نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريراً كتبه مراسلها تسفي برئيل، خلُص فيه إلى أن قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني هو عميل سري للولايات المتحدة منذ وقت طويل.
ورغم تكذيب الإدارة الأميركية التقارير الصحافية التي تحدثت عن رفع الأميركيين العقوبات التي كانت مفروضة على الجنرال سليماني، فإن هذا لا يعني عدم وجود تعاون سري بين الإدارة وبين قائد “فيلق القدس” الذي يقود القسم الأكبر من الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا وفي العراق في الوقت نفسه.
ويشير الكاتب إلى أنه طالما أن الإطاحة بنظام بشار الأسد ليس من ضمن أهداف الإدارة الأميركية وتركيزها الأكبر على محاربة تنظيم الدولة “داعش”، فإن سليماني سيكون حليفاً لواشنطن.
ويروي الكاتب المسيرة التي قطعها سليماني وكيف شق طريقه إلى القمة وهو المنحدر من عائلة فقيرة، واضطراره إلى العمل في سن مبكرة لسداد قرض أخذه والده من حكومة الشاه.
وعندما بلغ العشرين، انضم إلى قوات “الحرس الثوري” التي حاربت في العراق خلال السنوات 1980-1988. في تلك الفترة برزت مواهب سليماني من خلال تفكيره الإستراتيجي وشخصيته الكاريزماتيه، مما جلعه يتبوأ قيادة “فيلق القدس” المكلفة العمليات الخارجية.
ويشير الكاتب إلى أن سليماني كان وراء معظم الهجمات ضد القوات الأميركية بعد غزو العراق عام 2003. لكن هذا لم يمنع تعاونه مع الأميركيين من اجل انتخاب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة سنة 2003.
وقد ذكر السفير الأميركي رايان كروكر في العراق في مقابلة مع “النيويوركر” أن قائمة أسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة وضعت بطريقة يمكن أن تحظى بموافقة سليماني.
ويبدو أن سليماني هو الذي أقنع قوات المهدي التابعة لمقتدى الصدر بالامتناع عن مهاجمة أهدف أميركية في بغداد، ونسّق بصورة غير مباشرة مع الأميركيين من اجل تأليف حكومة نوري المالكي في سنة 2010.
وقد درج سليماني على إرسال رسائل SMS إلى قادة الوحدات الأميركية في العراق. وقد جاء في إحداها هذه الرسائل التي بعث بها إلى قائد المنطقة الوسطى الجنرال ديفيد بترايوس: “أنا قاسم سليماني، المسؤول على سياسة إيران في العراق وسوريا ولبنان وغزة وأفغانستان. والسفير الإيراني في العراق هو عضو في فيلق القدس ومن سيحل محله سيكون مثله”.
ويزعم الكاتب أنه كان بإمكان الاستخبارات الأميركية اغتيال سليماني مرتين، لكنها امتنعت عن ذلك لاعتبارات سياسية أميركية، وللمحافظة على التعاون السري مع إيران في الحرب في العراق.
ويشير الكاتب إلى أنه رغم التقدير الكبير الذي يحظى به سليماني داخل إيران، إلا أنه تعرض خلال العام الماضي لانتقادات وجهت إلى طريقة إدارته المعارك في العراق ونجاح “داعش” في السيطرة على منطقة الرمادي، وعلى السلوك الوحشي للميليشيات الشيعية ضد المدنيين الأبرياء من سكان المناطق السنية.
كما انتُقد سليماني لعدم نجاحه في إقناع الأكراد بالسماح بمرور السلاح والذخيرة عبر مناطقهم لمساعدة نظام بشار الأسد. كما برزت انتقادات بشان الطريقة التي يدير فيها سليماني المعارك في سوريا، وفشل مساعيه في بناء بنية تحتية لـ”حزب الله” في الجولان لمحاربة التنظيمات الجهادية السنية، وعدم قدرته حتى الآن على تحقيق الحسم العسكري الكامل على جبهة القلمون.
ويخلص الكاتب إلى القول: “يبدو أن سليماني سيظل شخصية أساسية في إدارة الحرب ضد داعش. وبذلك سيكون المتعاون السري لواشنطن في العراق وسوريا”.