رأى الكاتب الإسرائيلي “ايلي فوده” في مقال تحليلي، نشره موقع صحيفة “هآرتس”، أن التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران قد منح الغطاء القانوني للأحداث الحاصلة في المنطقة منذ احتلال الولايات المتحدة للعراق في 2003 والربيع العربي، حيث حول إيران ليس إلى طرف “شرعي” على المستوى الإقليمي، وفقط، بل أيضا إلى شريك محتمل في الحرب الدولية ضد داعش والمنظمات الإسلامية السنية الجهادية الأخرى مثل القاعدة وجبهة النصرة وغيرهما.
وقال إن الخوف من نشوء هلال شيعي في الشرق الأوسط، يمتد من إيران ومرورا بالشيعة في العراق وانتهاء بالعلويين في سوريا وحزب الله في لبنان، ليس جديدا، عبد الله، ملك الأردن، تحدث للمرة الأولى عن هذا في عام 2004.
مستوى التأثير الحقيقي لإيران في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء غير معروف. ويمكن الافتراض أنه توجد للأجهزة الاستخبارية معلومات أكثر من تلك الموجودة في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام المختلفة.
وقال إن إسرائيل والسعودية مثلا تريدان، لأسباب إستراتيجية وجغرافية وإيديولوجية، تضخيم الخوف من إيران النووية، في المقابل الولايات المتحدة وروسيا والصين ودول الخليج المقربة من إيران مثل عُمان، فإن من مصلحتها التهوين من الخطر الإيراني وتقزيم دورها.
وقد عرف التاريخ عرف حالات من التوصيف المبالغ فيه، فمثلا إسرائيل والغرب صورا الزعيم المصري جمال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات على أنه هتلر العالم العربي. الاستخبارات العسكرية ووسائل الإعلام في حينه تحدثا عن التأثير المصري القوي في جميع أرجاء العالم العربي، ويشمل ذلك العراق وسوريا واليمن البعيدة.
لكن الصيغة التاريخية لتلك الفترة تُبين أن قدرات عبد الناصر كانت محدودة قياسا بما نُسب إليه. لذلك فإن تحليل القدرة ومستوى التأثير الحقيقي لإيران في المنطقة يجب أن يكون دقيقا وليس ديماغوجيا.
العامل غير المعروف فيما يتعلق بالتأثير الإيراني في المنطقة يتعلق بمستقبل سوريا. صحيح أن الأولوية الإستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط العربي هي دعم والحفاظ على نظام بشار الأسد. والعلاقة الوثيقة الإيرانية السورية القائمة بشكل متواصل منذ ثلاثين سنة (مع انقطاع مؤقت خلال حرب الخليج) تحولت إلى خط مركزي في السياسة الإقليمية.
ذلك أن أهمية سوريا لا تنبع من مواردها الاقتصادية بل من موقعها الجغرافي الإستراتيجي في قلب المعركة الإقليمية. من يريد أن يسيطر على المنطقة، كتب الصحفي البريطاني القديم باتريك سيل في الستينيات، يجب عليه أن يسيطر على سوريا أو أن يحظى بصداقتها.
وفقا لتقديرات الكاتب، فإنه بسبب الشك في نوعية المعلومات الاستخبارية التي تصل من الميدان، يصعب التنبؤ بما سيحدث في سوريا، وإذا ما كانت تستطيع الحفاظ على سيادتها وسلامتها الجغرافية.
لكن لا شك أن نجاح إيران في الحفاظ على النظام العلوي سيكون إنجازا مهما بالنسبة لها من جهة، وسيقوي الوحدة الراديكالية الشيعية في المنطقة من جهة أخرى. في حين، سيشكل سقوط نظام الأسد ضربة قاضية للتأثير الإيراني في المنطقة، لأن هذا سيوجد فراغا كبيرا في الهلال الشيعي ويلحق الضرر بحزب الله ويضعف تأثير إيران في العراق.