على أكثر من خط وفي أكثر من طريق تسير السياسة الخارجية السعودية مؤخرا تاركة الكثيرين بين مستغرب للاندفاعة الجديدة للرياض في ملفات المنطقة بعد سنوات من العمل الدبلوماسي الهادئ، وبين مراقب يرى أن الأمر يتعلق بتبدل الأشخاص وتطور رؤيتهم للأحداث مع وصول الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وإذا كانت شخصية محمد بن نايف معروفة لجهة قدراتها الأمنية وأدوارها السياسية، إلا أن التركيز انصب على الأمير محمد بن سلمان، ويقول سلمان الأنصاري، المحلل السياسي السعودي: “شخصية محمد بن سلمان كان يلفها غموض مثير للاهتمام، ومن المعروف هنا بالسعودية أن شخصية بن سلمان شخصية قيادة لا تقبل أنصاف الحلول “.
الأمير الشاب جذب الأنظار في قمة كامب ديفيد التي حضرها إلى جانب قادة الخليج، بالإضافة إلى رحلته لاحقا إلى موسكو ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين، وما تبع ذلك من اجتهادات حول ما جرى في ذلك اللقاء والأجواء داخل العائلة المالكة السعودية، وفقا لما تسربه بعض الحسابات الإلكترونية المعارضة، مثل حساب مجتهد.
ويؤكد الأنصاري على قدرة الأمير محمد بن سلمان ودوره في العديد من ملفات المنطقة وتأثير ذلك على المتابعين لملفات المنطقة بالقول: “مجابهة هذا الشخص للتمدد والتوغل الإيراني كان له صدى كبير لدى جميع المهتمين بسياسات الشرق الأوسط.”. حسب ما نقلته عنه شبكة “سي ان ان” الامريكية.
من جانبه، قال عامر السبايلة، المحلل السياسي الأردني المختص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، إن هناك “انقلابا سعوديا يتمثل في طبيعة ومخرجات زيارة” الأمير محمد بن سلمان الذي وصفه بأنه “الشاب الأقوى في المشهد السعودي” إلى موسكو، ورأى أن بوتين بعد لقائه بالأمير السعودي حاول “أن ينصّب سلم النزول من شجرة الأزمات عبر طرح مبادرة التحالف ضد الارهاب.”
ويرى السبايلة أن طرفي معادلة الصراع في سورية “تركيا والسعودية” باتا أقرب الى موسكو من اي مرحلة سابقة. وأن هذه المعطيات تمنح أوراقا استراتيجية جديدة لموسكو وتضع بلا شك الأزمة السورية مجدداً على سكة الحل.
الانفتاح السعودي على موسكو كان ملاحظا حتى بين المؤيدين لسياسات المملكة، الذين يرون أن روسيا باتت مرتكزا جديد للسياسة الخارجية السعودية، وقد علق سلمان الأنصاري بالقول: “زوايا المربع السياسي السعودي الجديد ستكون الرياض وباريس وموسكو وإسلام أباد.”
وبصرف النظر عن ما ستؤول إليه الأمور سياسيا، فإن الأمير السعودي الشاب بات رقما صعبا في المعادلة وتأثيره السياسي واضح من اليمن إلى سوريا، وصوله إلى عواصم القرار الدولي.