يبدو أن السيستاني مستعجل ويتوق إلى صلاة العيد في الفلوجة، فبعد ساعات من إعلان الحكومة ومليشيات “الحشد الشعبي” ما أطلقوا عليه معركة “فجر الفلوجة”، أمس الاثنين، شنوا الحرب على مدينة العز والصمود التي مرغت أنف الأمريكان والإيرانيين في التراب. وقد صرح زعيم مليشيات “عصائب الحق”، قيس الخزعلي، أن “الحشد الشعبي قرر الصلاة أول أيام العيد بالفلوجة وهذا وعد.
ويرجع بعض المعلقين كره السيستانيين للفلوجة ويتمنون محوها، لأنها “تذكرهم بعارهم الأبدي عندما قاومت الغزاة بشجاعة عظيمة بينما هم كانوا أحذية ومطايا بوش وسفلته”.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الحشد الشيعي فشل حتى الآن في تحقيق أي تقدم في جميع محاور هجومه على أطراف الفلوجة وتكبد خسائر كبيرة خاصة في الصقلاوية، وقد حاولوا التقدم من جهة الشيحة وتعرضوا لخسائر ثم انسحبوا إلى منطقة قريبة. وقد تم تشييع قيادات مليشيات بدر التي قتلت بالفلوجة باليوم الأول للمعارك بمشاركة قيادات إيرانية بينهم المالكي.
وتتحدث مصادر عن مشاركة نحو 12 تشكيلا بريا وجويا ومائيا )نهر( مع تفاوت أعدادهم وعتادهم، مقابل نحو مئات مقاتل من تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) يدافعون عن الفلوجة.
وأفاد سكان محليون أن هناك الآلاف من العائلات داخل الفلوجة، منع تنظيم “داعش” خروجهم من المدينة، مع تزايد القصف والبراميل المتفجرة التي قتلت إلى الآن أكثر من 600 قتيل وجريح، أكثر من نصفهم نساء وأطفال.
وكشف بيان صادر عن مليشيات “الحشد” عن انطلاق ما وصفها عمليات المؤمنين لتحرير الفلوجة بمشاركة 10 آلاف مقاتل من الحشد الشعبي والقوات الأمنية، مبيناً أن “القوات تتجه نحو عبور نهر الفرات من جهة الصقلاوية باتجاه الفلوجة تمهيداً لتحريرها”.
وتعتبر مدينة الفلوجة ثالث أكبر الأقضية العراقية بعد الموصل والبصرة، ويغلب على أهلها الطابع الديني القبلي. وخرجت الفلوجة عن سيطرة الحكومة العراقية في الأول من يناير عام 2014 على يد أبناء العشائر المناهضين للمالكي، قبل أن يدخل تنظيم الدولة المدينة ويعلن سيطرته عليها.
ونقل تقرير نشرته صحيفة “”العربي الجديد” عن هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، أن القوات المهاجمة للفلوجة تتألف من 12 تشكيلا؛ وهي: الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وقوات البصرة النهرية وجهاز مكافحة الإرهاب والفرقة الذهبية، والحرس الثوري الإيراني والصحوات وأبناء عشائر وفريق مستشارين أميركي، بينهم ضباط مارينز خدموا بمحافظة الأنبار غرب العراق سابقاً، إضافة إلى مليشيات “الحشد الشعبي” التي تشارك من خلال 18 فصيلاً، أبرزها مليشيات “حزب الله” و”عصائب الحق” و”بدر” و”المهدي” و”الإبدال” و”النجباء” و”الإمام علي” و”الإمام المهدي” و”الإمام القائم” ومليشيا “السلام” و”كتائب لواء اليوم الموعود”. فيما يغطي المعارك من الجو طيران عراقي أميركي فرنسي.
وتتوزع جميع التشكيلات بشكل متساو على أسوار الفلوجة من أربعة اتجاهات باستثناء الحرس الثوري الإيراني الذي يمسك المحور الشرقي، والأميركي الذي يشارك بصفة مستشارين من المحور الغربي، حيث مدينة وقاعدة الحبانية.
ونجح مقاتلو داعش في ردّ هجوم الساعات الأولى، وتمكن من إسقاط مروحية قتالية من طراز “مي 35″، وإعطاب عدد من الدبابات والعربات المدرعة التي حاولت التقدم من المحورين الجنوبي والشمالي. فيما أكدت مصادر عسكرية مقتل وإصابة 78 مقاتلا من المليشيات في هجوم الساعات الست الأولى.
واعترف عميد ركن بهيئة رئاسة أركان الجيش العراقي أن أكثر من 30 ألف مقاتل من مليشيات “الحشد”، وصلوا الأنبار للمشاركة في معاركها إلى جانب المئات من مقاتلي الحرس الثوري، ليضافوا إلى القوات الموجودة أصلاً هناك منذ أسبوع أو أكثر.
وأضاف المصدر نفسه، وفقا لما أورده تقرير “العربي الجديد، أن الهجوم على الأنبار بمثابة مهاجمة دولة؛ فالمحافظة الغربية تعادل ثلث العراق، وهي بحجم دولة مثل الأردن، وهذا يفسر الزخم الكبير الذي منحته إيران للمعركة وتنافسها مع الأميركيين الذين يوجدون في قاعدتين، هما عين الأسد والحبانية؛ فالسيطرة عليها تعني انتهاء حلم “داعش” إلى الأبد في دخول بغداد.
وكشف، المصدر نفسه، أن الأميركيين والإيرانيين ينسقون عملهم حتى الآن في الأنبار، ولا وجود للمشاكل التي حصلت سابقاً في هجوم تكريت، حيث يمسك فريق المستشارين الأميركيين خطة الهجوم من الجانب الغربي، ويشرف على تهيئة وإعداد القوات، فضلاً عن رسم الأهداف وتزويد المقاتلات الأميركية والفرنسية بالمعلومات اللازمة للضربات الجوية، بينما يشارك الإيرانيون بشكل فعلي عبر فيلق القدس وكتائب الدفاع المقدس التابعة للباسيج الإيراني”.
ولفت إلى أن “الحكومة تحاول التكتم على تلك المعلومات لعدم إثارة حفيظة العراقيين السنة والدول العربية الأخرى”، مؤكداً استقالة ضابط كبير في الجيش العراقي مع بدء الهجوم، بسبب اعتراضه على رفع علم إيراني من قبل الحرس الثوري على عربة قرب الفلوجة، الإثنين”.
وأشار إلى أن مقاتلي تنظيم (داعش) أعادوا انتشارهم، وأعلنوا النفير العام في صفوف مقاتليهم، بينما شوهدت عربات تابعة لهم كتب عليها عبارة “القوات الخاصة، وهي تتجه إلى أسوار المدينة مع أسلحة ثقيلة ومتوسطة”. والحد الفاصل بين القوات المهاجمة ومقاتلي تنظيم “داعش” يضيق ليصل إلى 1500 متر في بعض المواقع.
وفي السياق نفسه، قال القيادي في “تحالف القوى العراقية” أحمد طه، كما نقل عنه “العربي الجديد”، أن موعد الهجوم وتوقيته لم يكن عراقياً بل إيرانياً بحتاً، ومشاركة الولايات المتحدة جواً أو من خلال فريق مستشاريها لا يتعلق بالهجوم، بل هو مستمر منذ أسابيع عدة.