كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أسباب تمدد داعش وانتشاره في سوريا والعراق دون غيرهما من الدول.
وقال المرصد إن الفتنة الطائفية والنزاعات المذهبية تمثل عنصرا حيويا لدى التنظيم، حيث تمثل بيئة الصراعات والنزاعات الطائفية البيئة الأنسب له ولمقاتليه للتمكن والسيطرة على المناطق المختلفة، والدليل على ذلك كون التنظيم لم يستطع الدخول إلى المناطق التي يصعب فيها إثارات النعرات المذهبية والطائفية، بل يمكننا القول إن الصراعات المذهبية والطائفية في سوريا والعراق كانت من أهم مبررات وجود التنظيم هناك وتمدده.
وأكد المرصد أن الفتنة الطائفية تمثل عنصر الارتكاز في استراتيجية التنظيم الإرهابي، فهي مبرر الوجود ودافع الاستمرار، وأداة الإنهاك والإضعاف في مواجهة خصوم التنظيم، وقد شاهدنا المحاولات المستميتة للتنظيم لإثارة النعرات الطائفية في مصر من خلال التحريض على قتال المسيحيين واستهداف كنائسهم، وهو الأمر نفسه في المملكة العربية السعودية والكويت، حيث قام التنظيم بعدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت مساجد يقصدها الشيعة هناك من أجل إثارتهم ودفعهم لقتال السنة، ومن ثم الدخول في صراعات مذهبية وحروب أهلية تمكن التنظيم من الدخول إلى تلك الدول والتمدد فيها والانتقال إلى غيرها.
وقال المرصد إن تفجير تنظيم “داعش” لكنيسة “أم المعونة” وسط مدينة الموصل العراقية يأتي في إطار محاولات التنظيم وسعيه الدؤوب نحو إثارة النزاعات الطائفية والمذهبية في المنطقة، لضمان استمراره وحصوله على المزيد من المقاتلين على أسس طائفية وعرقية.
وأضاف أن تفجير الكنيسة يعكس إجرام التنظيم وعداءه لدور العبادة لكافة الأديان على حد سواء، ولا يعبر بأي حال من الأحوال عن الإسلام والمسلمين، حيث إن هدم الكنائس أو الاعتداء عليها من المحرمات التي ذكرها الله تعالى، بل إن تأمين دور العبادة كالمساجد والكنائس والمعابد من مهام المسلمين والمواطنين كافة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يهدم معبدا ولا كنيسة ولا صومعة في الحروب التي خاضها.
وأكد المرصد أن هدم الكنائس وتفجيرها هو من المحرمات الشرعية التي تعرضت للتدليس على أيدي جماعات العنف والتكفير، وإلا فكيف يُقرّ الإسلام أهل الذمة على بقائهم على أديانهم وممارسة شعائرهم ثم يأمر– وفق تصورات هؤلاء – بهدم دور عبادتهم وتفجيرها؟ مضيفا أن الهدم والتفجير لدور العبادة هو مخالف لمبادئ الإسلام ومقاصده العليا.
وأضاف أن الإسلام ترك الناس على أديانهم ولم يُجبِرْهم على الدخول فى الإسلام قهرا، فقد سمح لهم بممارسة طقوس أديانهم في دور عبادتهم، وضمن لهم من أجل ذلك سلامة دور العبادة، وأَوْلاها عناية خاصة، فحرم الاعتداء بكافة أشكاله عليها، بل إن القرآن الكريم جعل تغلُّب المسلمين وجهادهم لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكين الله تعالى لهم فى الأرض سببا في حفظ دور العبادة – سواء أكانت للمسلمين أم لغيرهم- من الهدم وضمانا لأمنها وسلامة أصحابها.
ودعا المرصد إلى تضافر الجهود وتكاتف المجتمع الدولي والمحلي لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي واعتداءاته المستمرة على دور العبادة في مختلف الدول العربية والإسلامية، وصد محاولاته المتكررة والخبيثة من أجل بث مشاعر الكراهية بين مختلف الطوائف والمذاهب المتعايشة في المنطقة، فدون فتنة طائفية ونزاعات مذهبية لا يمكن لهذا التنظيم أن يتواجد، فضلا عن أن يستمر ويتمدد.