تقوم عدة شبكات إنترنت تابعة للدولة الإسلامية، والمنظمات المتطرفة الأخرى، بالترويج لأشرطة فيديو عمليات الإعدام، واستدراج الجهاديين للانضمام لصفوفها، مستعينةً بالقليل من المساعدة من شركات تقع مقراتها في الولايات المتحدة. وتستضيف ثلاث شركات أمريكية على الأقل المواقع التي يستخدمها أنصار داعش، وجماعة إرهابية إسلامية أخرى، لنشر الأخبار، والدعاية، وتجنيد الأتباع، وفقًا لتحليل أجراه موقع Vocativ. وتأتي هذه النتائج بينما يسعى المسؤولون في الولايات المتحدة، وأماكن أخرى، بقوة لفرض سلطات جديدة لمكافحة الجهاديين على الإنترنت، وبعد شهر فقط من فرض فرنسا إجراءات صارمة في هذا الشأن.
ويقول جيمس لويس، وهو مدير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “ما غير المعادلة هو أن داعش أكثر فعالية بكثير على الإنترنت من أي مجموعة رأيناها حتى الآن“.
ويمتلئ اثنان من المواقع التي تستضيفها شركات أمريكية بالصور ومقاطع الفيديو التي تروّج لوحشية داعش، وقوتها العسكرية، وكذلك تقدمها عبر العراق وسوريا. ويحتوي واحد من المواقع- وتستضيفه شركة أوتوماتيك التي يقع مقرها في سان فرانسيسكو- دروس الفيديو المتعلقة بالتكتيكات العسكرية والتسلل. في حين يوثق الموقع الآخر، والذي تستضيفه بروفو، مجموعة من المقاتلين الشيشان بقيادة عمر الشيشاني، وهو قائد القيادة الشمالية لداعش، ولديه سلطة على العمليات العسكرية للمجموعة في شمال سوريا.
ووجد تحليل Vocativ أيضًا أن شركة ويب واحدة على الأقل، وهي شركة Colocrossing التي يقع مقرها في بوفالو، نيويورك، توفّر خدمات الاستضافة لمنتدى تابع لحزب الله، وهو الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران. وتتراوح مواضيع المنتدى ما بين مجموعة من المناقشات حول الأسلحة والمعدات العسكرية، والمواضيع التي تركز على إسرائيل بعنوان “العدو الصهيوني”.
وحددت Vocativ شركات الاستضافة من خلال بحث WHOIS على موقع myip.ms الذي يوفر أسماء النطاقات، وعناوين الـ IP، وغيرها من المعلومات عن المواقع المسجلة، وتأكدت في وقت لاحق من الشركات باستخدام Host Advice، وهو موقع استعلام منفصل. وأثناء تحليلها، وجدت Vocativ أيضًا أن شركات إنترنت في المملكة المتحدة، هنغاريا، وبلغاريا، قد استضافت كذلك مواقع ومنتديات تابعة لداعش.
وقال مارتن ليبكي من مؤسسة راند: “هناك نوعان من الأشياء التي يمكنك القيام بها مع هذه المواقع. يمكنك التنصت عليها أو إغلاقها. وبصراحة، كلا الخيارين أسهل إذا ما كان الموقع مستضافًا في الولايات المتحدة“.
ولم تستجب أي من شركات الاستضافة الأمريكية التي حددتها Vocativ لطلبات الحصول على تعليق. وفي وقت سابق من هذا العام، أثار مزوّد خدمة إنترنت مختلف مقره في الولايات المتحدة، وهو كلودفلاري، حفيظة نشطاء قرصنة مجهولين ادعوا أن الشركة “تساعد الإرهابيين” من خلال توفير الحماية الرقمية لمواقع الدعاية والتجنيد التابعة لداعش ضد هجمات قراصنة الكمبيوتر.
وقال ماثيو برنس، وهو الرئيس التنفيذي لشركة كلودفلاري، لموقع ميرور على الإنترنت، إن الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون كانوا على بينة بمواقع داعش، ولكنهم طلبوا من الشركة ألا توقف خدماتها. وقال برنس أيضًا إنه خلافًا لمزاعم النشطاء المجهولين، لم تتلق كلودفلاري أموالاً من الجماعة الإرهابية لأن مواقع داعش المزعومة تستخدم خدمة مجانية. وأضاف: “لا يجب على أي شركة تغيير سياستها بسبب أطفال يثيرون الضجيج بشكل عشوائي على تويتر“. هذا ولم تتمكن Vocativ من التحقق بشكل مستقل من المزاعم ضد كلودفلاري.
ويقول الخبراء إن هذه المواقع التي تستضيفها شركات أمريكية تشكل تحديًا أمام مسؤولي إنفاذ القانون والاستخبارات الذين يتعين عليهم موازنة جهودهم بين مكافحة النشاط المتطرف على الإنترنت وضمان حرية التعبير التي تشمل حتى الجماعات الإرهابية والمتعاطفين معها. ويجب على هؤلاء المسؤولين كذلك تقييم الفوائد من الحفاظ على المواقع أو المنتديات المتصلة بالإرهاب، وهو ما يسمح لهم بمراقبة مستخدميها، أو محاولة إيقافها، وهو ما يسمح لهم بإغلاق قنوات تُستخدم للتجنيد.
ويقول ليبكي أيضًا إن بعض هذه المواقع الجهادية يمكن أن تكون “جبهات كاذبة” تم إنشاؤها من قبل المكلفين بإنفاذ القانون لجذب الطامحين في الانضمام إلى الإرهاب. وقد اقترح برنس الشيء نفسه عندما تحدث لصحيفة الديلي ميرور في شهر مايو.
ولم يستجب مكتب التحقيقات الفيدرالي لأسئلة Vocativ عن المواقع المتطرفة التي تستضيفها شركات أمريكية. وعند الاتصال به عن طريق الهاتف، رفض متحدث باسم المركز الوطني لمكافحة الإرهاب التحدث علنًا عن هذه المواقع أيضًا.
ويسعى المشرّعون الأمريكيون والمسؤولون في المخابرات حاليًا لإتاحة سلطات أوسع لتعقب ومواجهة نشاط الدولة الإسلامية على الإنترنت. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافقت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بهدوء على التشريع الذي يطلب من مقدمي خدمات الإنترنت، بما في ذلك شركات الاستضافة، إبلاغ السلطات الاتحادية عن أي نشاط يشتبه بأنه إرهابي. وفي الوقت نفسه، صعدت إدارة أوباما ضغوطها على شركات وادي السيليكون للسماح لوكالات إنفاذ القانون بالوصول إلى الاتصالات المشفرة التي يدعي مكتب التحقيقات الفيدرالي الآن أنها أداة تجنيد قوية لداعش.
وبينما تتعرض كل هذه التدابير لانتقادات من قِبل جماعات الخصوصية والحرية المدنية في الولايات المتحدة، اتخذت الحكومات في أوروبا بالفعل خطوات خاصة بها لتوفير إجراءات صارمة ضد المحتوى الإرهابي على الإنترنت.
وفي أعقاب هجمات تشارلي أيبدو في باريس، أصدرت فرنسا القواعد التي تسمح للسلطات بحجب المواقع المتهمة بالترويج للإرهاب. وفي وقت لاحق، نجحت الحكومة في تجنيد عمالقة التكنولوجيا، مثل جوجل والفيس بوك، لحذف المحتوى المتطرف على الإنترنت وتسليمها بيانات عن المستخدمين.
وكجزء من جهودها الخاصة بمكافحة الإرهاب، سعت المملكة المتحدة أيضًا لتنظيم النشاط على الإنترنت. ويطلب مشروع قانون يتم دفعه حاليًا من قبل رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من شركات الإنترنت والهاتف النقال الاحتفاظ بسجلات لتاريخ عمليات التصفح واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي التي يقوم بها زبائنها.
فوكاتيف – التقرير