عند خور دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، يُحمل العمال كل شيء، من أجهزة الكمبيوتر إلى السجائر، على متن المراكب المتجهة عبر الخليج إلى إيران. وفي المطار، الذي يبعد نحو عشر دقائق، يصعد الرجال الذين يحملون الحقائب المليئة بالدولارات على متن الطائرات المتجهة إلى طهران.
وقد شكلت دبي، وهي أكثر المراكز التجارية ازدحامًا في الخليج، منذ فترة طويلة البوابة الخلفية التي دخل من خلالها المهربون إلى إيران لمبادلة السلع والنقد في خرق للعقوبات الغربية. وتأمل دبي الآن بأن تصبح البوابة الأمامية لإيران أيضًا.
وسوف يقود الاتفاق النووي بين إيران، وأمريكا، والخمس قوى العالمية الأخرى، إلى رفع معظم العقوبات تدريجيًا، في حال حافظ الملالي على التزاماتهم وفقًا للصفقة. وقد أثار هذا الأمر المخاوف من أن إيران أكثر ازدهارًا سوف تكثف من تدخلها في الشؤون العربية، ومن أن عودة نفطها إلى السوق العالمي ستؤدي إلى انخفاض أسعار النفط وإلى معركة للحصول على حصة لها في السوق.
ولكن آخرين يرون فرصةً في عودة إيران إلى الساحة التجارية العالمية، وخاصةً أنها تعد أكبر سوق في المنطقة، يحتوي على ما يقرب من 80 مليون مستهلك معظمهم من الشباب المتعلمين تعليمًا جيدًا. وتعد دبي بدورها في أفضل موقع للاستفادة من هذه الفرصة.
ومن بين الأربعمئة ألف إيراني الذين يسكنون في دولة الإمارات العربية المتحدة الآن، يعيش الكثير من هؤلاء في دبي. وتستضيف الإمارة أيضًا ما يقرب من 10 آلاف شركة تجارية إيرانية، بالرغم من أن بعض هذه الشركات هي مجرد واجهات للتهريب.
وبالتالي، ليس من المستغرب أن تكون دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين، وذلك رغم تأخر التجارة بين الدولتين منذ بدء العقوبات في عام 2011. وفي حال بدأ الاقتصاد الإيراني ينمو بسرعة بعد رفع العقوبات، وهو ما يتوقعه المحللون، فسوف ترتفع كميات الأموال والبضائع وأعداد السياح الذين يعبرون الخليج بالتأكيد.
التبادل التجاري بين إيران والإمارات العربية المتحدة
وكانت الثلاثة قطاعات الأكثر تضررًا من العقوبات في الاقتصاد الإيراني هي القطاعات التي تتفوق فيها دبي. وبينما عانى النقل الجوي في إيران بسبب نقص قطع الغيار وشيخوخة أسطولها من الطائرات الذي أصبح غير آمن على نحو متزايد، أنشأت دبي، في الوقت نفسه، مركزًا واسعًا للخدمات الجوية، بما في ذلك مرافق الصيانة والتصنيع، حول مطارها، الذي يعد واحدًا من أكثر المطارات ازدحامًا في العالم.
وبالمثل، تعرضت حقول النفط الإيرانية للشلل بسبب عدم سماح العقوبات بدخول المعدات اللازمة إلى البلاد. وسيتم الآن تشغيل الكثير من الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية الإيرانية من خلال ميناء جبل علي في دبي، الذي يعد مركزًا لكل شيء متعلق بالأنابيب، والمضخات، وأجهزة الحفر.
وأما القطاع الثالث فهو التمويل. وفي حين تركت العقوبات إيران في وضع يرثى له تمامًا في هذا المجال، تستضيف دبي المقرات الإقليمية لمعظم البنوك الكبيرة. وقد ذكر هذا روزبيه بيروز من مؤسسة فيروز شركاء، وهي شركة استثمار في طهران، بما حدث في هونغ كونغ، حين سعت المؤسسات المالية العالمية والشركات متعددة الجنسيات للوصول إلى السوق الصينية في وقت مبكر. ويقول بيروز: “تستطيع دبي أن تلعب دورًا مماثلًا بالنسبة لإيران”. وتعد دبي بالفعل مركزًا للشركات التي تتطلع للقيام بأعمال تجارية في الشرق الأوسط وإفريقيا. وتبعد طهران مسافة ساعتين فقط بالطائرة عن دبي، وتعود الروابط التجارة بين البلدين إلى قرون مضت.
ويتم الآن بالفعل تسيير نحو 50 رحلة طيران أسبوعيًا بين دبي وطهران، بالإضافة إلى عشرات الرحلات الأخرى بين مختلف المدن الأخرى في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران. وقد رفعت شركة “فلاي دبي” عدد الوجهات الإيرانية التي تخدمها من وجهتين إلى تسع وجهات هذا العام. وتسير شركة الإمارات، وهي أكبر شركة طيران في المنطقة، رحلاتها بالفعل إلى طهران، وسوف تسير رحلاتها أيضًا إلى مشهد، وهي ثاني أكبر مدينة في إيران من حيث عدد السكان ومحج للشيعة. وفي الوقت نفسه، يستعد ميناء جبل علي لتعزيز مكانته كمركز رئيس لشحن البضائع المتجهة إلى إيران.
ويحذر المحللون من أن التأثير الاقتصادي للانفتاح الإيراني سوف يتأخر في القدوم، ومن أن رفع العقوبات سيتم على فترات، وفقط في حال التزمت طهران تمامًا بشروط الاتفاق النووي. ويضيفون أن الحظر التجاري الخاص بأمريكا، والمتعلق بالإرهاب، سوف يبقى في مكانه، وأن الشركات التي تسعى للتداول التجاري مع إيران سوف تواجه مجموعة من العقبات البيروقراطية، وأن إيران تتواجد في المرتبة رقم 130 على قائمة البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، وهو ترتيب بائس.
وبالتالي، قد تدفع هذه العوامل بعض الشركات إلى اختيار الانتظار قبل دخول السوق الإيرانية، وهو ما سيبقي المهربين في خور دبي قادرين على العمل لفترة أخرى من الوقت.
الإيكونوميست – التقرير