ الخطة الجديدة التي بحثها وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، مع المسؤولين العراقيين لإدارة معركة الأنبار، في زيارته الأخيرة إلى بغداد، تعتمد بالأساس على دور يقوم به النظام السوري من خلال التعاون العسكري المشترك بين بغداد ودمشق، وهو ما يفسر أسباب إرسال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مستشاره الأمني، فالح الفياض، إلى سورية لبحث الخطة الأميركية مع الرئيس السوري بشار الأسد.
ويكشف مسؤول في التحالف الوطني العراقي أنّ “الفياض توجّه إلى الأسد، يوم الثلاثاء الماضي، حاملاً معه ملفات عدة، أبرزها التعاون العسكري لضبط الحدود العراقية – السورية وإقامة منطقة عازلة مؤمنة عسكريّاً بين البلدين، تعتمد على قوات عراقية وسورية مشتركة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، المتمثلة بسلطة التحالف الدولي، لمنع تنقّل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، داعش بين البلدين”.
ويضيف المسؤول أنّ “الدور السوري سيكون رئيسياً في معركة الأنبار من خلال ضبط الحدود، وفقاً للخطة الجديدة التي تم بحثها مع كارتر خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد”، مشيراً إلى أنّ “العبادي بحث الخطة مع الجانب الإيراني خلال زيارة وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، إلى بغداد، الذي أبدى ترحيبه بها ودعم إيران الفكرة”.
ويشير المصدر إلى أنّ العبادي كلّف الفياض بالتأكيد للأسد على أنّه مقابل تحرك قطعات الجيش السوري إلى الحدود، سيرسل العراق أعداداً مما سمّاه “فصائل المقاومة الإسلامية إلى سورية لتغطية أي خلل في أي جبهة من الجبهات السورية”.
ويؤكد المسؤول أنّ “داعش يعدّ عدواً مشتركاً للعراق وسورية والمنطقة بأكملها، وأنّ التنسيق العراقي ــ السوري عسكرياً ليس بجديد، لكن دخول واشنطن بخطة مشتركة تجمع الأطراف الثلاثة تعدّ خطوة جديدة ستصب في صالح المعركة”، مشيراً إلى أنّ “الأسد سيبدي تعاوناً كبيراً مع الخطة الجديدة”، ومشيراً إلى أنّ العبادي كان قد تناقش مع الأسد هاتفياً بالخطة، قبل أن يرسل إليه الفياض للاتفاق عليها بشكل كامل.
وكانت وكالة الأنباء السورية “سانا” قد ذكرت أن الفياض والأسد “بحثا آخر تطورات الأوضاع في العراق والجهود التي تبذلها الحكومة والشعب العراقي لمواجهة الإرهابيين”، مبينة أنهما “أكدا على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في مجال مكافحة الإرهاب، الذي يضرب سورية والعراق ويهدد المنطقة والعالم”. كما أشارت “سانا” إلى أن الأسد “أبدى ارتياحه لمستوى التعاون القائم مع القيادات العراقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية، والذي سيثمر عن نتائج إيجابية تصب في صالح البلدين والمنطقة”.
من جهته، يرى عضو تحالف القوى، النائب أحمد سلمان، أنّ “التنسيق العراقي ــ السوري في الحرب ليس جديداً، مضافاً إليه الطرف الإيراني، الذي يعد محور الحروب في الدول العربية”. ويقول سلمان إنّ “الاتفاق النووي الإيراني ــ الغربي فتح آفاقاً جديدة لتعاون مشترك لها مع واشنطن، وإن كان في الخفاء”. ويلفت سلمان إلى أنّ “أيّ خطة أميركية تخص سورية أو العراق لا يمكن للعبادي القبول بها إن لم تحصل على موافقة إيرانية”، مشيراً إلى أنّ “العراق سيبقى محور الحرب في المنطقة بفضل التخطيط الإيراني، وسيتحمل الشعب العراقي أعباء الصراع الدولي”.
بدوره، يؤكد الخبير الأمني، أحمد السعيدي، أنّ “معركة الأنبار أُحرز فيها تقدم خلال الأيام الأخيرة، بسبب عدم مشاركة مليشيات الحشد الشعبي فيها، والتي انشغلت في الفلوجة فقط”. ويقول السعيدي، إنّ “خطوة إقامة منطقة عازلة مع سورية خطوة جيدة تصب في صالح المعركة، لكنّ الأهم من ذلك أن تعي الحكومة أسباب تحقيق النصر، الذي لا ينجز إلا من خلال الاعتماد على القادة العسكريين في التخطيط، وعدم تحكم مليشيات الحشد بالقرار العسكري، يضاف إلى ذلك إشراك العشائر في المعركة”.
ويؤكّد السعيدي أنّ “المعارك تدار معنوياً، من خلال كسب ودّ أهالي المناطق التي تتم فيها المعارك، وزرع الثقة في نفوسهم، وكسب الأطراف السياسية للدفاع عن الوطن الواحد”، مشيراً إلى أنّ “على الحكومة أن تعي أن الاعتماد على مليشيات الحشد هي خسارة للمعركة، لذا يتحتم عليها أن تضعهم جانباً”.