تحت عنوان ” إدمان مخدر جديد في مصر،” أفردت صحيفة ” ديلي بيست” الأمريكية تقريرا مطولا سلطت فيه الضوء على أسباب تنامي استخدام عقار الترامادول على نحو مضطرد بين أوساط الشباب في مصر، والتي عزتها في المقام الأول إلى تدهور الأحوال الاقتصادية ورغبة الأشخاص في الهروب من الواقع المعيشي الأليم.
وفيما يلي مقتطفات من التقرير:
في المرة الأولى التي تناول فيها كريم البكري عقار الترامادول، ألقاه من يده، وهو يصيح في أصدقائه ” إيه ده. أنا كنت فاكره حاجة كويسة.”
وأضاف البكري وهو يستعد لقيادة “ التوكتوك” الخاص به في شوارع متسخة ولا تخلو من القمامة في حي إمبابة بمحافظة الجيزة :” أصحابي كدبوا علي لما قالولي إنه بيدي نشاط للجسم وبيدخلك في الموود”.
وفي المرة الثانية من تعاطيه الترامادول، كانت ردة فعل البكري أقل حدة من سابقتها، حتى جاءت المحاولة الثالثة ليشعر خلالها أنه قد وجد أخيرا ضالته في وسيلة تقلل من شعوره بالإرهاق والملل أثناء الساعات الطويلة التي يمضيها في قيادة ” التوك توك.”
والأن يتعاطى البكري أربع أو خمس جرعات يوميا من الترامادول. وعلى الرغم من شعوره بالندم طيلة الوقت على وقوعه فريسة لهذا المخدر، فإنه لا يفتأ أن يقول إن الترامادول واحد من الطرق القليلة التي يتغلب بها على مرارة ظروفه المعيشية الناتجة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن.
وأضاف البكري وهو يستمع إلى الأغاني الشعبية من مكبر الصوت الذي وضعه في الجزء الخلفي من ” التوك توك”:” الأكل والغاز وكل حاجة سعرها غالي. والناس تعبانة أوي. وعشان كده بياخدوا حاجات زي الترمادول عشان يهربوا بيها من مشاكلهم ويقدروا يواجهوا ظروفهم الصعبة.”
ومن الصعب الحصول على إحصاءات كاملة حول استخدام الترامادول في مصر، لكن ومن خلال القصص التي يرويها البكري وأمثاله، فإن ثمة أدلة كافية تشير إلى أن العقار قد برز كواحد من المستفيدين القلائل من تدفق المواد المخدرة على مصر في الأربعة أعوام الماضية.
وحتى العام 2010، تخطى الترامادول الذي يشبه في تأثيره المسكن للآلام مخدر الأفيون، الهيروين من حيث استخدامه ولكن يجيء في مرتبة ثانية بعد الحشيش والماريجوانا في شعبيته بين سكان مصر البالغ عددهم 90 مليون نسمة، بحسب مسئولين في وزارة الصحة المصرية.
ولعل السبب في رواج الترامادول وهو عقار قوي فعلا ولكن في حالة خام نسبيا، بدلا من المنتجات الأكثر نقاء هو أن سعره في متناول الجميع، ولاسيما سكان المناطق والأحياء الفقيرة في القاهرة، إذ يتراوح من 30-50 جنيها ( من 3.8 إلى 5.1 دولار) بالنسبة للشريط الذي يحتوي على 12 قرص، أو من 2- 3 جنيها للقرص الواحد في المناطق الأشد فقرا.
لكن المسئولين الحكوميين يشككون في أن يكون الاستخدام المضطرد لعقار الترامادول له صلة مباشرة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
فقد ذكر هشام رامي رئيس وحدة إدمان المخدرات في وزارة الصحة المصرية أن ” الناس يتعاطون المخدرات هنا منذ ألاف السنين. وهم يحاولون إيجاد سبب منطقي لهذا الآن بقولهم إن الحياة صعبة.”
وأشار مسئولون في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المعروف اختصارا بـ ” يو إن أو دي سي” إلى أن إدارة مكافحة المخدرات في مصر هي واحدة من الهيئات الحكومية القلائل التي لا تتأثر سلبا بتغير الأنظمة المتعاقبة.
لكن ومع تنامي أعداد خريجي الجامعات المضطرين للعمل اليدوي بسبب نقص الوظائف التي تحتاج لمهارات، وهؤلاء الذين يجدون أنفسهم مجبرين على العمل في أكثر من وظيفة لمواكبة غلاء المعيشة في ظل ارتفاع مستويات التضخم، لا يكون من المدهش أن نرى شعبية الترامادول في مصر في ازدياد مضطرد يوما تلو الأخر.
وأيا كان سبب انتشاره، فإن للترامادول الذي يدخل ضمن الأشياء المحرمة شرعا، شانه شان الكحوليات والقنب ( الحشيش)، أضرارا صحية جسيمة، من بينها الفشل الكبدي والصرع والذهان.
وعلاوة على ذلك، فإن إدمان الترامادول أشد منه في حال الهيروين، إذ يُعتقد أن الأول مسئول عن الزيادة الكبيرة في عدد الحالات التي تتردد على مستشفيات الأمراض النفسية الـ 15 الموجودة في مصر منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011.
وتشير الإحصاءات التي نشرتها صحيفة ” المصري اليوم” الخاصة في مصر إلى أنه قد تم إحالة 445.000 مريض للعلاج في المستشفيات الحكومية في 2014، بزيادة من 386.000 في العام 2013.
وأظهرت الإحصاءات أن 70% من حالات الإدمان التي تتلقى العلاج في مستشفى القصر العيني كانت بسبب الترامادول في العام الماضي وحده.
الرابط/
http://www.thedailybeast.com/articles/2015/07/18/egypt-s-new-drug-addiction.html