قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن الولايات المتحدة تتواطأ مع مصر في تمرير قانون مكافحة الإرهاب، وأن المسئولين الأمريكيين لم يعبروا عن قلقهم من قانون مكافحة الإرهاب من خلال إعلان وزارة الخارجية الأمريكية دعم أمريكا لمصر في ما سمته “حربها ضد الإرهاب”، منتقدة اكتفائها بالقول: لكننا نأمل بأن تكون النسخة النهائية للقانون داعمة للأفراد وحقوق المصريين.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إنه أمر يثير الضحك؛ لأن مسئولي إدارة أوباما والمشرعين في الكونجرس كانوا مستعدين لتجاوز الانتهاكات؛ لأنهم يرون في مصر حليفا لا يمكن الاستغناء عنه في منطقة ملتهبة، مشيرة إلى أن الكونجرس أقر نسخا من قوانين الدعم الأجنبي ودعم مصر 1.3 مليار دولار في السنة، وفشل في اشتراط الدعم السنوي بحماية حقوق الإنسان والحكم ديمقراطيا.
وأشارت الافتتاحية إلى أنه في السنوات الأخيرة حاول الكونجرس ربط الدعم بشهادة من الخارجية الأمريكية؛ للحد من الاتجاهات الديكتاتورية. والآن تطالب الولايات المتحدة القاهرة فقط بالالتزام بمعاهدة السلام عام 1979، وأن تبقى حليفا لها.
وترى أنه من خلال التخلي عن هذه الأهداف الكبيرة، فإن المشرعين الأمريكيين أصبحوا متواطئين مع القمع. وتقول الصحيفة، إن قادة مصر الديكتاتوريين استخدموا ولعقود قوانين الطوارئ لاضطهاد واستفزاز منتقدي الحكومة، تحت ذريعة حماية الأمن القومي، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يقوم المسئولون في مصر بتمرير قانون مستبد في الأسابيع المقبلة، يعطي السلطات صلاحيات واسعة، من أجل أن تواصل قمع من ينتقد الحكومة، وتفرض الرقابة على الصحافة.
وتلفت الافتتاحية، إلى أن تمرير القانون الذي يطلق عليه “قانون مكافحة الإرهاب”، الذي يتم إعداده منذ أشهر، أصبح أولوية بالنسبة للحكومة، بعد الهجمات الكبيرة التي نفذها المتشددون في القاهرة وصحراء سيناء. وتجد الصحيفة أنه في الوقت الذي يشعر فيه المصريون بالتوتر؛ بسبب العنف المتزايد، فإن السلطات التي يسعى إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي يجب أن تكون محل تدقيق؛ فمصر في وضعها الحالي هي دولة بوليسية. فالمسودات الأخيرة من قانون مكافحة الإرهاب والخطوات الأخرى التي اتخذتها الحكومة تشير إلى تأكيد طبيعته القمعية.
وترى الافتتاحية، أن هذا ما يجب أن يكون مصدر قلق للمصريين وحلفاء البلد، وبينهم الولايات المتحدة؛ لأن تكتيكات مثل هذه لن تؤدي إلا إلى جرأة المتطرفين في حالة لم يعط للمصريين المحرمين مساحة للتعبير عن مظالمهم. وتوضح الصحيفة أنه بحسب القانون، فقد يتعرض السكان للتحقيقات الإرهابية، في حال قررت الحكومة أنهم قاموا بالتشويش على النظام العام والسلام الاجتماعي، أو أضروا بالأمن القومي، وتسببوا بأضرار للاقتصاد المصري.
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمها موقع “عربي21″، بأن القانون يعطي الحكومة صلاحيات لإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المشتبه بتورطهم في الإرهاب، ويوسع قائمة الجرائم التي يقدم فيها المتهم لحبل المشنقة. وتعتبر الصحيفة، أن هذه المحاكم لن تؤدي إلا إلى تدهور أشكال المحاكمات السريعة للإسلاميين، الذين حكم على الكثيرين منهم بالإعدام في محاكم جماعية. ومن بين من حكم عليهم بالإعدام بناء على اتهامات كاذبة الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي أطيح به في انقلاب 2013
وتنوه الافتتاحية إلى أن مصر تعتقل حاليا 18 صحفيا بتهمة نشر تقارير يرى المسئولون في الحكومة أنها غير دقيقة. وسيؤدي القانون الجديد إلى قيود واسعة، فمثلا، لن يسمح للصحفيين بنشر أرقام عن الهجمات الإرهابية إلا تلك التي تصدر عن الهيئات الرسمية. وتذكر الصحيفة أن وزارة الخارجية المصرية بدأت في الأسابيع الماضية بتوزيع إرشادات على الصحفيين الدوليين، وقدمت لهم قائمة من المصطلحات الواجب استخدامها لوصف المتطرفين، ودعتهم إلى تجنب استخدام مصطلحات مثل “إسلاميين” أو “دولة إسلامية”. وحثتهم على وصف المتطرفين بالمتوحشين والمدمرين والذبّاحين.