يلحظ الكثير من المراقبين حالة المبالغة التي تطرحها “جمعية الإمارات لحقوق الإنسان”، والتي تسعى من خلالها إلى “تعمية” الرأي العام الداخلي والخارجي عما يجري من انتهاكات، رصدتها منظمات حقوقية دولية عبر سلسلة من البيانات والتقارير الموثقة.
فقد أطلقت ما تطلق على نفسها “جمعية الإمارات لحقوق الإنسان” مبادرة أسمتها “إسعاد السجناء”، والقصد هنا للسجناء الجنائيين، وكما يبدو لمن هم ليسوا من المواطنين، حيث تشمل توفير 120 تذكرة سفر موزعة على سجون الدولة مدفوعة التكاليف للسجناء المفرج عنهم قبل عيد الفطر وذلك لتمضية عيد الفطر مع عائلاتهم في بلدانهم!
وإن كانت اللفتة ستكون “مقبولة” لو كانت بمعزل عن الأوضاع الحقوقية العامة في الدولة، لكن ذلك يأتي للتغطية على قضية تتحول تدريجياً إلى قضية رأي عام، وتتعلق بمعتقلي الرأي من أبناء الدولة، وذلك في وقت يتم عزلهم عن العالم، إن كان في شهر رمضان المبارك أو حتى خلال فترة عيد الفطر المبارك.
ففي الوقت الذي تتجاهل “جمعية حقوق الإنسان” الأوضاع الصعبة التي يعيشها معتقلو الرأي وذويهم خلال شهر الصوم وما يتلوه من عيد، تخرج بين حين وآخر بمبادرات “تجميلية” يراها البعض مبالغ فيها، لدرجة أن الأمر أصبح من الرفاهيات وليس من الحقوق التي يمكن للسجين أن يتمتع بها، في الوقت الذي تغمض عينيها عن معتقلي الرأي.
ولم تكتف الجمعية بتلك المبادرة، بل إنها أشارت في بيان لها إلى أن السجناء “يرحبون بزجهم في السجون” ويشكرون القائمين عليها، لدرجة أن الشكوى من السجناء كانت معدومة تماماً.
يقول عبيد الشامسي عضو مجلس الإدارة مدير العلاقات العامة والإعلام في جمعية الإمارات لحقوق الإنسان إن وفد الجمعية “لم يتلق أي شكاوى أو ملاحظات من النزلاء في سجن الشارقة المركزي ..”، مشيرا إلى أن صفحة الملاحظات التي كان يتوجب تدوينها خلال الزيارة التي تم القيام بها مؤخرا ظلت بيضاء حيث لم يتم رصد أي من السلبيات في مختلف الأقسام، حسب قوله.
لم يلحظ أحد من المتابعين لقضية معتقلي الرأي أي مبادرات إنسانية تتعلق بهم، بل إن المعاملة التي يتم التعامل بها معهم أسوأ بكثير من تلك التي يتم التعامل بها مع مجرمي القتل والمخدرات وغيرها من الجرائم الكبيرة. وللتذكير فإن تهمهم هي “الدعوة إلى إصلاحات مجتمعية وسياسية” تعود بالفائدة على الدولة ككل.
ولا بد من الإشارة هنا إلى موقف جمعية الإمارات لحقوق الإنسان عندما قامت بإصدار بيان رسمي يشيد بـ “عفو” رئيس الدولة عن المعتقلين القطريين، واصفة إياها بأنها “لفتة أبوية انسانية كريمة”.
ففي الوقت الذي اعتبرت فيه الجمعية أن القرار “دليلاً واضحاً على عدم التمييز بين مواطن وشقيقه من بلدان مجلس التعاون الخليجي في الدولة، وإيمانا منه بأن الإنسان خطاء ولا مانع من إعطائهم الفرصة كي يفتحوا صفحة جديدة في حياتهم مع أسرهم ويعودوا للانخراط في المجتمع من جديد”، تغاضت الجمعية بشكل كامل عن قضية معتقلي الرأي.
الإمارات ٧١