شنّ الكاتب علي الصالح هجوما على ياسر عبدربه امين سر اللجنة التنفيذية السابق .
وكتب علي الصالح في القدس العربي مقالا مطولاً تحدث فيه عن تصرفات ياسر عبد ربه وكيف خذل ياسر عرفات قبل وفاته , وعدّد الكاتب المواقف التي خذل فيها عبدربه الرئيس أبو مازن ايضاً .
وفي خضم مقاله المنشور على الموقع الرسمي لمفوضية العلاقات الوطنية بحركة فتح والتي يرأسها عزام الاحمد عضو المركزية تحدث الكاتب عن وصول ياسر عبدربه الى نيويورك على متن طائرة اماراتية مع وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد والذي اتهمه الكاتب بانه حاول افشال خطة الرئيس ابو مازن بمجلس الامن متهما عبد ربه بالوقوف مع وزير خارجية الامارات .
ننشر المقال كاملاً :
«الرفيق» ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية:
لو اقتصرت رسالتك إلى الرئيس محمود عباس، وأعضاء اللجنة التنفيذية، على مقدمتها التي ترفض الأسلوب الذي أقصيت فيه عن منصب أمين سر اللجنة لكسب التعاطف من أطراف كثر، ولن أقول التعاطف الشعبي، لأنك لم تكن يوما شعبيا.. ولو أعلنت استقالتك من اللجنة لكان التعاطف أعظم.
غير أنك اخترت أن تكون البطل الصنديد، وان تقول ما لا تعنية ولا تمارسه بالمطالبة بالتغيير في نهج عمل المنظمة، وهو موقف لم يصدر عنك قط، والإعلان عن موت اتفاق اوسلو الذي كنت ركنا من أركانه، ولم تعلن ذلك ايضا من قبل، فأخفقت في كلتا الحالتين، كما اخفقت في الوصول إلى مبتغاك للأسف.
لا أزعم على الإطلاق أنني كنت من مريديك، لا سياسيا ولا أداء، ولا في تكبرك وتعاليك وعجرفتك على عامة الشعب، ورغم ذلك أقول ومن منطلق مبدئي فقط، إن الأسلوب الذي أقصيت فيه عن منصبك كأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لم يكن سليما في أحسن الظروف ولا اتفق معه بالمطلق.. وكان لا بد أن يكون هناك أسلوب آخر يتسم بالاحترام في التعامل مع الآخر، خصما كان او صديقا.
وأؤكد وقوفي إلى جانبك في قولك في مقدمة رسالتك المفتوحة الموجهة إلى رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية، انك كنت فقط تعترض «على الكيفية التي تم بواسطتها تناول موضوع إعفائي من مسؤوليتي عن أمانة السر، وعلى الأسلوب الذي استخدم بدون حضوري ومشاركتي وبلا قرار أو تصويت داخل اللجنة التنفيذية..»، والسبب حسبما جاء في الرسالة «لأنه (اي القرار) لا يمسني وحدي بل هو كذلك مساس بتاريخنا الطويل المشترك، وكل تقاليد وقواعد العمل الوطني الفلسطيني ونظام منظمة التحرير، كإطار جبهوي جامع، كما عرفتها طوال سنوات عضويتي في اللجنة التنفيذية، وأرجو ألا يصبح هذا الأسلوب سابقة لتشويه تاريخ كل واحد منا في حياته، أو بعد رحيله عن هذه الدنيا».
بيد أن أسلوب الرئيس أبو مازن هذا لم يكن سابقة كما ذكرت أيها «الرفيق» في رسالتك التوضيحية، بل سبقه قرار آخر من الرئيس وإن كان بالمقلوب.. ويخصك أيضا، وهو قرار تعيينك أمينا للسر قبل حوالي عشر سنوات. فقد اخترت أيها الرفيق، وكانت تربطك علاقات وطيدة مع أبو مازن، في حينها لهذا المنصب بالأسلوب نفسه الذي أقصيت به، اي بدون التشاور وبدون عرضه على اللجنة.
واذكر في هذا السياق أن ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اللجنة خرج في حينها يقول إن تعيين عبد ربه في هذا المنصب الذي كان يشغله ابو مازن، لم يتم التشاور بشأنه مع اعضاء اللجنة التنفيذية. ولم نسمع حينئذ من عبد ربه مثل هذا الاعتراض، أو المطالبة بان يكون قرار التعيين قرارا صادرا عن التنفيذية.
وأكرر تعاطفي معك على الطريقة التي أقلت فيها، ولكن اتساءل كيف نجحت في الأساس في البقاء في عضوية اللجنة كل هذه السنين، وهي اللجنة التي دخلتها ممثلا عن الجبهة الديمقراطية بقيادة (الرفيق) نايف حواتمة التي شكلت بعد الانشقاق عن الجبهة الشعبية بزعامة الراحل جورج حبش عام 1969… وقررت وحواتمة الانشقاق عن الجبهة، لانها لم تكن ماركسية كفاية وأنت القومي العربي. واحتفظت بهذا المنصب بعد الانشقاق عن رفيق الدرب في مطلع التسعينات وشكلت «فدا» (وأشيعت نكتة في حينها انك انشققت عن حواتمة لان ماركسيته كانت سكر زيادة). وغادرت «فدا»، بعد أن شعرت بأنك اكبر من هذا الحزب الذي لم يكن في الأساس سوى اسم على ورق وفاتورة جديدة تضاف إلى فواتير الصندوق القومي الفلسطيني، بسبب قربك من الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي وضعك تحت جناحيه ومنحك صلاحيات وأدوارا كثيرة وكبيرة، منها فتح الحوار مع الادارة الامريكية عبر سفيرها في تونس بعد انهيار الأخ الأكبر الاتحاد السوفييتي، وكذلك لعب دور أساسي في المفاوضات. وقبل أن يفارق عرفات الحياة انضويت تحت جناح ابو مازن الذي أكرمك بتعيينه أمينا لسر اللجنة التنفيذية، بمجرد أن تزعم رئاسة المنظمة في أواخر عام 2004. ليس هذا فحسب بل أطلق يديك في اعلام المنظمة وإذاعتها بما فيها هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الوطنية الفلسطينية «وفا».
وتنكرت أيها الرفيق لأبو مازن، كما تنكرت لعرفات من قبله في أواخر حياته، ولكن ابو مازن ليس عرفات وليست أحد خصاله الاحتفاظ بشعرة معاوية، وهو يسير وفق المثل القائل «اقطع العرق وسيح دمه».. فقد شعر ابو مازن بخذلانك له قبل عام 2011. ولكن العلاقة تدهورت إلى حدودها الدنيا حتى جاءت لحظة القطيعة الحقيقية، وكنت شاهدا عليها في نيويورك، حيث رافقت ابو مازن وعددا من الصحافيين، في سبتمبر من ذاك العام، وكان أبو مازن الوفي لأصدقائه يشارك في الدورة السنوية للجمعية العامة لطرح مشروع الاعتراف بدولة فلسطين، وهو مشروع كان كما تعلم يعارضه الأمريكان ومن ورائهم عدد من الدول العربية تتقدمهم دولة الإمارات، التي وصلت كما قيل في حينها إلى نيويورك على متن طائرة وزير خارجيتها عبد الله بن زايد، الذي حاول التخريب على المبادرة. أنا لست ضد موقفك المعارض، فهذا حقك الطبيعي، ولكن كان عليك أن تبقيه داخل الأُطر «الديمقراطية» التي تتحدث عنها.
وأثار تصرفك هذا ومن ورائك الإمارات ابو مازن، الذي اعتبر ذلك خيانة ومحاولة من جانبك لعرقلة جهوده.. ووصل الغضب بأبي مازن أن رفض السماح لك، حسبما وصلني من تسريبات في حينها، العودة على متن طائرته إلى عمان. وقال لك، على ذمة الراوي، «اللي جابك يرجعك». ومنذئذ والعلاقة بينك وبين ابو مازن في انحدار، فسحب منك الاعلام، واستبعدك من دائرته الضيقة إلى أن جاءت الضربة القاصمة بإقصائك عن أمانة سر اللجنة التنفيذية.
لا أشكك في وطنيتك ولا أنقصك حقك في خدمة القضية الوطنية الفلسطينية، على مدى أكثر من 56 عاما، بالطريقة التي تعرفها وإن كنت والكثير جدا جدا من الفلسطينيين يختلف معها.. وهي من وحي تجربتي معك كصحافي.. طريقة منفرة ومتعالية، بل متعجرفة وفوقية… والاخطر من ذلك انك لم تكن ترتكز قط يوما على ارضية شعبية، وتمكنت من الحفاظ على عضوية اللجنة عبر اقترابك من الزعيم بعد الزعيم. ما تقدم مجرد توضيح يعني الجزء الاول من الرسالة المفتوحة.
وفي الجزء الثاني تدعو أيها «الرفيق» اعضاء التنفيذية إلى الدخول «في الموضوع الجدي الوحيد والمفيد، الذي ينبغي أن يستأثر بكل اهتمامنا وجهدنا». وتدعو في هذا الإطار إلى «اجتماع عاجل للجنة يكون مقدمة لسلسلة اجتماعات تتناول الأمر الأبرز في هذه المرحلة، وهو إنقاذ مشروعنا الوطني الذي لن نتخلى عنه».. ألا تجتمع التنفيذية أسبوعيا؟… واذا كانت قرارات المجلس المركزي للمنظمة أعلى سلطة بعد المؤتمر العام، لم تحترمها التنفيذية، ولم نسمع منك يوما انك طالبت بتنفيذها.. فهل تستطيع هذه اللجنة اتخاذ اي قرار من اي نوع وتنفيذه؟.. التنفيذية، بمن فيها أنت، فقدت القدرة على فعل شيء .. وفاقد الشيء لا يعطيه. والأجمل في رسالتك انك تطالب هذه اللجنة بـ»إيجاد الدعائم والروافع لتجديد المشروع الوطني وحمايته»، يا «رفيقي» والله حرام عليك أن تطلب هذا من لجنة فقدت حتى الوقوف على رجليها بدنيا.
وتذكرت يا «رفيق» الان وبعد اكثر من أربعين سنة في اللجنة التنفيذية أن تطالب بأن «تفتح آفاق تطوير كفاحنا في المستقبل».. وأكثر من ذلك انك تريد من اللجنة وبعد مرور 22 عاما على اتفاق اوسلو المشؤوم أن تعترف و»بصراحة، بأن خطتنا السياسية منذ أوسلو حتى الآن فشلت فشلاً ذريعاً وتاماً، ولا يضيرنا أبداً الاعتراف بهذا بدون مكابرة». ألم تكن احد المسؤولين المباشرين عن ذلك؟
اعجبني تعبير بدون مكابرة، فهذه هي المرة الاولى التي تتخلى فيها عن تكبرك. وهل توصلت إلى هذه القناعة بفشل اتفاق اوسلو الان ام أن موقعك او مصلحتك لم تكن تسمح لك بالإفصاح عن هذا الموقف.. وفي كلتا الحالتين أتمنى عليك أن تستقيل فورا من التنفيذية رأفة بنفسك وبنا، وحتى تعطي رسالتك مسحة من المصداقية.
الم تكن يا «رفيق» من دعاة السلام ومن عرابي المفاوضات.. أليس هو نفسه عبد ربه صاحب مبادرة جنيف، أم أن هناك شخصا آخر يحمل اسمك؟ ألست أنت من طبل وزمر للمفاوضات ولاتفاق اوسلو والذي قام على أساس اعتراف المنظمة بإسرائيل واعتراف اسرائيل بالمنظمة فقط، وليس بحق الشعب الفلسطيني بدولة (الرسائل المتبادلة) التي سبقت توقيع اتفاق اوسلو في 13 سبتمبر 1993. وهل انهار هذا الرهان على اوسلو كلياً فقط بعد إعفائك من منصبك.. أليس الساكت عن الحق شيطانا اخرس.
ومنذ متى كنت من دعاة الوحدة والمشاركة الوطنية الشاملة ألست أنت صاحب أربعة انشقاقات؟ هل تهيأ لك وانت تكتب هذه الرسالة أن السنين كفيلة بالنسيان.. فإذا نسيت الناس فان الانترنت تذكرهم بماضيك. وفي هذا السياق تقول في رسالتك «ولا يمكن استعادة مكانة منظمة التحرير كعنوان وحيد لشعبنا وكقيادة فعلية لكفاحه بدون مشاركة واسعة تشمل الجميع، بما فيها حركتا حماس والجهاد، وتأسيس مركز قيادي موحد لعموم الشعب يحظى بتأييده والتفافه ويستجيب لتطلعاته الوطنية».
لم أعرفك يوما من دعاة التغيير والوحدة ولو كنت كذلك لكنت اول المغادرين للجنة التنفيذية بعد اكثر من أربعين سنة، ولا قدت اربع انشقاقات خلال «رحلتك النضالية» الطويلة.
وهل أذكرك بموقفك من حركة حماس، وكنت الأكثر تشددا في عدائك لها.. ألست أنت القائل إن حماس «تسعى إلى إقامة كيان ظلامي في قطاع غزة».
أكتفي بهذا القدر من رسالة عبد ربه لضيق المساحة. وأختم بالقول كفانا تباكيا وذرفا لدموع التماسيح على الوحدة والمشروع الوطني والمنظمة..
واخيرا أتمنى على عبد ربه ومن هم على شاكلته أن يرأفوا بعقولنا وحالنا… ويرحموا من في الأرض حتى يرحمهم من في السماء.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»