كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية عن تحالف من القبائل السورية المؤثرة كي يواجه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا, لافتة إلى أن فشل الولايات المتحدة في إقناع المعارضة السورية على مواجهة داعش قد يكون وراء الجهود لتشكيل قوى من القبائل السورية تعيد خلق تجربة “الصحوات العراقية”.
ونشرت الصحيفة البريطانية تقريرا للكاتب “كيم سينغوبتا” جاء فيه: “لقد شاهدوا أهلهم يذبحون ومجتمعاتهم تروع وتشرد وتخرب أرض آبائهم. والآن جاء بعض أهم زعماء العشائر المؤثرة من أجل وضع حد للحرب الأهلية الوحشية التي عصفت ببلدهم”.
وتم تشكيل التحالف القبلي بمساعدة من المبعوث الدولي الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا وجنرال أمريكي يمثل الرئيس باراك أوباما مع جماعات المعارضة التي تقاتل نظام الأسد.
وقالت الصحيفة إن زعماء العشائر التقوا في السعودية وفي دول الخليج التي تعتبر الداعمة الرئيسية للمعارضة السورية عسكريا وماليا وسيلتقون قريبا مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
ووصف الكاتب زعماء العشائر هؤلاء بأنهم مؤثرون بدرجة كبيرة في مجتمعاتهم القبلية ويقودون مئات الألوف من السوريين عبر نظام القبيلة الممتد.
وقبل أسبوعين تمت دعوتهم إلى حديث سري وخاص مع المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جنيف.
وطُلب من 11 زعيما منهم المساعدة في التوصل لحل سلمي مع الحكومة السورية. وفي بداية الشهر الماضي طلب منهم جون آلن، القائد الأمريكي السابق للقوات الغربية في أفغانستان الذي أوكلت إليه مهمة تشكيل قوة فاعلة من جماعات المعارضة السورية، أن يجندوا أبناء قبائلهم في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء صحوات سنية في سوريا على غرار التي أنشأها قائد القوات الأمريكية في العراق سابقا ديفيد بترايوس لمواجهة تنظيم القاعدة في العراق.
وقد أكد زعماء قبليون خلال مقابلات معهم بعد تشكيلهم تجمعا للقبائل تحت اسم “تحالف القبائل والعشائر السورية” أنهم مصممون على مقاومة أي تدخل خارجي وتلاعب حيث أكدوا أن تدخل الدول الأجنبية هو واحد من أسباب الأزمة في بلدهم.
وعبر الأردن عن استعداده لتدريب أبناء العشائر، لكن القادة قالوا إنهم سيقررون بعد لقائهم بالملك. ويقول “عايض العطيفي”، زعيم عشيرة العطيفات من قبائل عنزة، إن هدفهم تشكيل جبهة موحدة تتطور من حديثهم مع الجنرال الأميركي “جون ألن”، القائد السابق لقوى التحالف الغربي في أفغانستان، وأفاد التقرير أن “جميع الأطراف المجتمعين في جنيف عازمون على عدم مواجهة بعضهم البعض”.
ويؤكد الكاتب أن زعماء القبائل ليسوا جزءا من الائتلاف الوطني السوري ولا يريدون أن يحلوا محله. وبعض قادة العشائر لا يزالون يعيشون في سوريا إلا أن غالبيتهم دفعوا للخروج من بلادهم والعيش في المنفى في دول الجوار إما بسبب النظام أو تنظيم الدولة الإسلامية. ويعتقد الكاتب أن قادة العشائر السورية يعتبرون عاملا رئيسا في النزاع السوري. فالزعماء الذي اجتمعوا في جنيف هم من معارضي النظام، وهناك البعض من داخل العشيرة نفسها مؤيدون لنظام بشار الأسد.
فالإخوة وأبناء العمومة قد يكونون على جانبي الصراع لكنهم على اتصال دائم فيما بينهم. واستخدم تنظيم الدولة النظام القبلي وتقرب من العشائر وزعماء القبائل الذين تعرضوا للإهمال من نظام الأسد أو من شعر بعض منهم بالغضب على استغلال النظام لمصادرهم الطبيعية مثل الغاز والنفط ولم يستفيدوا من هذه الثروات.
ويشك زعماء العشائر في النوايا الأمريكية. ويقول الشيخ عايض: “تحدثت بنفسي مع جماعة الجنرال ألن عندما طلبوا من مقاتلينا الانضمام والقتال ضد داعش”. وأضاف: “الحقيقة أننا نقاتل داعش بأنفسنا وفعلنا هذا من دون دعم أمريكي أو غطاء”. وتساءل الشيخ عايض عن السبب الذي يدعو أمريكا لدعم الأكراد والشيعة في العراق وليس العرب: “لماذا يقدمون الدعم الجوي للمقاتلين الأكراد والشيعة في العراق وليس لنا. وأخبرنا الأمريكيين أننا سنفكر فيما قالوه لنا عندما يعاملوننا بطريقة متساوية. ولكن الحوار سيستمر ولم ندر ظهورنا للأمريكيين بعد”.
وتحدث عايض عن ممارسات تنظيم الدولة في بلدته تدمر التي كان يعيش فيها، والتي تعرض تراثها القديم للتدمير واستخدم المسرح الروماني كساحة إعدام، قائلا: “طبعا نريد حماية تراثنا وسيتم طرد داعش”.
وتساءل: “لماذا لم يقصفهم الطيران الأمريكي عندما تقدموا نحو تدمر؟ ولم يتم التشاور معنا حول ما كانوا يفعلون” أي رجال داعش.
وبشكل عام يشتكي زعماء العشائر السورية من أن الأمريكيين يطلبون منهم مواجهة تنظيم الدولة في الوقت الذي يطلقون فيه التصريحات اللفظية لمواجهة الأسد. ويقولون إن السبب هو حاجة باراك أوباما للإيرانيين داعمي نظام الأسد الرئيسيين. في إشارة للمحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية.
ويقول الشيخ إرهيمان كوان عريبة من العكيدات: “على الولايات المتحدة حماية العراق بعد الفوضى التي خلقوها هناك ويريد أوباما توقيع صفقة نووية مع إيران لتكون إرثه السياسي”، وأضاف: “ومن تمت التضحية بهم من أجل هذا هم السوريون. وكذلك السياسات الطائفية لنوري المالكي والأسد التي أوجدت هذا الوضع المريع”.
وكشف الشيخ: “أنا وإخواني الشيوخ نحظى بدعم حوالي 300.000 شخص من عشائرنا المباشرة وعدد كبير آخر من العشائر الممتدة وفروع القبيلة. واكشتفنا أن لدينا مسؤولية وعلينا التحرك. ولو أراد النظام سلاما فنحن بالطبع سنناقشه. ولكننا لم نشاهد إشارات عن جدية النظام للحوار”.