يرى مسؤولون ومحللون، نقلت عنهم صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”، أن احتمال حصول إيران على أموال كبيرة تبعا للاتفاق النووي، قد تحفز السعودية على اعتماد خطة عمل أسرع في اليمن وسوريا.
ويقول مسؤولون عسكريون ومحللون إن الصفقة النووية التي يُتوقع أن ترفع العقوبات القاسية على إيران تدفع المملكة للتحرك والتعبئة لتحقيق مكاسب على الأرض في مواجهة منافسها الإقليمي، إيران، في اليمن وسوريا قبل أن يتحقق له الانتعاش الاقتصادي.
ووفقا لمصادر الصحيفة، فإن الجانب العسكري للهجوم السعودي سيشمل استخدام القوات الخاصة على الأرض في اليمن، واحتمال استخدامها القوة الجوية لحلفائها في سوريا.
وقد أشار السعوديون، سابقا، إلى عزمهم على استخدام القوات البرية في اليمن، ولكنها لم تفعل ذلك. لكن المبادرات العسكرية المحتملة، إلى جانب ما تفيد به قرائن من أن السعوديين أقاموا علاقات دبلوماسية أفضل مع روسيا والصين، سيكون مؤشرا قويا على كيفية تأثير اتفاق إيران النووي في النظام الإقليمي للمنطقة.
“إيران من دون عقوبات سوف تضخ مليارات الدولارات لوكلائها، الذين يزعزعون استقرار اليمن وسوريا والعراق”، كما قال جاسر الجاسر، مدير تحرير يومية “الجزيرة” الموالية للحكومة، وأ ضاف: “لن تسمح المملكة العربية السعودية لإيران بالاستفادة من هذه الصفقة”.
ووفقا لمسؤولين عسكريين ومحللين، فإن الاتفاق النووي سيدفع السعوديين للتحرك جاهدين لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الميدانية الممكنة قبل أن يتم رفع العقوبات خلال العام المقبل، ومن المحتمل أن تحصل إيران، تبعا للاتفاق النووي، على أكثر من 100 مليار مجمدة يقولون إن طهران ستستخدمها لتوسيع حروبها بالوكالة.
الأولوية الأولى لهجوم الرياض الجديد، وفقا لتقرير الصحيفة، هو اليمن، كما يقول المراقبون، حيث إنها تاهت في حملة جوية طالت لمدة أربعة أشهر، وفي الغالب غير فعالة ولكنها فتاكة، لتأمين موطئ قدم لحكومة عبد ربه منصور هادي الموالية للحكومة السعودية.
“اليمن هو خط أحمر بالنسبة للمملكة العربية السعودية. وسوف نرى التصعيد العسكري في اليمن خلال الأيام المقبلة من أجل منع ما تراه السعودية موطئ قدم إيران في الخليج “، كما يقول مصطفى العاني، مدير دراسات الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة..
* أولا اليمن، ثم سوريا:
مدعومة بمكاسب ميدانية هذا الأسبوع من قبل القوات الموالية لحكومة المنفى، التي استعادت مدينة عدن، وتحت تأثير ضغوط صفقة النووي الإيراني، من المتوقع أن ترسل الرياض عشرات من القوات الخاصة إلى اليمن للمشاركة في المعارك الميدانية لتأمين المدينة الساحلية الجنوبية، كما يقول مسؤولون عسكريون
“إن كفة الحرب تتحول، والتحالف على استعداد لاتخاذ الخطوة التالية لتأمين جنوب اليمن”، كما نقل التقرير عن مسؤول سعودي مقرب من العملية.
واستنادا لمسؤولين عسكريين ومراقبين، فإنه بمجرد أن يحرز التحالف الذي تقوده السعودية تقدما في اليمن، فإن حلفاء الرياض سوف يحولون تركيزهم إلى سوريا، حيث أرسلت إيران ما يقدر بنحو 7000 جندي ووفرت مليارات الدولارات من الدعم السنوي لنظام بشار الأسد.
وقال تقرير الصحيفة إن مسؤولين عسكريين سعوديين رفضوا مناقشة أي خطط محتملة في سوريا بالتفصيل، واكتفوا بالتصريح أن الرياض مستعدة لاستخدام القوة الجوية لتوفير غطاء لثوار الجيش الحر، الذين يتلقون حاليَا التمويل والسلاح من السعوديين، في قتالهم للأسد واستهداف “مواقع حزب الله وإيران” في سوريا. وحتى الآن، وفقا للتقرير، لم تشارك القوات الجوية السعودية إلا في طلعات جوية محدودة ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
* تحول دبلوماسي:
وقد قام وزير الدفاع الأمريكي، اشتون كارتر، بزيارة للرياض للإعلان لتبديد المخاوف السعودية وتجنب أي تصعيد عسكري. ومع ذلك، كما يقول المراقبون، فإن الزيارة لم تكن كافية لمنع تحول أساسي في السياسة الخارجية السعودية. ويرى محللون سوف تعزز الآن دبلوماسيتها بكثير من الموارد والجهود لتوسيع نفوذها خارج الولايات المتحدة وأوروبا، وتحديدا في روسيا والصين.
“لقد سمعت كلمة “تنويع” مؤخرا بخصوص العلاقات الخارجية السعودية، وفُهم من إدارة أوباما أن السعودية يجب أن توسع نشاطاتها وتتطلع إلى دعم القوى الأخرى”، كما قال سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنجز بالدوحة. وأضاف: “مع هذه الصفقة، سوف تعمل السعودية، بالضرورة، على التقعارب م القوى العالمية الأخرى”، واستطرد قائلا: “ويبقى السؤال الوحيد الآن هو كيف سترد روسيا والصين”.
* الاستعداد للزخم الجديد؟
وبدأ التحول في الفترة التي سبقت الاتفاق النووي مع نائب ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، حيث قام بزيارة رفيعة المستوى إلى سان بطرسبرج في يونيو الماضي ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى زيارة الرياض.
الآن، وبدلا من إرسال “إشارة تحذير” إلى الولايات المتحدة، تستعد الرياض، كما يقول مسؤولون، بشكل مكثف، للشروع في حملة دبلوماسية ضخمة لبناء تحالفات مع موسكو وبكين، على أمل، كما يقول مسؤولون سعوديون، أنه مقابل إمدادات النفط، فضلا عن فرص التجارة والاستثمار، مثل الاستثمار الحكومي بحوالي 10 مليار دولار في صندوق الاستثمار الروسي المباشر هذا الشهر ، فإن روسيا والصين سوف تقللان من دعمها لوكلاء إيران في سوريا واليمن.
وقال المسؤول العسكري السعودي إنه “بعد أربعة عقود، أدركنا أخيرا أهمية القوى العالمية إلى جانب الولايات المتحدة. وهذا هو المفتاح لإنهاء الصراعات المدعومة من إيران في المنطقة”. وأضاف: “إذا أمكن لإيران توسيع نفوذها في المنطقة من خلال الدبلوماسية والمفاوضات، فإنه يمكننا ذلك أيضا”.