غلطة واحدة دفعت ثمنها حلاوة أيامها، هي التي أحبت شاباً في سن المراهقة وهربت من منزل العائلة للزواج به بعد أن رفضه والدها.
لكن عشق الفتاة اللبنانية هيام لعلي وتفضيله على الجميع لم يشفع لها لأن يرحمها ويحميَها ويعقد قرانه عليها، فبدأت منذ تلك اللحظة رحلة معاناتها، وانضمّت الى لائحة النساء المعنّفات اللواتي يقبعن داخل جدران منزل يُضربنَ ويُهنَّ، والبعض منهن يَمُتن وليس باستطاعتهنَّ ان يصرخنّ ويوصلنّ وجعهنَّ.
هي رحلة مشتها على أشواك القدر، طريق طويل معبّد بالدموع والآلام لا تبدو له نهاية، فلا تكاد تستيقظ من صفعة حتى تكون الثانية بانتظارها، تقول بصوت خنقه الزمن، “من أين أبدأ؟ أمِنْ تلك الليلة الظلماء التي دفنتُ فيها حبّي حين حقّق علي مبتغاه معي ليرفض بعدها الارتباط بي، فبقيتُ في منزل أهلي ذليلة؟ أخي اراد ذبحي لولا صرخات أمي وتقبيلها قدميه كي يعتق رقبتي”.
محطة عذاب
عام وهيام (48 عاماً) مسجونة داخل جدران غرفتها، لا ترى الشمس والنور، فما قامت به بحسب جريدة النهار اللبنانية عار في بلدة جنوبية محافظة، استمرّ الحال على هذا المنوال حتى تقدّم رجل ملتزم دينياً للارتباط بها.
“لم يرق لي شكله، وأنا لا أحب الرجل الملتزم فكيف إذا كان التزامه كبيرًا، لكن لم أستطع أن أرفضه، أولاً لأن أخي سيعاود ذبحي، وثانياً كوني مللت من السجن”.
لم يكن سمير يعلم بقصة هيام، تعرّف إليه شقيقها بالصدفة “تقرّب منه، أعدّ له مأدبة وجعلني أتعرف اليه، إلى أن تقدم إليّ، لتكون محطة ثانية من رحلة عذابي”.
قرار قاتل بعد أن احتفلت هيام بخطوبتها، تعرّض سمير لإصابة بطلق ناري كان ذلك في العام 1990، دخلت الرصاصة من خاصرته وتحركت نزولاً، ما أثّر على أعضائه التناسلية، “اطلعني الطبيب ان سمير سيعاني صعوبة في الأداء الجنسي لذلك حياتنا لن تكون طبيعية لكن مع الوقت يتحسّن، واطلعني كيف يجب ان اتصرف”، قبل ان يخرج سمير من المستشفى خيَّر هيام بين إكمال الطريق معه او الانفصال فكان جوابها “تعرفت عليك قبل الاصابة وليس من تربيتي ان أتركك في منتصف المشوار”.
الجحيم بعينه
لم يقدّر سمير ما تحمّلته هيام معه، فقر ومنزل شبيه بالخرابة في أحد احياء الضاحية الجنوبية، فكان الضرب خبزها اليومي حتى “أصبح لدي رعب ان ابادله الحديث، فأيا يكن الحديث شدّ الشعر يكون بانتظاري، حتى أمام بنتيّ”، كما ان عجز سمير عن القيام بواجبه تجاه زوجته في السرير دفعه إلى التعويض عن نقص رجولته بضربها، ولفتت الى انه “لم يكن يمرّ يوم من دون أن يضربني ويشتمني.
ويوم كان يريد أن يقيم علاقة معي كان الجحيم بعينه، فقد كنت أبذل كل جهدي، بعدها يحاول أن يغطي على ضعفه بضربي، ومع ذلك رزقت منه بطفل مصاب بداء تشوّهي منذ الولادة، وما لبث أن توفي عند بلوغه الثالثة من عمره، ليرزقني الله بعدها بفتاتين”.
خيانة وقحة حين تحسنّت صحّته بعد خضوعه للعلاج بحيث أصبح بإمكانه ان يمارس الجنس بشكل طبيعي تعرّف سمير إلى فتاة تصغره بأعوام، اصطحبها إلى المنزل، وعلى سرير هيام تبادل عشقه معها.
تستذكر معاناتها وتدخّن سيجارتها، وتخبر “لم أستطع أن أمنعه، قد يتساءل الناس لماذا لم أعُدْ الى بيت اهلي، من يتحمّل مثل تلك الإهانة والدوس على الكرامة، وأنا أجيب حين نخيّر أي مكان في الجحيم نريد؟ فمن الأفضل البقاء من دون تغيير “.
رغم كل ما عانته أرادت أن تحضن بنتيْها وتنسى أمر زوجها “لكن الأمر وصل إلى أن يصطحب المرأة التي يريد الارتباط بها الى المنزل على مرأى ومسمع الفتاتين، وحين اعترضت انهالَ عليَّ ضرباً إلى أن كسرَ يدي كان ذلك قبل شهرين، طردني والى اليوم لم يسمح لي بأن أرى بنتيَّ”.
حرية ولكن! لم تلجأ هيام إلى أيّ جمعية تعنى بالعنف ضد المرأة، وأكثر من ذلك لا تجرؤ على ذلك.
وعلقت “لم نصلْ الى ذلك الوعي فعائلتي لا تعي ولا تقدّر ولا تستوعب ذلك، لا بل تعتبر الجمعيات للتشهير فقط، وكون سمير رجل ملتزم دينياً في الشكل فقط، والمحيط مغشوش به، فإن أي محاولة مني لفضح أمره يعرّض حياتي للخطر”.
بعد مرور سنوات على خروج هيام من سجنها الأول لم تحتمل العودة اليه والمكوث فيه.
فاختارت أن تعيش هذه المرحلة الجديدة من حياتها عند قريبتها “مرتاحة الآن، لا ضرب ولا إهانات، نعم أحنّ الى بنتيّ، لكنهما بالتأكيد حين تبلغان سن الرشد، ستعودان الى حضني، وليبقَ هو في حضن حبيبته، التي سيعقد قرانه عليها الأسبوع القادم لتدخل بإرادتها الى الجحيم”.