عادت وسائل الإعلام المصرية الناطقة بلسان الانقلاب العسكري والداعمة له، للتصعيد ضد قطر، كاشفة عن بوادر اشتعال جديد للخلافات بين القاهرة والدوحة، في الوقت الذي يفقد فيه قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي كل شركائه بالخليج، متخذًا من إسرائيل صديقًا اقتصاديًا جديدًا، وذلك وسط تقارب قطري سعودي، وآخر قطري إماراتي لا يمنع من التفرد بالسياسات والرؤى والتحالفات الخاصة وفق ما جاء في تقرير لموقع (شؤون خليجية).
الأهرام تتهم قطر بدعم الإرهاب بالمنطقة
فقد اتهمت صحيفة “الأهرام” المصرية، الموالية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، والدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، الشيخة “موزة بنت ناصر المسند”، بدعم الإرهاب في المنطقة، وحملتها، وزوجها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مسؤولية الدماء التي تسيل في الشارع العربي.
وخصصت “الأهرام” افتتاحيتها، في عددها الصادر اليوم الاثنين، تحت عنوان “اعترافات الشيخة موزة والإرهاب”، للتعليق على حوار الشيخة موزة مع صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
وقالت الصحيفة: “لا أحد الآن يمكنه أن يلوم مصر في اتهامها دولة قطر بالوقوف وراء ما تمر به البلاد من إرهاب، وها هي الشيخة موزة والدة الشيخ تميم أمير قطر، تكشف في حوار لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أنها أيدت، وبشدة، جهود زوجها، وحاكم قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لدعم الإسلاميين خلال اندلاع ثورات الربيع العربي، خصوصًا مصر”، بحسب الصحيفة
وخلصت افتتاحية “الأهرام”- غير المسبوقة في الإساءة إلى دولة قطر، وفق مراقبين- إلى أن “موزة وزوجها حمد عليهما أن يدركا أنهما يتحملان مسؤولية الدماء التي سالت، ولا تزال تسيل، في الشارع العربي”.
الشيخة موزة تؤكد استمرار الثورات
وكانت الشيخة موزة قد رأت أن “الثورات العربية لم تنته، بالرغم من الانتكاسات، ولكن ما زال هناك أمل في أن الأمور ستتغير”، وذلك في حوارها مع صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، حيث عبرت عن رأيها حول تلاشي آمال التغيير والإصلاح في الوطن العربي، معتبرة أن “الأمر محزن، ولكن ما زال هناك أمل في أن تتغير الأمور”.
وردًا على مزاعم تشجيعها لتحمس زوجها لثورات الربيع العربي، أكدت الشيخة موزة أنها “لم تتدخل في سياسات زوجها أمير قطر السابق”.
في الوقت نفسه، كشفت صحف بريطانية أن شيري بلير، زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، قامت بالوساطة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، والشيخة موزة بنت ناصر، لـ”تحسين العلاقة بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية بصورة عامة”.
وعلى الرغم من هجوم الأهرام على قناة “الجزيرة”، ووصفها لها بأنها “البوق الإعلامي للإرهاب والإرهابيين”، فإنها خصصت مانشيتها الاثنين، للحوار الذي أجرته القناة مع رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، ونشرته مع تنويه واضح بالقناة، إذ جاء العنوان كالتالي: “لا سـلام بالمنطقة بـدون مـصر.. رئيس وزراء إيطاليا لـ”الجزيرة”: السيسي زعيم كبير والوحيد القادر على إنقاذ بلاده!”.
الانقلاب يفقد شركاءه بالخليج
وتأتي هذه الخلافات التي دائمًا ما يشتعل فتيلها الأول عبر وسائل الإعلام الموالية للانقلاب، في اللحظة التي تزداد فيه الفجوة ويتسع فيها الخلاف بين دول الخليج ونظام الانقلاب في مصر، كما أنها تأتي في وقت تشهد في العلاقات القطرية الإماراتية تقاربًا معلنًا، وتصريحات تحمل مجاملات وثناء بين الدولتين.
وتبادل الجانبان “الإماراتي والقطري” الزيارات التي أنبأت عن تقارب مؤكد وتصالح جديد بين الدولتين، بدأت حين أكد السفير الإماراتي في دولة قطر على عمق العلاقة الرسمية والشعبية بين البلدين، واستعرض في تصريحاته تاريخ العلاقة بين البلدين.
وجاء ذلك بعد زيارة أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، لدولة الإمارات في يونيو الماضي، وبعد أسبوع واحد من زيارة ولي عهد أبو ظبي لقطر، وهي الزيارة الأولى من نوعها بعد الخلاف القطري الإماراتي وسحب السفراء الخليجيين من دولة قطر.
تقارب سعودي قطري
وفيما يبدو أن دفء العلاقات بين السعودية وجارتها قطر بدأ يعود من جديد متوجًا بتقارب وتحسن في العلاقات، بعد توتر طويل ساد العلاقة على خلفية عدد من الملفات وتباين في السياسات، خاصة المتعلقة بمصر، وذلك بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في السعودية، خلفًا للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فقد قام أمير قطر بثلاث زيارات للمملكة منذ تولي سلمان وقوبل بحفاوة، وزاد عمق التعاون والتقارب لتبدو العلاقة أكثر اتساقًا من قبل.
كما زار ولي العهد السعودي وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، الدوحة، في أول وجهة خارجية له منذ توليه المنصب، ما عكس التغيير المؤكد في العلاقات السعودية القطرية.
وهو ما يطرح عدة تساؤلات أهما: هل تصعيد وسائل إعلام الانقلاب المصري في هذا التوقيت ضد الدوحة مقصودًا وله دلالاته؟،وترغب من خلالها في توجيه رسائل إلى دول الخليج العربي بأن السلطة المصرية أصبحت قادرة على التحرك بعيداً عن الدعم “الرز الخليجي”، وهل تتدخل دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، مجدداً لتهدئة الأجواء بين القاهرة والدوحة؟، أم سيشتعل التصعيد بين الدولتين بما ينذر بالدخول في حرب إعلامية مجدداً؟