منذ عودته من رحلةِ علاجٍ استمرت لأشهرٍ في ألمانيا مما يُعتَقَد أنه سرطان، والسلطان قابوس بن سعيد آل سعيد غائبُ تمامًا عن الأنظار. وكان قابوس قد عاد إلى مسقط في 23 مارس. ورغم وهنه البادي، استطاع النزول من الطائرة سيرًا على قدميه بدون مساعدة. كما بدت حالته المعنوية جيدة في الصورة التي نُشِرَت بعد أسبوعين فقط من عودته، وتُظهِر ترؤسه اجتماعًا لمجلس الوزراء.
لكن منذ ذلك الحين، لم يُشاهَد السلطان. وتبخَّرت- تبعًا لذلك- حالة الارتياح التي شهدتها عمان بعودته، وعادت البلاد إلى حالة التكهنات. وبينما قالت مصادر جالف ستاتس نيوز مرارًا- خلال الأسابيع الأخيرة- إن السلطان ليس على ما يرام، وأن الوصول إليه أصبح محدودًا للغاية، إلا أن التأكد من صحة هذه التقارير بالغ الصعوبة، كما كان الحال طيلة فترة مرضه.
ومن اللافت للانتباه؛ أن السلطان لم يتحدث هاتفيًا مع زعماء الدول الإسلامية لتبادل التهاني الرمضانية، كما يقتضيه البروتوكول، واكتفى فقط بإرسال البرقيات بدلًا من ذلك.
ومن غير الواضح مَن مِن داخل الحكومة أو عائلة آل سعيد هو الذي يتولى مسؤولية المهام الحساسة خلال الأشهر الأخيرة، مثل: التوسط بين الولايات المتحدة والحوثيين. لكن حينما يتعلق الأمر بالتعاقدات الرسمية، فإن الخلفاء المحتملين من آل سعيد هم الذين يضطلعون بها بالنيابة عن السلطان.
وحتى الآن لم يسمي قابوس خليفة له، لكن يُنظَر إلى ثلاثة من أبناء عمومته، وهم: هيثم وشهاب وأسعد أبناء طارق، باعتبارهم أقوى المرشحين. وقد كُلِّف كل واحد منهم بمهمةٍ واحدة على الأقل خارج البلاد، إلى جانب الشؤون المحلية الأخرى؛ ما يُصَعِّب فك رموز سباق الخلافة بين الثلاثة.
أسعد بن طارق
ترأس أسعد، الذي بلغ الـ61 من العمر لتوه، وفد عمان في القمة العربية التي استضافتها شرم الشيخ يومي 28 و29 مارس، بُعيد عودة السلطان قابوس من ألمانيا. تزوج السلطان من أخته الشقيقة؛ نوال بنت طارق، لعدة سنوات في السبعينيات. وهو الممثل الشخصي لقابوس منذ عام 2003. وكثيرًا ما يسافر لنقل رسائل بالنيابة عنه. لكنه لم يقم بأي زيارة رفيعة المستوى منذ رحلة شرم الشيخ. وفي 22 مارس، لوحظ حضوره حفل تخرج بجامعة نزوى، التي يرأس مجلس إدارتها. وفي 22 مايو، استقبل السفير الهندي المنتهية ولايته ج. س. موكول، لوداعه بالنيابة عن السلطان.
هيثم بن طارق
أخو أسعد غير الشقيق. كان وزيرًا للتراث والثقافة منذ بداية الألفية الثانية، وعمل في بعض الأحيان كمبعوث خاص.
في 6 مايو، زار السعودية بالنيابة عن السلطان لنقل تهانيه إلى محمد بن نايف ومحمد بن سلمان على تعيين الأول وليا للعهد وللثاني وليا لولي العهد. وبالعودة إلى مسقط، عقد اجتماعات مع مسؤولين من سنغافورة. وهو مشغولٌ بدوره كوزير للثقافة؛ إذ سافر إلى روسيا أواخر مايو في رحلةٍ ثقافية أكثر منها سياسية، حيث وقع مذكرة تفاهم بين المتحف الوطني العماني ومتحف هيرميتاج الروسي. وفي 8 يونيو، أطلق الموقع الإلكتروني لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
شهاب بن طارق
كان شهاب الأكثر ظهورًا بين إخوته. وهو أصغر الثلاثة، حيث ولد في عام 1956، وعمل مستشارًا للسلطان قابوس، ويرأس مجلس البحث العلمي، وينظر إليه باعتباره يتمتع بالكثير من الطموح. في أوائل مايو، استقبل العديد من الزوار نيابة عن السلطان قابوس، بما في ذلك الأمين العام لمجلس التعاون الخلجي عبد اللطيف الزياني، ونائب الرئيس اليمني خالد بحاح، الذي استضاف مأدبة غداء على شرفه في مسقط يوم الرابع من مايو.
في 5 مايو، مَثَّل عمان في قمة مجلس التعاون الخليجي التي استضافتها الرياض، حيث عقد هناك أيضًا لقاء منفصلاً مع الرئيس فرانسوا هولاند. وقد رافقه الوزير المخضرم المسؤول عن الشؤون الخارجية، يوسف بن علوي، إلى الرياض، كما حضر لقاءه مع بحاح والزياني.
وكانت ارتباطاته الأخرى أقل احتكاكًا بالسياسة. حيث ساعد شهاب في إطلاق مؤتمر سلسلة التوريدات والخدمات اللوجستية منتصف أبريل. وترأس الاحتفال الفني بعودة قابوس يوم 29 أبريل. وحضر اجتماعًا للجنة العليا لجامعة عمان (التي يرأسها) في 18 مايو. ودشن كتاب “رحلات سفينة شباب عمان”. وفي 2 يونيو، وقع اتفاقًا بين مجلس البحث العلمي وجمعية هيلمهولتز لمراكز البحوث الألمانية.
آخرون
يمكن القول إن الاجتماع الدولي الأهم الذي شاركت فيه عمان منذ عودة قابوس كان القمة الخليجية – الأمريكية في كامب ديفيد بواشنطن يومي 13 و14 مايو، والتي لم يحضرها أي من الإخوة الثلاثة سالفي الذكر. بل مثَّل عمان في القمة فريق أكثر خبرة سياسيًا، مكون من: نائب رئيس الوزراء السيد فهد بن محمود، وبن علوي، ورافقهما وزير التجارة والصناعة علي بن مسعود السنيدي، ووزير النقل والاتصالات أحمد بن محمد الفطيسي.
فهد بن محمود؛ أحد أعضاء آل سعيد، ويُذكَر اسمه في بعض الأحيان كخليفة محتمل، لكن المحللين يستبعدونه في معظم الأحيان؛ لأنه ينتمي لفرع آخر من الأسرة، ومتزوج من فرنسية، ما يعني أن أولاده لن يكونوا أولياء للعهد.
وأثناء وجوده في واشنطن، عقد اجتماعات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح، وكان هو الذي أجرى الاتصال بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وأمير قطر الشيخ تميم لتنهنئتهما بشهر رمضان.
أما عندما زار الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الوزراء الإماراتي، مسقط يوم 17 يونيو، استقبله وزير البلاط السلطاني السيد خالد بن هلال البوسعيدي.
المصدر : جالف ستاتس نيوز
ترجمة: علاء البشبيشي