هذا ما كتبت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” البريطانية رأى فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم “داعش” قد تحول إلى دولة فاعلة ويستخدم الإرهاب من أجل تعزيز الطاعة والخوف بين المعادين له, فقد احتل مقاتلوه أراض ودمروا الآثار التاريخية وذبحوا الأقليات واسترقوا النساء وحولوا الأطفال إلى قتلة.
وبحسب المقال الذي نشرته الصحيفة البريطانية للكاتب “تيم أرانغو” فبرغم كل هذا، فمن الصعب رشوة مسؤولي التنظيم مما يجعله أفضل من حكومتي العراق وسوريا. وينقل عن بلال الذي يعيش في الرقة قوله: “يمكنك السفر من الرقة إلى الموصل ولا أحد يتجرأ على التعرض لك حتى لو كنت تحمل معك مليون دولار”. وأضاف أن أحدا من سكان “الخلافة” لا يتجرأ على أخذ ولو دولار.
ويقول “أرانغو” إن تنظيم الدولة على خلاف القاعدة التي سبقته يسيطر على أراض ويؤسس بالضرورة لمعالم دولة فاعلة لكنها تقوم على الإرهاب والعنف.
فرغم توفير الإدارة التابعة للتنظيم نوعا من الاستقرار لمن يعيشون في ظل الدولة وملئه الفراغ الذي خلفته الحكومات الفاسدة، إلا أن أساليب العنف والإرهاب تؤثر في طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
ويعتقد “أرانغو” أنه من المبكر الحديث عن دولة حقيقية، لكن التنظيم وضع عددا من الإجراءات المرتبطة بالحكم، مثل إصدار بطاقات هوية للمواطنين ووضع قيود على الصيد من أجل الحفاظ على الثروة السمكية وطلب من أصحاب العربات الاحتفاظ بصندوق أدوات لحالة الطوارئ.
ويعلق ستيفن وولت من مدرسة جون كيندي للحكم بجامعة هارفارد أن هذه الإجراءات تعبر عن “منظمة ثورية تقوم ببناء دولة”. وجادلوولت بمقال سابق له نشرته مجلة “فورين بوليسي”، تحت عنوان “ماذا سنفعل لو انتصرت الدولة الإسلامية؟” أن الجهاديين قد يفوزون في ضوء النتائج المتواضعة التي حققتها الحملة الدولية التي تقودها أمريكا ضدهم.
وكتب أن “انتصار الدولة الإسلامية سيعني أن الجماعة ستحتفظ بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها متحدية الجهود الخارجية لإضعافها وتدميرها”.
وأضاف أنه بعد عام من الغارات الأمريكية على التنظيم أصبح من الواضح أن التخلص منه يقتضي تدخلا أجنبيا على قاعدة واسعة. وهذا جدل مرتبط بالاعتقاد الواسع أن عملية عسكرية من دون حل سياسي يمنح السنة المحرومين بديلا لحمايتهم ليس كاف لإنهاء تهديد الدولة الإسلامية.
وهذا أمر مهم لأن السنة في سوريا والعراق لا بديل أمامهم، ولا يزال سنة العراق معادين للحكومة الشيعية في بغداد.
أما في سوريا، فيواصل الأسد حربه الأهلية التي قتلت أكثر من 200.000 سوري منذ عام 2011. وينقل التقرير عن أحمد هو صاحب محل لبيع المقتنيات الأثرية وفر قبل فترة من الرقة: “بصراحة كلاهما قذر النظام وداعش”، ولكن “الدولة الإسلامية مقبولة أكثر في الرقة”.
ووصف أحمد فصائل الجيش السوري الحر التي سيطرت على الرقة قبل تنظيم الدولة بأنها مجموعة من اللصوص مثل النظام. ويرى أن الحياة في الرقة اليوم مستقرة أكثر.
ويقارن التقرير هذه المشاعر في سوريا اليوم وبين تجربة طالبان التي عززت من سيطرتها على أفغانستان بعد فترة من الفوضى التي مارسها أمراء الحرب عندما رحل السوفييت عن البلاد.
ويشير التقرير إلى أن عنف الدولة الإسلامية ينظر إليه في المناطق الواقعة تحت سيطرته بطريقة مختلفة، فالناس الذين عاشوا عقدا من الحروب والتطهير الطائفي والدمار يتمتعون بقدر من الاستقرار والنظام: شوارع نظيفة وخدمات وإن كان قليلة.
وفي داخل “الدولة الإسلامية” يمكن للناس العيش بسلام طالما تجنبوا معارضة التنظيم. ويبرز العنف هذا بشكل واضح في التعامل مع القبائل التي تجرأت على المعارضة كالشعيطات في سوريا والبونمر في العراق ومع الأقليات الإيزيدية.