(وطن- وكالات)- في أول موقف يدلي به بعد تركه منصبه رئيسًا للاستخبارات السعودية، يقرأ الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الاتفاق النووي الإيراني في رسالة بعنوان “طبق الأصل ثانية” ونشرتها صحيفة إيلاف السعودية قال فيها. “يقول نقادٌ في الإعلام وفي السياسة إن الاتفاق النووي الذي عقده الرئيس باراك أوباما مع إيران هو نسخة طبق الأصل عن الاتفاق النووي الذي عقده الرئيس الأسبق بيل كلينتون مع كوريا الشمالية.
وأضاف: إلا أنني، وبكل تواضع، لا أتفق مع هذا الرأي. فالرئيس كلينتون اتخذ قراره آنذاك على أساس تحليل استراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية، وعلى معلومات استخباراتية سرية، على رغبته ونواياه الحسنة لإنقاذ شعب كوريا الشمالية من مجاعة تسببت بها قيادته.
وتابع: واتضح بعد ذلك أن ذلك التحليل الاستراتيجي للسياسة الخارجية كان خاطئًا، إلى جانب فشل استخباراتي كبير، لو عرف به الرئيس كلينتون قبل اتخاذه قراره لما اتخذه، وأنا واثق تمامًا من ذلك.
واستطرد: أما الرئيس أوباما، فقد اتخذ قراره بالمضي قدمًا في الصفقة النووية مع إيران وهو مدركٌ تمام الإدراك أن التحليل الاستراتيجي لسياسته الخارجية، والمعلومات الاستخباراتية المحلية وتلك الآتية من استخبارات حلفاء أمريكا في المنطقة لم تتنبأ جميعها بالتوصل إلى نتيجة الاتفاق النووي نفسها مع كوريا الشمالية فحسب، بل تنبأت بما هو أسوأ، إلى جانب حصول إيران على مليارات من الدولارات. فالفوضى ستسود الشرق الأوسط، الذي تعيش دوله حالة من عدم الاستقرار، تلعب فيها إيران دورًا أساسيًا.
وتساءل: وبالتالي، السؤال الذي يجب طرحه هو: لماذا يصر الرئيس أوباما على عقد مثل هذه الصفقة على الرغم من أنه يعرف ما لم يعرفه الرئيس كلينتون عندما عقد صفقته مع كوريا الشمالية؟
وأجاب: ليس الأمر بالتأكيد أن الرئيس أوباما ليس ذكيًا بما فيه الكفاية، ولكن لأنه ذكي بما فيه الكفاية. وأرى أن السبب الحقيقي وراء عقد هذه الصفقة هو أن الرئيس أوباما صادقٌ ومتصالح مع نفسه، ولأنه مقتنع تمامًا بأن ما يفعله هو الصحيح. واعتقده يرى أن كل ما يمكن أن يكون كارثيًا بسبب قراره هذا هو ضرر جانبي مقبول.
وتابع: لكن، من أكون أنا لأخرج بمثل هذا الاستنتاج العميق؟
ورد بقوله: بكل تواضع، أنا رجل عمل مباشرة مع رؤساء الولايات المتحدة من جيمي كارتر حتى جورج دبليو بوش. وبكل تواضع، أنا رجل مثّل بلاده في الولايات المتحدة الأمريكية العظيمة 23 عامًا، وقضى 17 عامًا من حياته يخدم في جيش بلاده. وإن كان كل هذا لا يؤهلني للإدلاء برأي مستند إلى معلومات أكيدة بشأن هذه المسألة، يمكنني أن أضيف أنني منذ 2005 وحتى 2015، شغلت منصب مستشار الأمن القومي لقادة بلادي، ورئيسًا للاستخبارات، ما مكنني من الاطلاع مباشرة على قرارات قيادة بلادي، وعلى التحليل الذي يقدمه الرئيس أوباما.
وواصل: وكشفًا عن المعلومات، عليّ أن أعترف بأنني لم يسبق لي أن عملت مع الرئيس أوباما، كما لم ألتق به شخصيًا، لا قبل أن صار رئيسًا ولا بعد ذلك. والمعلومات الوحيدة التي أستند إليها في تقويمي للرئيس هي التي أمدني بها الملك الراحل عبد الله، أو تلك التي طلب نصيحتي بشأنها، حين كان يستدعي الأمر التعامل مع الرئيس أوباما. وهذه المسائل كلها كانت تمر، ذهابًا وإيابًا، من خلال السيد عادل الجبير، سفيرنا في واشنطن آنذاك ووزير خارجيتنا راهنًا.
وأردف: لقد قصرت ملاحظاتي على الاتفاق النووي الإيراني، لكن ثق بي حين أقول إن سياسة الرئيس أوباما بشأن الشرق الأوسط عمومًا، وسوريا والعراق واليمن خصوصًا، هي سياسة مفاجئة في تنويرها، ويمكن مناقشتها في وقت آخر.
وبيّن: أما الآن، وبكل تأكيد، أنا أكثر اقتناعًا من أي وقت مضى بأن صديقي العزيز، الثعلب القديم هنري كيسنجر، كان مصيبًا حين قال: “على أعداء أمريكا أن يخشوا أمريكا، لكن على أصدقائها أن يخشوها أكثر”.
وقال: يعتمد الناس في منطقتي اليوم على الله، وعلى تعزيز قدراتهم وتحليلهم للوضع بالتعاون مع الجميع، باستثناء حليفنا الأقدم والأقوى.. هذا يفطر القلب، إلا أن الحقائق مرّة، ولا يمكن تجاهلها.